حرب غزة يوميات ومشاهدات.. سُؤالات الوَرَع

من البرامج التي كنت أتابعها في السنوات الماضية برنامج (قلبي اطمأن) الذي يقدمه غيث الإماراتي، وأنا بحمد الله أعلم ما أُخذ ويُؤخذ على البرنامج وما قيل فيه، ولست هنا للتسويق له، وما دفعني إلى حضوره إلا التقاطُ هذه المعاني الإيمانية العظيمة التي تنطلق على ألسنة العامة ممن يُستهدفون في البرنامج؛ الصبر والشكر والرضا والقناعة والتسليم واليقين والسكينة وانشراح الصدر، كنت أسائل نفسي: كيف تنبعث هذه المعاني في نفوس العامة، وتغيب عن كثير من المتشرِّعة والمنتسبين إلى العلم؟!

 

وكنت من قديم ألحظ هذا، ويأسرني السبقُ إلى حقائق، والتفتيش عن دقائق لا يتطاول إليها كثير من طلبة العلم، ولا يرفعون بها رأسا.

 

ما أكثر ما يتصل في أيام الحرب هذه متصل يسأل عن مسائل من الورع (لا سؤال مجادل متعنِّت، بل سؤال من يبتغي مرضاة ربه)، ينتهي السؤال ويمضي الرجل لسبيله، ويتركني في عذاب المقارنة بينه وبين من كنت أراه عظيما (وما أبرئ نفسي)

 

أحدهم يسأل: هل يجوز أن أذهب إلى الكُويت (يقصد دُوَّار الكويت، أو إن شئت فسمِّه دوار الموت، حيث تقف هناك الشاحنات) لجلب شيء من الطحين أُخرج منه زكاة الفطر عن نفسي وأهلي؟
وثانٍ ذهبت زوجه وولده وتجارته وماله، ويسأل سؤال ملحٍّ مستعجل عن زكاة ما بين يديه من مال لا يكاد بعد استيفاء الحقوق منه يبلغ نصابا.

 

وثالث يسأل عن أخذ شيء من ضرورات الحياة والعيش من بيت جاره الذي هاجر من الشمال إلى الجنوب، وترك بيته ليس فيه أحد، وهو في هذه الحال إما أن يقصف، أو يَعْدو عليه اللصوص، أو يَفسد ما فيه مما يحتاجه السائل، وسؤاله ليس عن تملكها، بل عن الاستفادة منها والانتفاع بها حتى يرجع صاحبها فيردها إليه أو يدفع له قيمتها، ومع ذلك كله لا تطيب نفسه بها.
وفي المقابل: تجد في الناس من يترخص بمذموم الرخص، ويتقحم المشتبهات (بل المحرمات) مطمئن النفس، وهم كثير لا كثرهم الله.

 

والخير بحمد الله يغلب الشر، والطيب يكاثر الخبيث، وإن كان الشر يبدو غالبا لأول وهلة؛ وذلك أن صاحبه يجاهر ويتواقح به ويستفز غيره إليه، وهذا وأكثر منه يحصل في كل بلد تصير إلى ما صرنا إليه، وقد شاهدنا الناس في أمريكا وأوروبا وغيرها يتسابقون ألوفا إلى سرقة المحلات والأسواق وقت انقطاع الكهرباء ساعة أو أقل من ليل أو نهار.

 

والواجب على أهل العلم والدعاة والمصلحين، ومن ولاهم الله أمر هذه البلاد أن يقوموا في الناس ناصحين ومذكرين وآخذين على يد اللصوص والعابثين لقطع دابر الشر والفساد.
والله المسؤول والمرجو أن يمن على بلادنا وبلاد المسلمين بالفرج العاجل والأمن والعافية، وأن يولي عليها من يَصلح به دين الناس ودنياهم، اللهم آمين.

 

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين