رثاء الدكتور محمد أشرف بن عبد الرزاق الكيلاني


 بقلم : محمد أيمن المراد
الأخ الحبيب الدكتور محمد أشرف الكيلاني رحمه الله تعالى
هو ابن العم الفاضل المرحوم الدكتور عبد الرزاق الكيلاني شيخ الأطباء وطبيب العلماء والفقراء ، رزقه الله ولدا واحدا هو محمد أشرف وخمس بنات ، وقد أكرمني الله بإحداهن أما لأولادي .
ولد محمد أشرف من أبوين كريمين ، فوالده الدكتور عبد الرزاق رحمه الله تعالى من أشهر أطباء حماة علما وتقى ، فاهتم بولده الوحيد خاصة وبسائر بناته عامة فكان حريصا على تعلمهم القرآن الكريم لذا كان يحضر لهم شيخا كفيفا لتعليمهم وتحفيظهم كتاب الله ، ثم كان يصطحب ولده لكثير من الدروس التي يواظب على حضورها ، بالإضافة إلى زياراته العائلية كل يوم جمعة ، وقد خص والده رحمه الله تعالى ثلاثة أيام في نهاية الصيف من كل سنة برحلة ساحلية لمشايخه كنت وأشرف من أعضائها ، بالإضافة إلى رحلاتنا الأسبوعية في الربيع والصيف إلى بعض القرى للتنزه والزيارة ، في هذا الجو نشأ فقيدنا حتى التحق بالجامعة بحلب في كلية الطب وتخرج فيها ، وقد شهد له كل من عرفه على مقعد الدراسة بسمو أخلاقه وطيب معشره ، وعندما بدأت الضغوط على حماة في بداية الثمانينيات بالاعتقالات والاغتيالات وخاصة الشخصيات المعروفة بعلمها وتدينها وموقفها الوطني ، نصح والده بالخروج من حماة ، فغادر إلى الرياض ولحق به ولده الوحيد وبعد أشهر قليلة حضر أشرف إلى دبي ليتم تعيينه طبيبا ممارسا في مستشفى راشد ‘ ثم أكرمه الله بزوجة صالحة وهي ابنة السيد وليد الكيلاني ابن خالة والده ، فكانت خير زوجة لخير زوج ، وخير أم لأولادها حيث كانت سببا لحفظهم القرآن الكريم ، وقد رزقه الله منها ولدا وحيدا وأربع بنات  .
لم يكتف بدراسته الجامعية الأولى فقرر متابعة دراسته حيث حصل على تخصصين في جراحة العيون وزراعة القرنية من فرنسا وإيرلندا ، فكان من أمهر الأطباء في تخصصه حتى كانت تسند إليه أدق العمليات وأصعبها ، وعندما تقدم باستقالته طلب منه رئيس القسم وبإلحاح شديد أن يبقى سنة أخرى ، لكنه رفض بعد اتخاذه القرار ، ولما سألته عن سبب إلحاح رئيسه قال لي لقد بقي له سنة واحدة ليخرج على المعاش وهو صاحب اختصاص بزراعة القرنية لكنه يحيل عملياته كلها إليّ ، وقد شهد له كل من عمل معه من الأطباء والممرضين والعاملين بسيرته الحسنة وتعامله المثالي وطيب أخلاقه  .
كان المريض إذا جاءه مرة لايعود لغيره أبدا لما يجد عنده من لطف وتواضع وتودد لمريضه ، كان متفانيا في خدمة القريب والبعيد ، رحيما بالإنسان والحيوان بل والحشرات ، فوالله كم مرة رأيته يفتح النافذة لتخرج ذبابة أزعجتنا كثيرا وهو يقول : لعل عندها أولاد ينتظرونها ، هذا الكلام قد لا يصدقه بعضنا لكني والله رأيته أكثر من مرة ودون تصنع  ،كان يحب أقاربه ويذكرهم باعتزاز وخاصة من عاصرهم أو جالسهم ويستمتع بأحاديثهم ويزورهم في كل مناسبة .
لقد فقدت أخا غاليا وعزيزا عرفته منذ طفولتنا فلم تغيره الأيام ولم تؤثر عليه الأحداث ، وإني أشهد الله تعالى أني لم أذكر يوما أني سمعت منه كلاما على أحد ، فلسانه لا يعرف الغيبة أبدا ، وكان يردد دائما لكل من يسيء إليه ومهما بلغت إساءته أو إيذاؤه - الله يسامحه - لكن مما يخفف المصاب ويريح النفس أن حدثني ولده عبد الرزاق حفظه الله تعالى بأن والده كان في أيامه الثلاثة الأخيرة مغمض العينين دائم الذكر قائلا : سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم أشهد أن لاإله إلا الله وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ، ثم يقول سلام قولا من رب رحيم ، وإذا كان بجانبه أحد يقرأ القرآن وأخطأ فكان يصوب له بصوت واهن وضعيف ، ولما حانت ساعة الفراق كان يردد لفظ الجلالة بشكل متصل الله الله الله إلى أن فاضت روحه الطاهرة .
اتصل بي ولده عبد الرزاق بعدها بربع ساعة في السابعة إلا عشر دقائق يعلمني بالخبر وقد كان رابط الجأش متماسكا واتفقنا على بعض الإجراءات وكنت وقتها في القريات متجها إلى الأردن بعد أن أنهيت العمرة في المملكة ، وتم تغسيله في البيت حيث لفت انتباه المغسل لونه وطراوة بدنه وقال لمن حوله هذا دليل الصلاح ، وتمت الصلاة والدفن في مقبرة الصفا بيسر وسهولة وعاد المشيعون قبل أن تغلق أبواب البلد كما يجري كل يوم ، وأقيم العزاء في بيته ، كما أقيم في بيت شقيقته في مدينة العين في الإمارات أمس واليوم وحضر كثير من أصحابه ومحبيه رجالا ونساء ، وأقيم أيضا عند أصهاره شادي الكيلاني ومحمود العظم في جدة ،وفي الرياض عند صهره هيثم الكيلاني  .
رحمك الله يا أبا عبد الرزاق وأجزل مثوبتك وجعل الجنة مثواك وجمعنا بك في الفردوس الأعلى مع والدينا وأحبابنا تحت لواء المصطفى صلى الله عليه وسلم
وباسم العائلة الكريمة أتقدم بالشكر الجزيل لكل من واسانا بفقيدنا الغالي في سوريا والسعودية والإمارات سواء بالهاتف أوعن طريق النت ولا أرانا بكم مكروها ،
وأرجو ألا تنسوه في دعائكم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
توفي يوم الخميس / 27 / رجب الفرد / 1434 هـ / 6 / 6 / 2013 م