أسئلة بيانية (32) سرُّ ذكر ﴿إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى﴾ في سورة الشورى

قال تعالى في سورة يونس: ﴿وَلَوْلَا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ فِيمَا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ﴾ [يونس: 19]، وقال في سورة هود: ﴿وَلَوْلَا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ﴾ [هود: 110]، وقال في سورة فصلت: ﴿وَلَوْلَا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ﴾ [فصلت: 45]، وقال في سورة الشورى: ﴿وَلَوْلَا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ﴾ [الشورى: 14].

سؤال:

لماذا قال في آية الشورى: ﴿إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى﴾، ولم يقل مثل ذلك في بقية الآيات؟

الجواب:

إن الآيات في يونس وهود وفصلت إنما هي في أمَّة واحدة، والقضاء يمكن أن يكون بينهم عاجلاً أو آجلاً.

أما آية الشورى فهي في أمم مختلفة أكثرها هالك فلا يمكن القضاء بينهم في الدنيا، وإنما يقضي بينهم في الآخرة، وهو الأجل المسمَّى لذلك.

وإيضاح ذلك أنه قال في سورة يونس: ﴿وَمَا كَانَ النَّاسُ إِلَّا أُمَّةً وَاحِدَةً فَاخْتَلَفُوا وَلَوْلَا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ فِيمَا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ﴾ [يونس: 19]، فهي أمَّة واحدة اختلفت والقضاء بينهم ممكن لأنهم أمَّة واحدة مختلفة.

وقال في سورة هود: ﴿وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ فَاخْتُلِفَ فِيهِ وَلَوْلَا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّهُمْ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مُرِيبٍ﴾ [هود: 110]، وهذه الآية في بني إسرائيل حين اختلفوا في الكتاب، والقضاء بينهم ممكن في الحياة الدنيا، ونحوها آية فصلت فإنها تطابق آية هود، قال تعالى في فصلت: ﴿وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ فَاخْتُلِفَ فِيهِ وَلَوْلَا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّهُمْ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مُرِيبٍ﴾ [فصلت: 45].

وأما آية الشورى فهي في سياق أمم مختلفة متعاقبة منها أمم مندثرة هالكة فكيف يكون القضاء بينها في غير اليوم الآخر وهو الأجل المسمى؟ قال تعالى:﴿شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ اللَّهُ يَجْتَبِي إِلَيْهِ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ يُنِيبُ * وَمَا تَفَرَّقُوا إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ وَلَوْلَا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِنْ رَبِّكَ إِلَى أَجَلٍ مُسَمًّى لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ أُورِثُوا الْكِتَابَ مِنْ بَعْدِهِمْ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مُرِيبٍ﴾ [الشورى: 13-14]، فناسب كل تعبير مكانه.

 

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين