درسٌ من البوسنة والهرسك:
خمسة سنوات من القتل والفظائع المدروسة الدؤوبة، في البوسنة، لم تتمخض -حسب مختلف المصادر- عن أكثر من 250.000 من الضحايا ، من أصل 4,5 مليون بوسني، ما بين قتيل وجريح ومُغتَصب ومُغيب ومُهَجَر ونازح ومفقود ومُحطم متضرر مادياً أم معنوياً.
لم تغير كل الفظائع التي اِرتُكبت، إلا القليل جداً، في منطقة البلقان، نرى ذلك بوضوح في خرائط اِتفاقيات "دايتون" ، التي أدَّت إلى وقف عمليات الإبادة في المنطقة، لكنها في واقع الحال، لم تغير الخارطة البشرية بفسيفسائيتها، ولا الاِستقطابات السياسية، ولا الثقافية، ولا الدينية، ولا القومية، وإن غيّرت "الطبائع الإنسانية" لدى كل الأطراف.
اِنكمش الصرب "الأبطال الميامين"، كالجُرذان إلى جُحورهم، يَعضُّون أصابع الغيظ والحقد، وخرج الكروات بقناعات مخيفة عن الإعداد والاِستعداد لجيرانهم المتوحشين هؤلاء، وعاد أهل البوسنة المسلمين بجراحِهم ومآسيهم، لمراجعة حساباتهم مع أنفسهم، والتفكير العميق في هويتهم واِنتمائهم الحقيقيين، وهم الذين مافتئوا يعانون حروب الاِستئصال هذه منذ خمسمئة عام ، ودون توقف.
الإثخان في القتل، لا يستطيع أن يُبدل طبيعة قوانين الحياة.
التغول الوحشي، لا ولم يُثنِ الشعوب عن المُضي نحو أقدارها، وإن توقفت في بعض الطريق لاِستجماع قوتِها.. الاِستضباع والتنمر على الضعفاء، لا يتمكن من تغيير دفة سُفن شعوبٍ أبحرت تطلب الحرية.
إراقة الدماء، لا تؤدي إلا إلى تغيير خرائط الفكر والمشاعر الإنسانية، وقطعاً .. ما كان ذلك، و لن يكون لمصلحة القتلة .. مهما بدا لهم في الحين والآن أنهم هم الغالبون!
خواطر في زمن الثورة / رتقٌ على جراح الذاكرة
#خواطر_في_زمن_الثورة_نوال_السباعي
التعليقات
يرجى تسجيل الدخول