دمعة وفاء في يوم ذكرى وفاة فارس المنابر الشيخ المجاهد مصطفى السباعي

 

تقول الخنساء وهي ترثي أخاها صخرا 

إذا قبح البكاء على شهيد 

       رأيت بكاءك الحسنُ الجميلا 

ياعين جودي بدمع منك مسكوب 

         ففي الفؤاد جرحٌ غير مشعوب

 

كلمات متواضعة أكتبها في الفارس الذي ترجل ،

زينة برلمان سوريا سنة ١٩٤٩ نضر الله وجهه :

 

- كنت في برلمان سوريا مع تلميذ لأبي حسان السباعي الأخ عصام العطار ، وكما قالوا مستشار البيك بيك ، مر بنا وأنا تلميذ العظماء السباعي والعطار ، مر بنا أكرم الحوراني الزعيم الحموي صاحب انقلابات سوريا ، مرّ بنا كما يمر الهر بجانب أسد ، انحنى الرجل إجلالا لتلميذ السباعي ..

وصدق الشاعر : 

ولو أن أهل العلم صانوه صانهم 

           ولو عظموه في النفوس لعظما

 

- سمع شيوخ مدينة الباب وصالحوها أن الشيخ السباعي سيزور مدينة الباب ، زحف الشيوخ شيوخ السن وصالحو البلد إلى ظاهر البلدة ، إلى مكان العقابيات ، وفي مكانها صار الفرن الآلي ، ورفع الشيوخ والصالحون البواكير ( جمع باكورة ) عندما وصلت سيارة السباعي ، خجل رحمه الله أن يظل راكبا ويظل الشيوخ يمشون ، فنزل وخلع الجبة والعمامة ووضعها في السيارة ومشى بالبنطال القضوي ومسدسه على جنبه ، مشى مسافة ١ كم حتى جامع الخيرات رحمه الله .

 

- في إحدى حفلات المولد كان بين الحضور شيخ حلب الشيخ محمد النبهان بين المستمعين ، يستمع إلى تكريم خاتم الأنبياء وسيد العظماء ، والسباعي يهتف ببلاغة يحسد عليها ( رسول الله ) وهنا ياء الندبة محذوفة ، لسنا من أمتك إن لم نعمل لمجد أنت سببه ، وبشريعتك نسبه ، 

ثم نزل السباعي ورأى الشيخ النبهان فعانقه ، بل قبل يده .

أي والله قبل الزعيم الكبير السباعي يد العالم المجاهد الشيخ محمد النبهان وصفقت الجماهير ، وارتجت جدران مركز جماعة الإخوان في شارع اسكندرون ، الله أكبر ولله الحمد

 

- من ذكريات عام ٥٥ همست في أذن شيخي السباعي أنه كان في مدينة الباب مدرس اسمه فتحي الدريني نقل إلى دار المعلمين في دمشق ، وهو أي الدريني لا يليق به ألا أن يحاضر في كلية الشريعة ، بعد أسبوع كان الدريني أستاذا محاضرا في كلية الشريعة ، 

أخذ الكبير بنصيحة الصغير ، ومن تواضع لله رفعه !!!

 

- غضب عليه نضر الله وجهه ، الشيشكلي فأخرجه من الجامعة ، ذهب إلى لبنان ليقود جماعة عباد الرحمن ، وليغرس في لبنان هتاف الله أكبر ولله الحمد ، واسألوا فتحي يكن الزعيم اللبناني عن نشاط السباعي في بيروت !!!

 

- حضرت له اجتماعا سريا في أيام مظلمة من أيام الديكتاتورية ، حضر رحمه الله إلى ساحة الملح بحلب ملثما بغترة والشجاعة تعلو محياه ، 

وقبلته ذات يوم وهو باللباس العسكري في مدينة الباب بجمدانة حمراء وعقال عربي ، وكان قادما لتوها من جبهات القتال في حرب فلسطين ، كان قائد كتيبة الإخوان لحراسة المسجد الآقصى ، ومقرها في صور باهر

 

- جرت انتخابات سنة ٥٧ ولم استطع الحضور لدمشق لعذر طبي لأكون على الصندوق الانتخابي ، فأرسلت قريبا لي عمّر مسجد أبي بكر الصديق ، وكان السباعي مرشح العلماء بالاجماع ، ودخل مفتي الجمهورية كفتارو الذي ساند العلمانيين وكانوا معه ، فأخذت الحمية المعمار فصاح عاش السباعي عاش ، فانتخى مفتي الجمهورية وخجل على نفسه وتجاوب مع الصوت فقال : عاش ، عاش !!!!

 

أهاجك الوجد أم شاقتك آثار

           كانت مغاني نعم الأهل والدار

وما لعينك تبكي حرقة وأسى

             وما لقلبك قد شبت به النار

على الأحبة تبكي أم على بلد

              لم يبق فيه أحباء وسمار

وهل من الدهر تشكو سوء عشرته

           لم يوف عهدا ولم يهدأ له ثار

 

- عند وفاة السباعي ألقى زميله في كلية الحقوق الدكتور محمد الفاضل وهو علوي نصيري ، ألقى كلمة رائعة ، تجدونها في العدد الممتاز لمجلة حضارة الإسلام التي كان السباعي يصدرها ، واغتيل الرجل بعد كلمته بخمسة عشر يوما !!!

 

( فلا والله ما بقيت ريحانة من رياحين الغوطتين إلا تمنت أن تكون ضفيرة من ضفائر المجد على جبينه ...

ولا والله ما بقيت مزنة طيبة عطرة من سحائب رياض الفيحاء إلا رجت أن يضمخ بها جثمانه أو أن يندى به ضريحه رضي الله عنه وأرضاه )

 

- قاد السباعي رحمه الله مظاهرات ضخمة ضد فرنسا وهو ابن ال ١٧ ؟؟؟

ولما ذهب للدراسة في الأزهر أقام مظاهرات ضخمة في القاهرة ، جعلت الانجليز يخرجونه من القاهرة مكبلا بالقيود ، وسلموه إلى نوري السعيد في العراق .

 

- وهو الذي أفشل خطة العبد الخاسر لما أراد أن يشق صفوف الجماعة فاستدرج شبابا ليحتلوا المركز العام في الحلمية الجديدة ليسقطوا الخصم العنيد لناصر ألا وهو المستشار( حسن الهضيبي ) رحمه الله 

تدخل السباعي والأميري وطردوا عبد الرحمن السندي زعيم الشباب في الجهاز الخاص وأعادوا للشرعية احترامها .

 

- لما أعدم العبد الخاسر ستة من قادة الإسلام ، وبينهم أكبر صاحب عمامة يخافها الإنجليز محمد فرغلي ، الذي دوخ الانجليز في القنال وأجبرهم على ترك القنال ، ووضع الانجليز أكبر جائزة لمن يأتي بهذه العمامة وصاحبها ، فقدمها لهم العبد الخاسر مجانا ؟؟؟؟

 

وانتفض الليث في عرينه يوم شنق العبد الخاسر قادة الدعاة ، وسارت دمشق خلف السباعي ، وقد غطى شارع النصر بالغاضبين للجريمة النكراء ، إن قلت مظاهرة مليونية فقد ظلمت الحقيقة ، وكان صوت الشيخ السباعي يدوي أمام سوق الحميدية غضبا وثورة على الطغاة أبطال هزيمة حزيران ، عار الأمة العربية ، وكان البطل الاسمر يهدد بصورايخ القاهر والظافر والناصر وهي من كرتون !!!!

 

- أقيم سنة ١٩٥٥ مؤتمر اسلامي في جامع تنكز في دمشق ، حضر أبو الأعلى المودودي وأبو الحسن الندوي ، كان عريف المؤتمر الضخم شيخنا السباعي ، وقام المودودي يلقي كلمته بالانجليزية ويترجمها للعربية أبو الحسن الندوي 

في يوم من أيام الله الخالدة .

 

- ألقى رحمه الله في المركز العام في الشهداء سلسلة محاضرات في تفسير آية ( يوم لا ينفع مال ولا بنون الا من أتى الله بقلب سليم ) تحدث عن أمراض القلوب الحسد والكبرياء والرياء وغيرها بكلام خبير مجرب ، فأجاد وأحسن بل ، أبدع ، وكان من مخطط حياته أن يكتب عن العلماء الأولياء ومات ولم يقدر له كتابة الموضوع .

 

- وللعلم كان شيخنا السباعي رحمه الله صديقا حميما لابن بلدي نائب مدينة الباب عبد القادر الرحمو رحمه الله ، لذا زار الفقيد مدينة الباب أكثر من أربع مرات ، وكان أغلب شباب الدعوة في المدينة من عائلة أبو شكري رحمه المولى

 

- حياك الله أبا حسان ونضر المولى وجهك ، ومعذرة إن قصر القلم في الوفاء بحق فارس المنابر وشيخ الدعاة والمجاهدين ، الداعية الفقيه ، الصابر المجاهد ، قاوم أعداء السنة فأسكتهم ، ودعاة العلمانية فأفحمهم ، صاحب الكتب القيمة والرسائل النافعة .

 

- نم أبا حسان قرير العين فقد استلم الراية بعدك أوفياء :  عصام العطار ، أمين يكن ، عبد الفتاح أبو غدة ، حسن الهويدي ، منير الغضبان ، علي صدر الدين البيانوني ، وآخرهم في النبتة  المباركة طبيب العيون المستشار محمد حكمت وليد ، بل طبيب قلوب إن شاء الله وهو يقود ركب الدعوة بين الأمواج والاعاصير ، لكنه ربان ماهر عاش عند أمواج البحر واعتنى بعيون البشر .

 

    هيهات ياصاحبي آسى على زمن 

            ساد العبيد به واقتيد أحرار 

    فالملتقى في جنان الخلد إن قبلت 

            منا صلاة وطاعات وأذكار

 

والله أكبر ولله الحمد 

الله غايتنا ، ومحمد قدوتنا ، والقرآن دستورنا ، والجهاد سبيلنا ، والموت في سبيل الله أحلى أمانينا

وفرجك ياقدير