أسئلة بيانية (6) حول خزي الدنيا والعياذ بالله تعالى

قال تعالى في سورة البقرة: ﴿لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ﴾ [البقرة: 114].

وقال في سورة المائدة: ﴿ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ﴾ [المائدة: 33].

وقال في سورة الحج: ﴿لَهُ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَنُذِيقُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَذَابَ الْحَرِيقِ﴾ [الحج: 9].

سؤال:

لماذا قدَّم الخزي على الدنيا في آية المائدة، فقال: ﴿لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا﴾ وأخّره عنها في آيتي البقرة والحج، فقال: ﴿لَهُ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ﴾؟.

الجواب:

إن الخزي المذكور في آية المائدة أظهر للعيان مما في آيتي البقرة والحج، وهو ثابت لا يزول، بخلاف ما في آيتي الحج والبقرة فإنه غير ظاهر ذلك الظهور ولا ثابت ذلك الثبات، فقد قال تعالى في آية المائدة: ﴿إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الْأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ﴾ [المائدة: 33]، في حين قال في سورة البقرة: ﴿وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَسَاجِدَ اللَّهِ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ وَسَعَى فِي خَرَابِهَا أُولَئِكَ مَا كَانَ لَهُمْ أَنْ يَدْخُلُوهَا إِلَّا خَائِفِينَ لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ﴾ [البقرة: 114].

فقد ذكر عن هؤلاء أنهم لا يدخلونها إلا خائفين، أي لا يدخلون المساجد إلا خائفين، فالخوف مقارن للدخول فإذا انتفى الدخول انتفى الخوف، ثم إن الخوف أمر قلبي غير ظاهر للعيان، فالخزي المذكور في آية المائدة أظهر وأشد.

وقال في سورة الحج: ﴿وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلَا هُدًى وَلَا كِتَابٍ مُنِيرٍ * ثَانِيَ عِطْفِهِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ لَهُ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ وَنُذِيقُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَذَابَ الْحَرِيقِ﴾ [الحج: 8-9]، ولم يذكر الخزي الذي سيلحقهم في الدنيا.

فالتقتيل والتصليب وقطع الأيدي والأرجل من خلاف والنفي من الأرض أظهر خزياً وأشد عقوبة في الدنيا مما ذكره في الآيتين الأخريين، فناسب تقديمه في آية المائدة.

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين