زيارة لعلماء حمص (1)

صبرا عليَّ فالمنشور اليوم طويل لكثرة من ذكرتهم وباختصار

قد تكون المدن السورية كلها نسخة طبق الأصل عن بعضها باستثناء الأمكنة والأسماء وعندما اذكر عن علماء حمص كأني اذكر عن علماء دمشق وحماه وحلب ودير الزور ودرعا واللاذقية وغيرها. اللهم فرِّج عن حمص وجميع أخواتها يا رب العالمين فرجا عاجلا وكاملا وشاملا يا رب العالمين. 

وعدتكم - ووعد الحر دين -أن أزور بمعيتكم اولئك الأعلام، ولنخرج من الجامع النوري الكبير من الباب الغربي وإذا بنا نرى في الزاوية الجنوبية الغربية دكان الشيخ عبد القادر الخوجة رحمه الله تعالى حيث مازلت أذكر طلعته البهية قبل وفاته، اظن عام 1950 هذا العالم الحليل الذي أجمع العلماء السوريون على جلالة قدره وباعه الطويل في الفقه وخصوصا فقه السادة الحنفية، هذا الرجل من الرجال المعدودين الذين كانوا يحلون رموز حاشية ابن عابدين وأسرارها في الفقه الحنفي ولن أترجم المشايخ اليوم لأن الجولة سريعة خصوصا وانى قد ترجمت كثيرا منهم ترجمة موسعة نوعا ما وبعد وفاته جلس في الدكان ابنه المرحوم الشيخ حسن الخوجة رحمه الله. 

والذي يهمني هو قرب العلماء من الناس فكان المستفتون للشيخ أكثر من الزبائن، ولما اقول زبائن لا تظنوا أن الشيخ تاجر عظيم، فدكانه دكان سمان ( مال قبان ) كما يقولون في حمص ارز سكر شاي إضافة إلى أكفان الموتى وما يلزمها حيث كان متخصصا بها لفقهه بها رحمه الله، وعند الظهيرة كنت ترى كثيرا من المشايخ يمرون بالشيخ ليسالوه عن معضلة فقهية صعب عليهم حلها او ليبحثوا معه مشكلة حصلت في البلدة ليس لها حل الا عند العلماء وعلى يمينه بايع الزيت الرجل المعمر الصالح الناصح عبد الستار الأبرش ابو محمد رحمه الله تعالى وعلى يسار دكان الشيخ عبد القادر دكان لبيع الاحذية فيها الشيخ محمود مندو ابو كامل وأخواه رحمهم الله وكثيرا ماكنت تجد والدي عندهم كما تجد الشيخ ابو السعود بسمار ذلك لأن المحل له مهمة أخرى وهو دراسة القرآن الكريم وتدريس قراءاته.

ثم إذا دخلت إلى سوق الفرواتية تجد على يسارك الشيخ الصالح والرباني الحق إسماعيل السباعي رحمه الله شيخ الرائحة الطيبة ماء الزهر وماء الورد الاصلي ومقابله الشيخ عبد المؤمن الشيخة صاحب المكتبة المعروفة ، وبعد عدة امتار وعلى اليمين دكان شيخي وعمي الشيخ محمود جنيد، هذه الدكان التي كل بضاعتها لا تعدل شيئا في الميزان التجاري كل زبائنها إما طلاب يدرسون عنده او مستفت يسأله عن حكم شرعي او متخاصمون وقد يكونون تجارا نصارى لا يجدون حلا يرضي مسلمهم ونصرانيهم الا عند الشيخ محمود رحمه الله، وإذا رأيت أناسا اكثر على باب الدكان فمنهم امراة محتاجة تأخذ خبزها من عند الشيخ او امرأة معها ولدها وقد ارتفعت حرارته تطلب من الشيخ أن يرقيه لها ومع هؤلاء وهؤلاء يمر بعض المشايخ الكبار ليدرسوا مع الشيخ أمرا ضروريا فقهيا أو اجتماعيا. 

والمحل لا يستوعب كل من ذكرت فكثير ممن ذكرتهم واقفون على باب المحل أنها زيارة سريعة فالمكان لا يحتمل طول الزيارة لضيقه وكثرة قاصديه ولنمش عدة أمتار إذا بنا في دكان الشيخ المعمر الشيخ الصالح عبد الجليل مراد ابو عبد الرحمن رحمه الله ولا يخطر على بالكم تعب من شمس وحر فالسوق مسقوف وبارد ولا شمس ولا حر ولا برد، ثم نمر بعده على الشيخ نسيت اسمه من آل رمضون بائع مناخل رجل ترى النور في وجهه، ثم وبعد عدة امتار دكان بيت الشيخ محمد المحمود الأتاسي ولا انسى سماحة المفتي الشيخ محمد بدر الدين الأتاسي وإخوانه رحمهم الله ومحلات لمشايخ آل الاتاسي، ثم محلات بيت عيون السود الشيخ نجيب وغيره وكلهم علماء وفقهاء وصالحون، ثم نشرب القهوة عند الحاج طه المسدي، ولا بد ان تشربها بمعية بعض المشايخ الذين يمرون به واولهم شقيقه الشيخ عبد الفتاح المسدي رحمه الله أبو عبد الكافي، ولا أنسى أن أمر بالشيخ مؤيد شمسي باشا أبو نور الدين وأخوه الشيخ نصوح أبو سميح رحمه الله تعالى شيخي السادة الحنابلة.

وإذا زرنا سوق المعصرة وصعدنا الدور الأول فسنجد الشيخ الرباني الخياط الشيخ محمد طيارة رحمه الله وبجانبه الرجل الصالح الخياط جليس العلماء الشيخ عبد القادر حاكمه أبو رفيق الذي اشتهر بحبه للصالحين وحب الصالحين له ذلك الرجل ا لحاتمي بكرمه ويندر أن تدخل على هذين الرجلين الطيارة وحاكمه إلا وتجد عندهم مشايخ وصالحين وكأنك في درس في المسجد وليس في دكان خياط، ولا انسى الشيخ محمد طليمات وإخوانه رحمهم الله، ذلك الرجل العالم والداعية المبارك الذي كان خطيب جامع الدروبي بعد الشيخ المعمر والرباني الشيخ عبد الغني عيون السود أبو نجيب رحمه الله الذي كان خطيبا قبل الشيخ محمد طليمات، وللعلم فقد صرت خطيب هذا المسجد بعد الشيخ محمد طليمات، ثم استلمه بعد سفري الشيخ عبد الوكيل جوخدار رحمه الله تعالى.

سبحان الله ذكريات طيبة مباركة وصدقوني ان عشرات من رجالات حمص ممن يشار إليهم بالبنان صلاحا وتقوى وفضلا وعلما موجودون في هذه المنطقة المركزية القديمة ثم لا انسى ان امر على سوق القيسرية ( القيصرية) لنزور الشيخ المعمر الشيخ محمد حسون النجار رحمه الله وعلى يمينه الشيخ أحمد عباس رحمه الله وهنا تجد رجلا صالح وشيخا قرآنيا يعمل محاسبا عند الحاج علاء الدين الحسامي رحمه الله تعالى تحسبه رجلا بسيطا لكنه عالم بالقراءات القرآنية ذلك الرجل هو الحافظ الجامع والزاهد الورع الشيخ محمد الفين رحمه الله ابو حافظ الصيدلي، ولن انسى هنا في سوق القيصرية دكان الرجل الصالح الشيخ الزاهد والفقيه عبد الرزاق بن الشيخ عبد الغفار عيون السود رحمهم الله، واما الحاج والقارئ الشيخ عبد السلام مصطفى عباس رحمه الله فكان يجلس عند ولده مصطفى في المكتبة القريبة من دكان الشيخ عبد القادر الخوجة واختم بالشيخ الاديب الظريف الشيخ عبد الله الزهري اليافي ابو نصوح رحمه الله تعالى 

سامحوني 

وللعلم فإن الذي يشوش عليَّ كتابتي وأحمل همه هم واحد وهو أن أتهم بأنني ذكرت فلانا ولم اذكر آخرين وأعتقد انكم تعلمون حبي للجميع، لكنه السهو أو النسيان فاعذروني بارك الله بكم 

والخلاصة التي أردتها أن أهل حمص إذا لزمتهم فتوى أو استشارة أو مسالة يلزمها رأي حصيف ما كانوا يجدون عظيم عناء في البحث عن عالم او مصلح وذلك لأمرين اولا لكثرة العلماء، وثانيا لقربهم من الناس 

واود لو تذكروني بمن لم أشر إليهم او لم اذكرهم فتعم الفائدة 

اللهم ارحم من ذكرتهم وبارك في ذرياتهم وعوض الامة خيرا، واجزهم عن الامة خير الجزاء ومرة أخرى فرجك يا كريم عن حمص وحماه وأخواتهما يا الله.

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين