شبهة وجوابها (نسخ الرجم للزاني المحصن)

- قلت له: كيف تدعي نسخ الرجم وقد رجم الصحابة بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهم أعلم الأمة بالناسخ والمنسوخ؟

- قال: لم يصح في رجم الراشدين حديث.

- قلت: روى البخاري: حدثنا آدم حدثنا شعبة حدثنا سلمة بن كهيل قال: سمعت الشعبي يحدث عن علي رضي الله عنه حين رجم المرأة يوم الجمعة، وقال: «قد رجمتها بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم».

- قال: الشعبي إنما أدرك عليا صغيرا.

- قلت روى ابن سعد في الطبقات عن السري بن إسماعيل قَالَ: سَمِعْتُ الشَّعْبِيَّ يَقُولُ وُلِدْتُ سَنَةَ جَلُولاءَ. وجلولاء كانت سنة 17هـ، واستشهاد أمير المؤمنين علي كان سنة 40. وهي رواية ضعيفة منكرة كما قال الذهبي. لكن قد أثبت الحاكم رؤيته لعليفقد نقله ابن حجر عنه في (التهذيب) أنه قال: ولم يسمع [يعني الشعبي] من عائشة ولا من ابن مسعود ولا من أسامة بن زيد ولا من علي إنما رآه رؤية. فقد أثبت له الرؤية ولم يثبت له السماع.

وحديث البخاري في شقه رواية تاريخية وهي (حين رجم المرأة يوم الجمعة) فإثبات الرجم لا يحتاج إلى سماع وإنما حضور، وشقه الآخر سماع وهو قوله: "وقال: لقد رجمتها بسنة رسول الله".

وقد أثبت البخاري برواية هذا الحديث سماع الشعبي من أمير المؤمنين علي، لأن من شرطه ثبوت الرؤية لا إمكانها، وأثبته أيضا الدراقطني، قال: لم يسمع الشعبي من علي إلا حرفا واحدا ما سمع غيره.

قال ابن حجر: كأنه عنى ما أخرجه البخاري في الرجم عنه عن علي حين رجم المرأة قال رجمتها بسنة النبي صلى الله عليه وسلم.اهـ قلت: بل هو بعد إيراد حديث الشعبي برواياته.

وعلماء الحديث يقولون: المثبت مقدم على النافي.

وقد روى الحاكم في المستدرك ما يؤكد حضور الشعبي للرجم فقد روى بسنده عن إسماعيل بن أبي خالد، قال: سمعت الشعبي وسئل: هل رأيت أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه، قال: رأيته أبيض الرأس واللحية، قيل: فهل تذكر عنه شيئا؟ قال: نعم أذكر أنه جلد شراحة يوم الخميس ورجمها يوم الجمعة، فقال: «جلدتها بكتاب الله ورجمتها بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم» قال الحاكم وهذا إسناد صحيح. ووافقه الذهبي.

وقال الخطيب البغدادي: ولد [يعني الشعبي] لست سنين خلت من خلافة عمر بْن الخطاب، وسمع علي بْن أبي طالب، والحسن والحسين ابني علي، وعبد اللَّه بْن جعفر بْن أبي طالب، وعبد اللَّه بْن عَبَّاس، وعبد اللَّه بْن عمر، وعبد اللَّه بْن عمرو، وعبد اللَّه بْن الزبير، وأسامة بْن زيد، وجابر بْن عبد اللَّه، والبراء بْن عازب، وأنس بْن مالك، والنعمان بْن بشير، وغيرهم من الصحابة.

- فال: قال الحازمي: لَمْ يُثْبِتْ أَئِمَّةُ الْحَدِيثِ سَمَاعَ الشَّعْبِيِّ مِنْ عَلِيٍّ.

- قلت: هو أيضا نفي للسماع لا نفي للرؤية، وأزيدك: وكذلك فعل ابن الجوزي وابن حزم، كلهم نفوا السماع لا الرؤية، وإثبات رجم عليٍّ شُراحة إنما هو بالرؤية لا السماع.

وضع في اعتبارك أن سند البخاري فيه شعبة بن الحجاج، وهو من هو، فضلا عن أن من شرط البخاري ثبوت السماع عنده لا الاكتفاء بإمكانه، كما قال العلائي: عامرُ بنُ شَرَاحيل الشَّعْبيُّ ، أحد الأئمة ، روى عَن عَليّ رَضِي الله عَنهُ وَذَلِكَ فِي "صَحِيح البُخَارِيِّ"، وَهُوَ لَا يَكْتَفِي بِمُجَرَّد إِمْكَان اللِّقَاءِ.

ثم إن رجم علي رضي الله عنه شراحة قد روي من غير طريق الشعبي فقد رواه الطحاوي عن حبة العرني ومن طريق الرضراض بن أسعد وابن أبي ليلى ثلاثتهم عن علي.

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين