دراسة علمية للكتابين: (تعلموا العربية؛ فإنها من دينكم) و (متى تكون الكتابات مؤثرة)

دراسة علمية للكتابين: "تعلموا العربية؛ فإنها من دينكم" و"متى تكون الكتابات مؤثرة"

للأديب الكبير الشيخ : نور عالم خليل الأميني

 

إعداد: محمد نوشاد النوري القاسمي

 

 

 

التقديم للبحث:

قرَّت أعيننا منذ أيام بكتابين قيمين، يتناولان اللغة العربية بدراسةٍ معمقةٍ، تكشف عن فضلها على غيرها من اللغات، وضرورة إتقانها لكل مسلم لاسيما العلماء والدعاة إلى الله وطلبة العلوم العربية والإسلامية في المدارس والجامعات، وكيفية تعلمها وإتقانها وسبل التطور وتنمية المهارة فيها، بالتزامن مع إيجاد الحلول الناجعة لما يشكوه الطلبة والمنشغلون بها من مشاكل وعقبات، وهما "تعلموا العربية؛ فإنها من دينكم" و"متى تكون الكتابات مؤثرةً"، نشرتْهما مؤسسة العلم والأدب، ديوبند، الهند في أبهى شكلٍ وأقشب حلةٍ، شأنَها في جميع المطبوعات العلمية والأدبية القيمة التي تتملك القارئَ بمظهرها قبل مخبرها، وبشكلها قبل مضمونها.

 

            المثير للانتباه أن الكتابين صدرا بقلم الأديب المغوار، معلم العربية الكبير، الكاتب الإسلامي النابغ الذي عَشِقَ اللغةَ العربيةَ عِشْقَ قيسٍ ليلاه، وعِشْقَ الصادي الهائم في الصحراء الماءَ العذبَ، عَشِقَها عِشْقًا فتق طبيعته، وأذكى جذوته، واعتصر من قوته، وضنَّ بقلمه إلا أن يجري بالعربية، وأَحَبَّها حُبًّا عَمَّ وُجودَه، وَسَرَى في رُوْحِه مسرى الدم، وتركه لايفكر إلا فيما عساه يضيف إلى الرصيد العربي الأدبي الإسلامي جديدًا من الابتكار والإبداع، فاللغة العربية نديمه وجليسه، وهي أنس روحه وسلوة قلبه، ورفيق خلوته لايهش إلا بالنظر في العربية، ولايرتاح إلا بالكتابة فيها، فهي إذن عنوان حياته وقاعدة انطلاقاته ونشاطاته في الحياة، وهو وإن كان هندي العرق واللون، هندي الجنسية والوطنية؛ لكنه عربي الفكر والخيال، عربي الأفراح والأتراح، عربي الأدب والسليقة، عربي النزعة والاتجاه، عربي الشعور والحس، ألا وهو الشيخ الحبيب الأديب اللبيب نور عالم خليل الأميني رئيس تحرير مجلة "الداعي" العربية الشهرية الصادرة عن الجامعة الإسلامية دار العلوم ديوبند وأستاذ الأدب العربي فيها، ولا أدري في حاضر الهند غيره، يصدق عليه ماوصفتُ من دون إطراء ومبالغة( )، هذا ما أحسبه، ولاأزكي على الله أحداً.

 

عصارة التجارب:

 

عن الكتابين أتحدث، إن هذين الكتابين يأخذ كل منهما قيمته الحقيقية من أن ما جاء فيهما من أبحاث ودراسات هي عصارة تجارب هذا المعلم الملهَم، الذي أعطى اللغة العربية شبابه وكهوله، كأنَّ له بها عهداً موثقاً، وأشعل مصباحها بإحراق كبده وعينيه، كأنَّ فيه متعةً له نفسيةً،  فهو سائر في درب اللغة العربية منذ نحو نصف قرن، يدْرُس ويبحث، ويدرِّس ويكتب، ويجمع ويؤلف، ويُنَظِّرُ ويُطبِّق، ويؤصِّل ويفرِّع، ويتابع ويحلِّل، في عزيمةٍ مثاليةٍ لاتعرف الوهن، ومصابرةٍ بالغةٍ لاتحفل بالكلل، إن حب العربية مغروس في قلبه، مرتكز في طبيعته، وكيف لا؟ وهو يعتقد كامل الاعتقاد وراسخه أن حبها عبادة وخدمتها قربة، والسهر عليها مرضاة للرب، والغيرة عليها منجاة من النار، فبِحبِّها نما وترعرع، وعليه نشأ وشاب، وفي خدمتها وتوسيع نطاقها واكتهل وشاخ، وهنا فكر في إخراج زبدة ما توصَّل إليه من نتائج تربوية سليمة، وما ترجَّح لديه من أسلوب تعليمي نافع، وماتجمَّع لديه من تجارب لغوية قيمة، ومزجها بمعاني أخرى لها قيمتها وإيحاءاتُها، ونثرها بأسلوب عربي ساحر جذاب، فصنع الكتابين، حمل أحدهما اسم "تعلموا العربية ؛ فإنها من دينكم" –وهو قول رائع مأثور عن سيدنا عمر الفاروق رضي الله عنه- بينما اتَّسم الآخر باسم مشوِّق أخاذ "متى تكون الكتابات مؤثرة"، وأكبر قيمة عندي لهذين الكتابين أنهما ليسا فيض خاطرٍ متدهورٍ، ولانتيجة خيال سريع، ولا إلهام عقل ثائر؛ وإنما وضعهما عقل حصيف وقلم رصين وطبع رزين، جرَّب الدهر، وحلب أشطره، فاجتمع فيهما حلم الوقور وتجارب المحنك وإبداع العبقري وشفقة المعلم وحنان المربي وروعة الأديب، وهكذا مؤلف الكتابين. 

 

تحميل الملف