سيرة عطرة ومسيرة طيبة لفضيلة الشيخ محمود النورو (حفظه الله)

 

من علماء بلدة منغ، ذوي الصلاح والسمعة الحسنة 

 

المعلومات الشخصية

الاسم: محمود محمد نور عثمان.

الشهرة: (الشيخ محمود النورو) نسبة لاسم والده (محمد نور).

مواليد: (منق/ منغ)، 1935م.

المحلة: بلدة منغ، منطقة أعزاز، محافظة حلب، سوريا.

الحالة الاجتماعية 

متزوج، بامرأة من الدانا ولم يرزق منها بأبناء، وقد تزوجها بعد وفاة زوجته الأولى السيدة (فاطمة راغب حميدو) والتي توفيت عام 2005م رحمها الله، وله منها من الأبناء ثلاثة (محمد نور) و(عبد الباسط) استشهد عام 2013، و(سعد)، وله منها من البنات ست، توفيت اثنتين منهن، وبقيت أربع. وأبناؤه وبناته كلهم متزوجون. (أقر الله عينه بهم).

النسب

محمود بن محمد نور بن أحمد بن (عثمان)، وقد قدِم جده (عثمان)، من دير الزور مع أخيه (جبران) الذي سكن قرية (كفر كلبين) بينما سكن (عثمان) في (بلدة منغ)، وكان مجيئهما من دير الزور حوالي عام 1870م. و(عثمان)، هو الجد الأكبر (لبيت عثمان) في بلدة منغ، وقد كان له من الأبناء (أحمد جد الشيخ)، و(إبراهيم)، و(مصطفى)، و(عبد اللطيف)، و(القاسم)، و(عبد الرحمن)، و(الآغا). 

ويتحدر جد فضيلة الشيخ (عثمان) من أسرة عريقة، من فخذ البو صالح، من (قبيلة البقارة/ البكارة)، وقبيلة البقارة أو البكارة هي قبيلة عربية، من قبائل الفرات تنتشر بين العراق وسوريا والأردن وتركيا.

وشجرة نسب (بيت عثمان)، مكتوبة بخط اليد ومصدقة من الباب العالي في السلطنة العثمانية، وفيها أن البقارة في سوريا والعراق هم من الأشراف الحسينيين، متصلين بنسبهم إلى السيد جعفر الصادق بن محمد الباقر بن علي زين العابدين بن الحسين بن علي بن أبي طالب، رضي الله عنهم أجمعين.

وقد كانت هذه الشجرة لنسب (بيت عثمان)، محفوظة عند السيد (محمد جمعة عثمان)، أبو جمعة رحمه الله، حيث كان كبير (بيت عثمان)، وأبرز وجوههم، كما كان من المعروفين في بلدته منغ، وريف حلب.

النشأة

ولد فضيلة الشيخ في بلدة منغ، ونشأ وترعرع في ربوعها، وكان والده محمد نور، رجلا تقيا ورعا زاهدا من بسطاء المسلمين يحبه أهل البلدة جميعا، وكان مزارعا يعيش من عمل يديه، وقد توفي ولا زال فضيلة الشيخ في السنة الأولى من عمره، فعاش يتيما في كنف والدته السيدة (ريمة حميدي)، وكانت من خيرة نساء القرية دينا وتقى ونسبا، نِعْمَتِ الأم والمربية والمضحية، حيث كانت تعمل بيديها في الأرض لتعيل به وبأخيه الشقيق عبد القادر. 

وقد بدأ فضيلة الشيخ بطلب العلم باكرا في كُتَّاب القرية على يدي الأستاذ (النصوحي) المعروف في البلدة حينها، حيث تعلم القراءة ومبادئ الحساب، وعندما كبر فضيلة الشيخ واشتد عوده أرسلته والدته إلى حلب لينهل العلم الشرعي في (المدرسة الشعبانية)، حيث كانت ملاذ طلاب العلم من كل أنحاء سوريا. ودرس فضيلة الشخ أربع سنوات في (المدرسة الشعبانية)، حيث تلقى فيها العلوم الشرعية والعربية والحساب، كما كانت تلك المدراس تدرس طلابها، وأنهى دراسته في (المدرسة الشعبانية)، عام 1953م. 

وبعد أن تخرج فضيلة الشيخ من المدرسة الشعبانية، بدأ بالدعوة إلى الله في المساجد والبلدات، حيث بدأ مشواره الدعوي بمسجد في بلدة حزوان، لمدة ثلاث سنوات، ثم بمسجد في بلدة آناب، لمدة عشرين سنة، من عام 1960– 1680م، ثم بمسجد في بلدته (منغ)، لمدة (12 سنة)، متقطعة تخللها ذهابه إلى مدينة الطبقة مدة (3) سنوات، ثم بمسجد (العلقمية)، قرب بلدة منغ (لمدة سنتين). 

وبعد هذه الرحلة الدعوية الطويلة ومع تقدم العمر لفضيلة الشيخ، أقام مع أبنائه في بلدة منغ، إلى أن قامت ما يعرف اختصارا باسم (داعش) باجتياح الريف الشمالي، مما اضطره للنزوح، إلى مخيم العثمانية، بتركيا، وهناك استأنف الشيخ نشاطه الدعوي رغم تقدم عمره، حيث بدأ يخطب الجمعة في المخيم، ويصلي بالناس إماما، ويعظ الشباب ويحرضهم على اللحاق بركب الجهاد المبارك في سوريا لتحريرها من النظام اللاشرعي وأعوانه من أمثال ما يعرف اختصارا باسم (حالش)، والمليشيات الطائفية، والمرتزقة، وغيرهم من أذرعته المجرمين.

الشيوخ

تتلمذ فضيلة الشيخ على يد عدد من علماء ومشايخ حلب، ومن أبرز مشايخه الذين نهل منهم العلم، وكان لهم فضل في صقل معارفه الشرعية، (فضيلة العالم الرباني الشيخ عبد الله سراج الدين رحمه الله)، و(فضيلة الشيخ بكري رجب رحمه الله)، و(فضيلة الشيخ محمد غشيم رحمه الله)، و(فضيلة الشيخ محمد معدل رحمه الله)، و(فضيلة الشيخ سامي بصمه جي رحمه الله)، و(فضيلة الشيخ السرميني رحمه الله).

العمل

قضى فضيلة الشيخ حياته في الدعوة إلى الله متنقلا في المساجد، إماما وخطيبا ومعلما للعلوم الشرعية، ومربيا للأجيال، وقد قام بأنشطته الدعوية في المساجد التالية:

1- مسجد، ببلدة حزوان، من نواحي منطقة الباب، شمال شرق حلب، مدة (3) سنوات. 

2- مسجد، ببلدة آناب، من نواحي منطقة عفرين، شمال حلب، وقد مكث فيها (20 سنة) من عام 1960– 1680م. 

3- مسجد، ببلدته الأم (منغ)، لمدة (12 سنة)، متقطعة تخللها ذهابه إلى مدينة الطبقة مدة (3) سنوات.

4- مسجد (العلقمية)، قرب بلدة منغ (لمدة سنتين).

5- مسجد مخيم (العثمانية)، بتركيا.

النشاط الثوري والحراك الشعبي

فضيلة الشيخ من العلماء الذين كان لهم دور كبير وسري، في توعية الشباب وحثهم على الانخراط في صفوف النشطاء الثائرين، وصفوف جماعة الإخوان المسلمين، أيام الثورة السورية الأولى في الثمانينات، للخلاص من النظام اللاشرعي، وكان من جملة تلاميذه المقربين الذين يستشيرونه في كل شيئ الشهيد (جمعة الربيع) تقبله الله، والسيد (طاهر ناصيف) تقبله الله، والشهيد (شعبان عثمان) تقبله الله، والشهيد (عبد الرحمن عثمان) تقبله الله، والسيد (خليل ناصيف) تقبله الله، والسيد (مهدي حجازي) حفظه الله، والسيد (إبراهيم إسماعيل) حفظه الله، والأستاذ الدكتور (عبد العزيز الحاج مصطفى) حفظه الله، وغيرهم من الثائرين والنشطاء من كوادر الإخوان المسلمين في البلدة.

وعند اندلاع الثورة السورية الثانية، كان فضيلة الشيخ من جملة المحرضين للناس ولأولاده وأحفاده وتلاميذه للحاق بها من بدايتها، حيث عدها فرصة للتخلص من النظام اللاشرعي، وقد ضرب فضيلة الشيخ المثل الأعلى في المشيخة الصادقة المقترنة بالأفعال حيث انشق ابنه البكر ( محمد نور أبو محمود) عن جيش النظام اللاشرعي، وذلك في منتصف عام 2012، وكان قد أخرج معه (35) عسكريا منشقا عن ذاك النظام اللاشرعي، وكانوا من مختلف محافظات سوريا الجريحة، كما قدم فضيلة الشيخ باكرا حفيده (عبد الباسط) ابن ابنه محمد نور، شهيدا في حصار مطار منغ العسكري، ثم قدم ابنه (عبد الباسط) والذي استشهد في قصف لمنزله من قبل طيران نظام الأمر الواقع.

وتتابع موكب الشهداء من أبناء بلدة منغ الأبية الصامدة الصابرة المجاهدة على درب الجهاد والحرية والثورة، وكان من جملتهم تلاميذه المقربين محمد حجازي أبو الفاروق وإسماعيل حجازي وعمر عبد الرحمن وغيرهم، من الشباب المؤمن الصادق، من كل العوائل الكريمة، في بلدة منغ، ممن تربى على يدي الشيخ أو رافقه أو صلى خلفه، سنوات طويلة وسمع خطبه ودروسه، في أيام الجمع والمناسبات، تقبلهم الله جميعاً.

العلاقات الاجتماعية

أقام فضيلة الشيخ علاقات طيبة مع الناس جميعا، ففي كل بلدة نزلها أحبه أهلها حبا جما، وأحبهم أيضا، ولا زال كبار أهالي تلك البلدات يزورونه ويدعونه إلى مناسباتهم، حبا وودا ووفاء، وخصوصا أهالي بلدة (آناب)، والتي قضى فيها (عشرين سنة) من عمره، داعيا ومعلما ومربيا ومصلحا، وقد كانت تلك البلدة عند وصول فضيلة الشيخ إليها، تسودها ظاهرة المشاكل بين الناس، فنشط فيها بعون من الله ثم بحسه الإصلاحي ومكانته المرموقة وروحه الطيبة، وقضى على تلك الظاهرة، وبات الناس آمنون في حياتهم، فما من مشكلة يتدخل فيها فضيلة الشيخ مصلحا إلا وتحل وتنتهي بفضل الله، مما زاد في مكانته عندهم.

وللشيخ مكانة كبرى في قلوب أهالي بلدة (منغ) جميعا، يحفظون له الود والاحترام، وقد تتلمذ على يديه عدد من شباب البلدة، حيث نهلوا منه العلوم الشرعية، والعربية، مع التربية الإيمانية، والأخلاقية.

وختاما لا يسعنا إلا أن ندعو الله لشيخنا الحبيب، بأن يحفظه ويمده بالصحة والعافية ويعينه على مواصلة مشواره الدعوي ويجزل له الثواب، وأن يجعلنا وإياه من المتحابين في جلاله، وأن يحشرنا وإياه تحت ظل عرشه، على منابر من نور، وأن ينصر شعبنا ويعجل بخلاصه من نظام الأمر الواقع اللاشرعي.

 

12 رجب 1437ه

20/4/2016م

 

جمع معلوماتها حفيده المحامي: محمود عثمان.

راجعها وأعاد صياغتها وتبويبها وكتابتها: الباحث خالد محمد عبد الله.