خطورة الهجرة إلى الغرب للإقامة الدائمة

في ظلّ ما يحدث الآن في السويد علينا التأكيد مجدّدا على خطورة الهجرة إلى الغرب للإقامة الدائمة هناك أو التجنّس سعيًا نحو حياة أفضل، وعلينا أن نعيد تقييم تلك الهجرات بالميزان الحقّ، خصوصا تلك التي ترى في البلدان العربية والإسلامية محطّة نحو الفردوس الأرضي: أوروبا وأمريكا.

الميزان الحقّ هو الذي يضع "الدين" في المقام الأول، لسبب واقعي: أنّ هذه الدنيا دار فناء وليست دار بقاء، فهذا هو يقين المؤمن، ومن ثمّ فليس من مصلحة الإنسان أن يقدّم فردوسًا أرضيّا مؤقّتا كاذبًا على فردوس أخروي أبدي صادق، فهو وإنْ لم يفرّط بدينه كما يظنّ، ولكنه ماضٍ في درب التفريط ومستسلم لهاوية الردى، إذ الاعتماد على الذات مع الانغماس في مستنقع الآفات ينبئ عن غفلة كبيرة، والمرء متأثر ببيئته لا محالة، ودولة الحداثة الغربية تهوي بمطارقها الإعلامية والثقافية والتعليمية على عقلك وقلبك، وعلى عقول أبنائك وذريّتك فلأي شيء تغامر في تلك الهاوية؟

رُوي عن النبيّ صلى الله عليه وسلّم أنّه قال: "ما مَثَلُ الدنيا في الآخرة إلا مِثْلُ ما يجعلُ أحدُكم أصبعه في اليمّ، فلينظرْ بِمَ يرجعِ إليه!". فهذا الذي عظّم المصلحة الدنيوية الموهومة في الفردوس الأوروبي الكاذب هو كالذي يقدّم مسحة الماء التي تعلق بالأصبع على بحر الجنّة الوافر العظيم!

وهذا الكلام يُقال لأولئك الذين سيطرت على أذهانهم حسابات المصالح المادية، فتجد دأبهم السعيَ نحو الحصول على الإقامة أو الجنسية في أوروبا وأمريكا الشمالية، ولا يرتضون أي حياة كريمة في بلدان مسلمة هاجروا إليها من جحيم الحرب في سوريا واليمن والعراق وغزة وغيرها، بل يطمعون بزيادة الترفيه ودخل الفرد الأعلى ومخصصات الدولة الأكبر، دون أن يفطنوا إلى أنّها تكون على حساب ما هو أعظم في ميزان القيمة والمعنى والإرث والوجود.. فليس وجود الإنسان هو وجوده البيولوجي المادي بقدر ما هو وجوده القيميّ المعنوي، والحداثة الغربية في عقر دارها تحارب المعنى الإلهي الذي أوحاه الله إليك في رسالته الأخيرة للبشرية.

وهذا ليس تبرئة لبلدان العالم الإسلامي العلمانية، ولكنّ بعض الشر أهون من بعضِ، وأن تعيش في مجتمع مسلم يقيم الدين وفيه مؤسسات للحفاظ عليه وعلى اللغة ودولة لا تحارب قيمك الإسلامية وإن كانت لا تطبّقها كلها، أفضل ألف مرة من أن تقيم في مجتمع يشدّك نحو معيارية مناقضة لمعيارية دينك، ودولة تبذل جهدها في صهرك وصهر أبنائك في منظومتها القيمية لتكون "مواطنًا صالحا" أي مريدًا مخلصًا في دين الدولة الليبرالي الجديد!

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين