العدة في بيان خطأ من أخطأ على عبد الفتاح أبو غدة

التعريف بالكتاب:

على كثرة ما كُتب في ترجمة الشيخ عبد الفتاح أبو غدة لكن ما رأيتُ أحداً أفرد بحثاً علميا في بيان ما نُسِبَ إلى الشيخ مِن قِبَلِ المعارضين، مثل ما نَسَبَ إليه الشيخ بكر بن عبد الله أبو زيد القضاعي، والشيخ حَمود بن عبد الله التويجري، والشيخ محمد ناصر الدين الألباني، والشيخ زهير الشاويش، والشيخ علي بن حسن الحلبي الفلسطيني، والشيخ محمد لطفي صباغ، والشيخ صالح بن فوزان الفوزان، والشيخ مشهور حسن آل سلمان، والشيخ سليم الهلالي، وبعض أقرانهم ومتابعيهم، كالشيخ عبد العزيز بن يحيى البرعي، والشيخ عبد المحسن بن حمد العباد وغيرهم، مع أَنَّ بَقِيَّتَهم ما زالوا يَنْشُرُون مقالات هؤلاء في حق الشيخ عبد الفتاح أبو غدة على سبيل التشنيع والتبديع.

كذلك ما رأينا أحدا تعرض إلى ما نسب إليه الشيخان عذاب الحمش الحسيني ومحمود سعيد بن محمد ممدوح المصري، وهما يناقشانه في بعض المسائل.

وبناء عليه رأيت أن أبحث الحق والصواب فيما نُسب إلى الشيخ عبد الفتاح أبو غدة من الأخطاء والاتهامات، مُتحرِّياً الأمانة العلمية، ملتزما بآداب البحث والنقد، مصاحبا العدل والإنصاف، متجنبا سوء القول والتقول، وما زلت أجتهد أن أكون مخلصاً في بحثي هذا قدر المستطاع، لأنَّ ما كان لله خالصاً امتدَّ واتصل، وما كان لغير الله انقطع وانفصل، وهو الذي لاحظناه وَرَأَيْناه في كُتب الشيخ الجليل عبد الفتاح أبو غدة، ثم منه تعلمناه بما في وسعنا.

وقد سميتُ صنعتي هذه بـ (العُدَّة في بَيَانِ خَطَأ مَن أَخْطَأَ عَلَى عَبْدِ الفتاح أبو غدة)، وذلك أخذا من تسمية الحافظ الكبير والإمام الجليل أبي بكر البيهقي لكتابه: (بيان خطأ من أخطأ على الشافعي، الذي دافع فيه عن الإمام المطلبي محمد بن إدريس الشافعي، رضي الله عنه، وتفاؤلا بالخير والبركة.

 

وجَعَلْتُ بحثي هذا في مدخل وستة فصول وخاتمة.

أما المدخل:

فقد تكلمت فيه بكلمات لا بد منها قبل الخوض في مثل هذا البحث والنقاش.

أما الفصل الأول:

فقد تكلمت فيه موسعا عما نسبه الشيخ بكر أبو زيد إلى الشيخ عبد الفتاح أبو غدة، وتتبعت فيه جميع مقالاته ومؤاخذاته، وبينت فيه عدم إصابته فيما ادعى من أن الشيخ عبد الفتاح حرَّف في كتبه ثلاثين مرة، ولم يسلم له منها إلا شبه لا شَيْء.

ثم أثبت ثلاثين تحريفًا وقع فيها الشيخ بكر في رسالة واحدة له لا تبلغ خمسين ورقة.

ثم أتيت بأمثلة من تحريفات ابن القيم، وقد مرَّت بالشيخ بكر ولم يعدَّها تحريفا، خلافا لصنيعه مع الشيخ عبد الفتاح، وذكرت بعدها التحريفات الحقيقية التي كانت منتشرة آنذاك، لكن لم يتعرض لها الشيخ بكر وهو يكتب في موضوع (تحريف النصوص).

 

أما الفصل الثاني:

فَقَدْ تَكَلَّمتُ فيه عمن أخطأ على الشيخ عبد الفتاح تبعًا للشيخ بَكْر مَعَ زِيادَاتٍ من عند أنفسهم، مثل الشيخ مشهور حسن آل سلمان، والشيخ صالح بن فوزان، والشيخ عبد العزيز بن يحيى البرعي، والشيخ عبد المحسن البدر.

 

أما الفصل الثالث:

فقد تكلمت فيه عن اعتراضات الشيخ حمود بن عبد الله التُّوَيْجِرِي - رحمه الله - في كتابه: (تنبيه الإخوان على الأَخْطَاء في مَسْأَلَةِ خَلْقِ القُرآن) على الشيخ عبد الفتاح أبو غدة.

 

أما الفصل الرابع:

فقد تكلمت فيه عن مآخذ الشيخ محمود سعيد بن محمد ممدوح المصري على شيخه الشيخ عبد الفتاح في كِتَابَيه: (الشَّذَا الفواح) و(الاتجاهات الحديثية)، ونقدتُ الأَسْبَابَ التِي تَعَلَّقَ بِهَا الشيخ محمود حتى لا يُطبع كتابه (إحكام القيد عَلَى بَكْر أَبي زَيْد).

وبَعْدَه تَكَلَّمْتُ فيه عَن رَدَّ الشيخ الناقد عذاب بن محمود الحمش على الشيخ عبد الفتاح.

 

أما الفصل الخامس:

فقد تكلمت فيه عن مقالات الشيخ ناصر الدين الألباني في حق الشيخ عبد الفتاح، وعَمَّا جَرَى بَيْنَهُما من بعض الردود، مَعَ ذِكْرِ أَخْطَائِهِ فِي مُقَدِّمَةِ تَعْلِيقِه على (شرح العَقِيدَةِ الطَّحَاوِيَّة)، ثم بِالجَوَابِ عَلَى اعْتِرَاضَاتِهِ فِي رِسَالَتِهِ (كَشْفُ النقاب)، وَغَيْرِها مِنَ المسائل.

وألحقت ذلك بيان ما في مقالة الكُتُبي: زهير الشاويش التي نشرها في مقدمة كتاب: (شرح العقيدة الطحاوية)، بعنوان (التوضيح) ردا على الشيخ عبد الفتاح أبو غدة.

 

وَأَمَا الفَضْلُ السادس:

فَقَدْ تَكَلَّمْتُ فِيهِ عَمَّا أثاره الشيخ علي الحَلَبِيُّ مِن أَنَّهُ قَرَأَ تقريبا جَمِيعَ كُتب الشيخ عبد الفتاح ولم يره يُخرج بنفسِه حَدِيثًا واحدًا، وَكَذَا عَمَّنْ قَالَ بِمِثْلِ مَقَالِهِ، وَزَعَمَ بِمِثْلِ كَلامه من بعض المعاصرين، وكذا تكلمتُ فِيهِ عَن مَنْهَجِ الشَّيْخ في تخريج الأحاديث.

وبعده ذكرت بطلان دعوى الشيخ الألباني بأن الشيخ عبد الفتاح لا يستطيع الترجيح بين الأحاديث المختلفة التي ظاهرها التناقض، وَأَنَّ ذلك صفة لازمة له، وأتيت بأمثلة شافية لبيان خطا كلام الألباني.

 

ثم قارنت بين الشيخ عبد الفتاح والشيخ الألباني، وذكرت مكانة التأصيل العلمي عند الشيخ عبد الفتاح وبناء عليه الفهم الصحيح والفقه السليم، بخلاف الشيخ الألباني، وذكرت لتوضيحه بعض الأمثلة بما يفي المقام.

 

وأما الخاتمة:

فقد ذكرت فيها باختصار شديد خلاصَةَ هَذَا البَحْثِ وَقَصْدِي مِنْه.

وبها ختَمْتُ البَحْث والكتابة سائلا الله تعالى فيه الإصابة، وَرَاجِيًا من الله تَعَالَى أَنْ يُبَلِّغه ما بلغ اسم الشيخ عبد الفتاح أبو غدة، مُصَاحِبًا ومرافقاً لمُؤلَّفاته، مُدَافِعًا وَمُنافِحًا عَنِ الشيخ وكتاباته، دَاعِيًا ومُنَادِيًا إلى مُصَنَّفَاتِهِ وَتَحْقِيقَاتِه، خَاصَةً إلى بُحُورِ إِصَابَاتِهِ، فِي خِدْمَةِ العِلْمِ وَأَهْلِهِ.

أسأل الله تعالى أن يُلْهِمَ علماءَ المسلمين وطلبةَ العلم صالح الأعمال وأحسن الأقوال، وأن يرزقهم أطهر القلوب السليمة من العيوب، وأن يجمع قلوبهم على الأخوة النقيَّة، والمودَّة المُرضيَّة، وقد لعبت الأهواء بكثير من علماء العصر مما جعل الشباب يقعون في خيار الأمة، ويتحزَّبون بالهوى، حتى أخذ بعضهم يقولون بالولاء والبراء، ويُطبقونهما في المعاملة مع إخوانهم المسلمين.

وأَسْأَلُ الله أن يلهمني الحق والصواب، وَيَرْزُقَنِي الأجر والثواب، وَأَنْ يَغْفِر لي وَلِوَالِدَيَّ ولمشايخي وأقربائي وأصْدِقَائي جَمِيعَ الذُّنُوبِ وَالزَّلَل، وأن يَحْفَظنَا مِن جَمِيعِ الأَسْقَامِ والعِلل، إنَّه قَادِرٌ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ صَغِيرٍ أَوْ جَلَل. والحمد لله رب العالمين وصلى الله تعالى على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.

 

كتبه الرَّاجِي عَفْوَ رَبِّهِ وَرِضا خَالِقِه:

محمد سيد بن محمد حبيب الداغستاني

وذلك في عاصمة داغستان، أَنْجِي (مَحَاج قَلْعَة)

سنة ١٤٤٤ من الهجرة.

 

تحميل الملف