رحيل شيخ الإذاعيين الإعلامي القدير زهير الأيوبي

(1358-1434هـ / 1939-2013م)


كتبها: أيمـن بن أحمد ذوالغـنى



غيَّب الموت الشهر الماضي في صمت الإعلاميَّ الكبير الأستاذ الدكتور (زهير الأيوبي) في مدينة الرياض بالمملكة العربية السعودية، عن ستٍّ وسبعين سنةً رحمه الله. وكانت الصلاة عليه عصر الخميس 8 من شوَّال 1434هـ (15/ 8/ 2013م).
ويعدُّ الأستاذ الأيوبي من روَّاد الإعلاميِّين في الإذاعة والتلفزة والصِّحافة في سوريا ثم في السعودية، ومن روَّاد الصِّحافة الإسلاميَّة. وهو إداريٌّ ناجح، وداعية موفَّق، ومعدُّ برامجَ مبدع، ومقدِّمٌ إذاعيٌّ وتلفازيٌّ متميِّز، ذو صوت رخيم، ونبرة آسِرة، وفصاحة وحُسن بيان.
 
وله اليد الطولى والفضل الأعظم في إقناع أديب الفقهاء الشيخ علي الطنطاوي بتدوين ذكرياته التي صدرت بعدُ في ثمانية أجزاء أثرَت المكتبةَ الأدبيَّة والتاريخيَّة المعاصرة.

والأستاذ زهير كُرديُّ الأُرومَة، أيوبيُّ العشيرة، سوريُّ النشأة، سعوديُّ الجنسيَّة.

ودونكم ترجمتَه( ):
هو أبو المجد محمد زهير بن عبد الوهَّاب بن محمد توفيق بن صالح آغا الأيوبي، نسبةً إلى السلطان المجاهد صلاح الدِّين الأيوبي( ) يوسف بن أيوب (ت 589هـ).
 
ولد زهير الأيوبي بدمشق في 14 ذو القعدة 1358هـ (25/ 12/ 1939م).
ونشأ في رعاية شيخه أحمد كفتارو بجامع (أبو النور)، ونبغ في وقت مبكِّر؛ وبدأ الخطابةَ في جوامع دمشقَ وهو ابن 13 سنة فقط! ونشط في العمل الدعويِّ بدمشق، واستمرَّ خطيبًا أكثر من عشر سنين.

أوتيَ حَنجرةً ذهبيَّة وصوتًا نديًّا فاتجه إلى العمل الإذاعيِّ عام 1958م، واختير مذيعًا أولَ في التلفاز السوريِّ عام 1960م، ومذيعًا أولَ في الإذاعة السورية عام 1961م. ومع سيطرة حزب البعث على الحكم واجهَ مضايقات كثيرة، ثم مُنع من تقديم التعليقات السياسيَّة! وشعر أن الأمر بلغ حدًّا لا يُطاق؛ فإما أن يتزلَّف إلى النظام الحاكم أو سيُحسب معارضًا له! فآثرَ الرحيل.    

ارتحل إلى المملكة العربيَّة السعودية عام 1964م، وتابع نشاطه الإعلاميَّ، فلقيَ قَبولاً واحتفاء فيها، وتبوَّأ منزلةً رفيعة تُوِّجت في عام 1393هـ/ 1973م بمرسوم ملكيٍّ أمرَ فيه الملكُ فيصل بن عبد العزيز آل سعود رحمه الله بمنحه وزوجته وأولاده الجنسيَّة العربيَّة السعودية.

شارك في افتتاح الإذاعة السعودية في غُرَّة رمضان عام 1384هـ/ 1964م، وبدأ عمله في التلفاز السعوديِّ أول افتتاحه عام 1385هـ/ 1965م، وعيِّن مديرًا لبرامج الإذاعة في الرياض عام 1968م، ثم أصبح أولَ مدير عامٍّ لإذاعة الرياض عام 1973م. وكلِّف العملَ مديرًا عامًّا لإذاعات المملكة؛ في الرياض وجُدَّة ومكة المكرَّمة.

وفي عام 1979م عمل مديرًا للإعلام الخارجيِّ، ثم استقالَ من وزارة الإعلام أيام الوزير محمد عبده يماني، وسافر إلى لندن، فأسَّس فيها وأصدر مجلَّة (المسلمون) ورأس تحريرَها عامي 1980 و1981م. وهي مجلَّة إسلاميَّة أسبوعيَّة رائدةٌ في أسلوبها وموضوعاتها، صدر منها (43) عددًا، وامتازت بحُسن إخراجها وجَودة طباعتها.

وبعد عودته من لندن أسَّس المدارسَ العربيَّة الإسلاميَّة الأهليَّة في مدينة الرياض، عام 1984م، وتولَّى إدارتها والإشراف عليها اثني عشر عامًا، وباتت من أرقى المؤسَّسات التعليميَّة في المملكة( ).

دراسته:
درس السنةَ التحضيرية لكليَّة الطبِّ بجامعة دمشق، ثم فضَّل دراسةَ القانون في الجامعة نفسها، ووصل إلى السنة الأخيرة. ولما اضطرَّ إلى مغادرة الشام بسبب الظروف السياسيَّة واستقرَّ به المقام في السعودية درس الشريعةَ في جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلاميَّة بالرياض، ثم حصل على شهادة (الماجستير) من المعهد العالي للدعوة والإعلام (كليَّة الدعوة والإعلام فيما بعد) نحو سنة 1980م. وعلى كثرة مشاغله والمسؤوليَّات المنوطة به أكمل دراستَه العليا ونال شهادةَ (الدكتوراه) من جامعة كراتشي عام 2000م عن رسالته: (اليهود في القرآن الكريم).

من برامجه:
أ- برامج إذاعيَّة:
- (تحيَّة الإفطار) ابتدأ بثُّه مع افتتاح الإذاعة في غُرَّة رمضان عام 1384هـ/ 1964م.
- (رَوح ورَيحان).
- (دعاة الخير).
- (يا أخي المسلم) ( ).
- (في ظلال القرآن) مستقًى من كتاب الأديب المفكِّر سيِّد قطب رحمه الله، أعدَّه وقدَّمه بطلب من المغفور له الملك فيصل بن عبد العزيز آل سعود.

ب- برامج تلفازية:
- (مجالس الإيمان) بدأ في إعداده وتقديمه من دمشق عام 1962م مدَّة سنة ونصف، ثم استكمل إعدادَه وتقديمَه من تلفاز المملكة العربيَّة السعودية عام 1965م، واستمرَّ أكثر من 15 عامًا. وقد حظي بقَبول كبير وشُهرة واسعة، ونال المرتبةَ الأولى بين البرامج الدينيَّة التوجيهيَّة في مِهرجان البرامج التلفازية الأول في الكويت عام 1980م( ).
- (الندوة) برنامَج توجيهيٌّ جماهيريٌّ، أعدَّه وقدَّمه من تلفاز الشارقة الذي افتتحه وأشرف عليه عام 1989م.
استضاف في هذين البَرنامَجين كبارَ رجال العلم والفكر والدعوة، ورجال القضاء والتربية والإعلام، من المملكة وسائر بلاد العرب والإسلام.
- (في هدأة السحَر) برنامَج من إنتاجه وتقديمه.
- (دعاء) برنامَج يعرض نخبةً من الأدعية المأثورة من إنتاجه وتقديمه.
- (صور من حياة التابعين) مسلسل تمثيليٌّ تاريخيٌّ إسلاميٌّ، من إنتاجه وإشرافه، يصوِّر مواقفَ خالدةً من حياة التابعين رضي الله عنهم، مستقًى من كتاب الأديب الكبير د. عبد الرحمن رأفت الباشا بالعنوان نفسه. عُرض في تلفزة عدد من الدول العربيَّة؛ السعودية وسوريا ودبي وأبو ظبي وفلسطين ولبنان وتونس.
- (وقَفات للذِّكرى) برنامَج توجيهيٌّ إسلاميٌّ، استقى مادَّته من التاريخ الإسلاميِّ المشرق، أعدَّه وقدَّمه لتلفاز الإمارات.
- (أولئك آبائي) برنامَج يوميٌّ رمضانيٌّ أعدَّه وقدَّمه من قناة الشارقة الفضائيَّة طَوال شهر رمضان من عام 1419هـ / 1998- 1999م.

كتُبه:
- (تحيَّة الإفطار).
- (وقَفات للذِّكرى).
- (دعاء).
- (أولئك آبائي) جزءان.
وهي جميعًا في أصلها حلَقاتُ برامجَ قدَّمها في الإذاعة والتلفزة.
وله كتبٌ أخرى ما تزال مخطوطة، منها الجزء الثالث من (أولئك آبائي) وهو جاهز للطباعة، و(الصفحة السابعة)، و(سوانح رمضانيَّة) و(السلام عليكم).

وله عشَرات المقالات الصحفيَّة أكثرها نُشر في صحيفة (الجزيرة) السعودية.

أسرته:
والده عبد الوهَّاب (1327-1386هـ/ 1909-1966م): كان يعمل في (الدَّرَك) شرطة الأرياف، متنقِّلاً بين عدد من الأماكن منها دوما ورنكوس وعين الفيجة وجبل الأكراد ودير صوَّان... حتى استقرَّ بدمشق.
ووالدته فخرية شيخو: من عشيرة كُردية شهيرة.
وزوجته نديدة شَمدين: حفيدة زعيم الأكراد السوريين عمر آغا شَمدين.

وإخوته:
د. محمد زياد الدِّين، ولد عام (1946م): وزير الأوقاف السوريِّ سابقًا، إداريٌّ وداعية وخطيب، متخصِّص في التاريخ والدراسات الإسلاميَّة.
ومحمد صلاح الدِّين، ولد عام (1948م): درس في كليَّة العلوم بجامعة الملك سعود، وعمل نائبًا لأخيه زهير في إدارة المدارس العربيَّة الإسلاميَّة بالرياض.
وأحمد طارق، ولد عام (1954م): مهندس زراعيٌّ يعمل بدمشق.
وعلاء الدِّين، ولد عام (1958م): مذيع ومعدُّ برامجَ إذاعيَّة وتلفازية في سوريا، وهو مدير البرامج الدينيَّة في الهيئة العامَّة للإذاعة والتلفزيون السوري، ومدير قناة (نور الشام) الدينيَّة السورية. متخصِّص باللغة العربيَّة من جامعة دمشق.
وبراءة، ولدت عام (1952م): مديرة دار الرحمة للأيتام، التابعة لجمعيَّة الأنصار الخيرية.
وصبحيَّة، ولدت عام (1959م): معلِّمة عملت وكيلةً للمرحلة الأوليَّة في المدارس العربيَّة الإسلاميَّة بالرياض.

وله من الأولاد سبعة؛ أربعة بنين وثلاث بنات:
د. أحمد المجد( )، ولد عام (1971م): طبيب، رئيس قسم الطوارئ في مستشفى اليمامة بالرياض.
ود. أحمد، ولد عام (1979م): اختصاصيُّ تصوير أشعَّة طبيَّة، في مستشفى اليمامة أيضًا.
ود. عبد الوهَّاب، ولد عام (1983م): طبيب أطفال، في مدينة الملك سعود الطبيَّة بالرياض.
وعمر، ولد عام (1985م): مهندس كهرباء، متخصِّص بالطاقات البديلة، يعمل في أبحاث المدن الخضراء لدى شركة (شنايدر إلكترك) الفرنسيَّة العالميَّة بالرياض.
وخلود، ولدت عام (1972م): حاصلة على بكالوريوس تربية قسم الدراسات الإسلاميَّة, تعمل مديرة لمؤسَّسة تعليميَّة بالرياض.
وفخر، ولدت عام (1973م): حاصلة على ماجستير في الصيدلة السريرية، تعمل صيدلانيَّة إكلينيكيَّة بالعناية القلبيَّة، في مستشفى الملك خالد الجامعي بالرياض.
وسمحة، ولدت عام (1980م): متخصِّصة في الكيمياء الحيوية، حصلت على البكالوريوس والماجستير من جامعة الملك سعود، وتحضِّر الدكتوراه في جامعة (إمبيريال) بلندن.

مع الطنطاوي:
إن المَعلَمَة الأدبيَّة والتاريخيَّة النفيسة (ذكريات علي الطنطاوي) ما كانت لتَرى النورَ في صحيفة (المسلمون) ثم في (الشرق الأوسط) قبل أن تُطبعَ في كتاب= لولا إلحاحُ زهير الأيوبي على مدار أكثر من ثمانية أشهر!
ولم يفتأ الشيخ الطنطاويُّ في (الذِّكريات) يُثني على د. زهير في أحدَ عشرَ موضعًا؛ معترفًا بفضله عليه في تدوين ذكرياته بعد أن كادت يبدِّدُها كرُّ الليالي والأيام!
وأقتصر هنا على ذكر مواضعَ منها:
1/ 26: أشكر أخي زهيرًا أن أرجعَني القَهقرى في طريق العمُر حتى لقيتُ ما أضعتُ من نفسي، حين ألزمَني كتابةَ هذه الذِّكريات، وغرَّه منِّي شَيبي وشبابُه؛ فأمسك بي بقبضة لم أستطع الإفلاتَ منها!
1/ 211: إني أشكر الله الذي ألهم الأستاذ زهيرًا الأيوبيَّ إلزامي كتابتَها [أي كتابة ذكرياته]، فلأن أكتبَ منها أقلَّها خيرٌ من أن أفقدَها كلَّها.
2/ 28: فيا زهيرُ أشكرك، فلولاك ما كتبت...
وفي الحاشية قال: أعني الأستاذَ زهير الأيوبيَّ الذي كان له الفضلُ الكبير في تدوين هذه الذِّكريات.
3/ 124: إني أدوِّن هنا ذكرياتي، بل الأقلَّ مما بقيَ في ذهني من ذكريات. والفضلُ فيها بعد الله لولدي الأستاذ زهير الأيوبيِّ و(المسلمون) ثم (الشرق الأوسط).
وفي 8/ 56 وصفه بقوله: هو ولدي وصديقي الأستاذ زهير الأيوبي.
وكان روى الأخ الصديق الأديب المفكِّر مجاهد ديرانيَّة قصَّة (الذكريات)( ) مذ كانت حُلمًا وأملاً ظلَّ يراود جدَّه الشيخ الطنطاويَّ دهرًا.. حتى غدت حقيقةً وواقعًا. فما زال الشيخ يُسوِّف ويُرجئ الشروعَ في تدوينها ((حتى كان يومٌ من أيام سنة 1981 جاءه فيها زهير الأيوبي، يسعى إلى إقناعه بنشر ذكرياته في مجلَّة "المسلمون" التي كان قد ابتدأ صدورُها في ذلك الحين، فما زال يُلحُّ عليه حتى وافق على نشرها فيها)) ولولا إلحاحُ د. زهير وموافقة الشيخ يومئذ لما كانت هذه التحفة الموسوعيَّة العظيمة!

بُشرَيات قبل الوفاة:
كان فقيدنا يعاني لأكثر من ثمانيةَ عشرَ عامًا آلامًا في عموده الفِقَريِّ، وأُجريت له ثلاث جِراحات دقيقة... ولكنَّ حالته عمومًا كانت مستقرَّة، وكان يُضطرُّ أحيانًا إلى الإفطار في أشهر الصوم الأخيرة لتناول أدويته. غير أنه في رمضانَ المنصرم قريبًا قُبَيل وفاته حرَص على صومه كاملاً، وفي الخامس والعشرين منه رأى رؤيا غريبة!
رأى فيما يرى النائم أنه جالسٌ في بيت أسرتهم العربيِّ بحارتهم في الشام، مع أبيه وأعمامه وجدِّه وهو لا يعرف جدَّه! سألهم: هل أصواتُ إطلاق النار بهذه القوَّة كلَّ يوم؟ فأجابوا: نعم، غير أنها اليوم أقوى. سألهم: ما السبب؟ فأجابوه: ربما فرحًا بقدومك! ثم التفت إليه والدُه وقال له: (وينك يا زهير طوَّلت علينا؟!)( ) وهي أول مرَّة يرى فيها والدَه منذ وفاته عام 1966م.
وشعر حين استيقظ بدنوِّ أجله؛ فشمَّر عن ساعد الجِدِّ بالطاعات، واجتهد في ختم القرآن مرَّات، وكأنه يستعدُّ لتلبية نداء أبيه بالقدوم عليه!
وفي أيام العيد دأب على الاتصال بجُلِّ أقاربه وأصحابه من دفتر هواتفه، وبعضُهم لم يكلِّمه من زُهاء عشرين عامًا! وكأنه أراد بتهنئة أحبابه بالعيد أن يودِّعَهم من حيثُ لا يشعرون وداعًا لا لقاء بعده!
وفي السادس من شوَّال أحسَّ بضيق في التنفُّس ولم يعُد قادرًا على النوم فنُقل في اليوم التالي إلى المستشفى على كُره منه وإصرار بعض بنيه. وكان جمعَ أولادَه وودَّعهم قبل المضيِّ، وحين انطلقت السيَّارة صَوبَ المستشفى لوَّح بيده مودِّعًا فظنَّ ولدُه عمر أنه يودِّع أحدًا لدى باب الدار ولكنَّه عندما التفت لم يجد أحدًا، فعلم أن أباه كان يودِّع الدارَ نفسَها!
وفي الطريق كان يردِّد قولَ الحقِّ سبحانه: {إنََّ الََّذِي فرَضَ عَلَيكَ القُرآنَ لَرادُّكَ إلى مَعادٍ}.
وفي المستشفى كانت كلُّ المؤشِّرات الحيوية سليمة، بيدَ أن الأطبَّاء ذهلوا من تجمُّع السوائل في رئتيه دون حصول (رشح) أو سُعال! فأُدخل قسمَ العناية المشدَّدة، وعمَّا قليل اختلف الحال فجأة؛ إذ هبط ضغط الدم جدًّا، وبدأت حالته بالتدهور سريعًا!
اضطرَّ الأطبَّاء إلى تخديره ووضعه على المِنفسة الصناعيَّة... واستجاب جسدُه للأدوية وأفاق من غيبوبته، وتكلَّم مع أبنائه... ولكنه لم يلبث في قريب الساعة الواحدة بعد منتصف الليل أن عاد إلى وهنه، وفجأة توقَّف قلبه عن الخفقان! وبذل الطبيبُ جهدًا كبيرًا في إنعاشه، ولكن إذا وقع القضاء ضاق الفضاء! رحمه الله وغفر لنا وله.
وأخبر الطبيبُ بنيه أنه قال له في أثناء علاجه: افعل ما شئت فإنني راحل!
وفي صلاة الفجر اتفق أن قرأ إمامُ الحيِّ الذي يقيم فيه الفقيدُ وأبناؤه في الركعة الأولى: {إنَّ المتَّقينَ في جَنَّاتٍ وعُيونٍ} فكانت بُشرى خير لهم!
وتولَّى ولداه عبد الوهَّاب وعمر تغسيله مع أخ متطوِّع، واستبشروا جميعًا بهيئته ونضارة وجهه وتبسُّمه وفوح عطره من جسده... حتى إن الأخ المتطوِّع سكَّن أفئدتهم وبشَّرهم بخير كبير يُرتجى له من مولاه الكريم، وأصرَّ أن يرافقَهم إلى المقبرة وينزله في قبره بيديه لما رأى من أَمارات حُسن الخاتمة.
 كانت الصلاة عليه عصر الخميس 8 من شوَّال 1434هـ في جامع الراجحي الكبير بحيِّ الجزيرة في الرياض. وصلِّي عليه صلاة الغائب في عدد من مساجد دمشق.
وفي أول أيام العَزاء تفضَّل وليُّ العهد السعوديُّ صاحب السموِّ الملكيِّ الأمير سلمان بن عبد العزيز بالاتصال بأسرة الدكتور وتعزيتهم بنفسه قائلاً لهم: زهير رفع رؤوسنا! وكان لاتصال سموِّه أطيب الأثر في نفوسهم جميعًا، شكر الله سعيَه.
وفوجئ أولاده بكثير من المعزِّين يأتون باكين ويحكون لهم عن مواقفَ نبيلة لأبيهم لا يعلمون عنها، وعن كفالته لأيتام، وأعمال من البرِّ والإحسان... كلُّ ذلك كان يفعله في الخفاء ليدَّخرَه ليوم العَرض والجزاء، فهنيئًا له هذه الأعمال الصالحات وهذه الشهادات الصادقات.
كافأه الله بما هو أهلٌ له، وأحسن عزاء أسرته وذويه فيه..
وإنا لله وإنا إليه راجعون.        

المذيع الناجح:
في حوار مقتضَب أجراه أ.خالد الخضيري مع فقيدنا زهير الأيوبي في مجلَّة (رسالة الجامعة) تحدَّث عن صفات الإعلاميِّ والمذيع الناجح قائلاً:
 
- العمل في ميادين الإعلام متعب جدًّا, وما لم يصبح الإعلام هاجسَك وحديثَ نفسك ونبضَ قلبك في كلِّ لحظة من لحَظات حياتك لن تكونَ فيه ناجحًا.

- المذيع باللغة العربيَّة لا يكون مذيعًا بمعنى الكلمة ما لم تتوفَّر فيه المعطيات الآتية: الخامة الصوتيَّة الجيِّدة, وأن يكونَ أداؤه سليمًا وخاصَّة مخارج حروفه, وأن يكونَ على دراية بمواطن الوقوف من الكلام, وأن يكونَ حاضرَ البديهة، ذا شخصيَّة واعية. بالإضافة إلى تمكُّنه من قواعد اللغة العربيَّة, وأن يكونَ حافظًا للكثير من الآيات القرآنيَّة والسُّوَر القرآنيَّة القصيرة على الأقلِّ، وكذلك أن تكونَ حصيلتُه من أحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم كبيرة, وأن يكونَ قادرًا على الارتجال المسبوق بالتحضير والاستعداد, وأن يكونَ ملمًّا على الأقلِّ باللغة الإنكليزية لغة العصر كما هو معلوم, وأن يكونَ ذا ثقافة واسعة شاملة منفتحة متجدِّدة.

نموذج من برامجه:
وإليكم رابطَ حَلْقَة من حلَقات برنامَجه الناجح (مجالس الإيمان) في الستينيَّات الميلادية، بتلفاز المملكة العربيَّة السعودية:
https://www.youtube.com/watch?v=XYc_uIYjA44 …

المترجَم له في الإذاعة السورية عام 1960م

وفي التلفاز السعودي نحو عام 1965م يقدِّم برنامَجه (مجالس الإيمان)

نموذج من خطِّ زهير الأيوبي وتوقيعه
   
خبر منح زهير الأيوبي الجنسيَّة السعودية، وصورة لقبره يرحمه الله

غلاف كتابه (أولئك آبائي)

اسم المترجَم له من شارة برامَجه (مجالس الإيمان)
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


( ) أفدتُّها من ترجمته الذاتية التي ألحقها بكتابه (أولئك آبائي) ص491- 494، و(موسوعة الأسر الدمشقية) للأخ الصديق د. محمد شريف الصوَّاف 1/ 335- 337، ومقالة د. إبراهيم بن عبد الرحمن التركي في (المجلَّة الثقافية) التي تصدرها صحيفة الجزيرة، العدد (326) الخميس 17 المحرَّم 1432هـ، وحوار أجراه معه خالد الخضيري بمجلة (رسالة الجامعة) الصادرة عن جامعة الملك سعود بالرياض.
     وأفدتُّ كثيرًا من التواصل مع ولده الفاضل المهندس عمر الأيوبي جزاه الله خيرًا وبارك فيه.  
( ) تفرَّعت في الأكراد الأيوبيين أسرٌ كثيرة في حيِّ الأكراد، من أشهرها: إيبو، وحربل، وحمو ليلى، وحميدو، وشكو، وعكاش، وكاكا، وكرد مستو، وكرد علي، ومُلا رسول، وتاجا، وكركرلي، وحبو.  
( ) يقول عنها: أسَّستها (طوبة طوبة) وبنيتها مرحلة مرحلة، ورفعت بنيانها لأكثر من اثني عشر عامًا. من كلمة له في (المجلَّة الثقافية) التي تصدرها صحيفة الجزيرة، العدد (328) الخميس 2 صفر 1432هـ.  
( ) يصفه د. إبراهيم بن عبد الرحمن التركي بقوله: كان برنامَج (يا أخي المسلم) ذو الدقائق الخمس، المبتدئُ بإيقاع والمنتهي بتوقيع= أحدَ البرامج الأعلى استماعًا.  
( ) يصفه د. إبراهيم بن عبد الرحمن التركي بقوله: برنامَج (مجالس الإيمان) هو البرنامَج الأكثر جماهيريةً لدى الكبار، ولفت نظرَنا أن مذيعًا وسيمًا حليقًا يقدِّم برنامجًا دينيًّا!
      أما القصَّة الكاملة للبرنامَج؛ تاريخًا ونجاحًا وأعلامًا.. فيحكيها بطلها زهير الأيوبي نفسه في مقالة ضافية بعنوان: (إبراهيم بن محمد بن إبراهيم.. وبرنامَج مجالس الإيمان) في صحيفة الجزيرة، العدد (12647) 28 ربيع الثاني 1428هـ.
( ) اسمه مركَّب.  
( ) من كلمته (بين يدَي الذكريات) التي افتتح بها الطبعة الخامسة منها، الصادرة بمراجعته وتصحيحه عن دار المنارة بجُدَّة عام 2007م.
( ) أي: أين أنت يا زهير، أطلت الغيابَ عنَّا؟!