حرب غزة يوميات ومشاهدات.. إلى أهلنا في رفح

طالعتنا وسائل الإعلام من صباح اليوم عن نية اليهود أخزاهم الله اجتياح مدينة رفح، وبدأ الأمر بإنذار المناطق الشرقية وأمرِ سكانها بإخلاء منازلهم، وتبع ذلك دكٌّ وقصف شديد، والناس في قلق شديد، وهمٍّ ملازم لا يعلمه إلا الله تعالى.

وهم من أكثر من شهر يتلاعبون بالناس، ويلوِّحون بهذا الاجتياح؛ ويرون أن عمليتهم العسكرية والقضاء على الفصائل المجاهدة لا يتم إلا بذلك.

 

يا أهلنا في رفح، لقد اجتاح الأراذل مِن قبلُ مدن الشمال، ثم مدينة غزة (وسط القطاع)، ثم المنطقة الوسطى، ثم خانيونس، وجرى على الناس فيها أمر الله وقدره، وإنا لنسأل الله ونتوسل إليه أن يدفع عنكم كيدهم وشرهم، فإن جرى قدرُ الله بالاجتياح فأنتم أعلم بظرفكم وحالكم، ولن تَعدموا نصح الناصحين، والكلمة اليوم مسؤولية وأمانة يسأل عنها المرء بين يدي ربه.

 

وإني أوصيكم بوصية نبينا صلى الله عليه وسلم لابن عباس رضي الله عنهما قال: كُنْتُ رَدِيفَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: (يَا غُلامُ، أَلا أُعَلِّمُكَ كَلِمَاتٍ يَنْفَعُكَ اللهُ بِهِنَّ؟) فَقُلْتُ: بَلَى. فَقَالَ: (احْفَظِ اللهَ يَحْفَظْكَ، احْفَظِ اللهَ تَجِدْهُ أَمَامَكَ، تَعَرَّفْ إِلَيْهِ فِي الرَّخَاءِ يَعْرِفْكَ فِي الشِّدَّةِ، وَإِذَا سَأَلْتَ فَاسْأَلِ اللهَ، وَإِذَا اسْتَعَنْتَ فَاسْتَعِنْ بِاللهِ. قَدْ جَفَّ الْقَلَمُ بِمَا هُوَ كَائِنٌ، فَلَوْ أَنَّ الْخَلْقَ كُلَّهُمْ جَمِيعًا أَرَادُوا أَنْ يَنْفَعُوكَ بِشَيْءٍ لَمْ يَكْتُبْهُ اللهُ عَلَيْكَ لمْ يَقْدِرُوا عَلَيْهِ، وَإِنْ أَرَادُوا أَنْ يَضُرُّوكَ بِشَيْء لمْ يَكْتُبْهُ اللهُ عَلَيْكَ لمْ يَقْدِرُوا عَلَيْهِ. وَاعْلَمْ أنَّ فِي الصَّبْرِ عَلَى مَا تَكْرَهُ خَيْرًا كَثِيرًا، وَأَنَّ النَّصْرَ مَعَ الصَّبْرِ، وَأَنَّ الْفَرَجَ مَعَ الْكَرْبِ، وَأَنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا) [أخرجه أحمد، وأصله عند الترمذي، وهو صحيح بطرقه].

 

واعتبروا بحاله صلى الله عليه وسلم يوم بدر -حين اجتمع عليه المشركون-  فيما أخرجه مسلم من حديث ابن عباس رضي الله عنهما، قال: حَدَّثَنِي عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ قَالَ: لَمَّا كَانَ يَوْمُ بَدْرٍ نَظَرَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى الْمُشْرِكِينَ وَهُمْ أَلْفٌ، وَأَصْحَابُهُ ثَلَاثُ مِائَةٍ وَتِسْعَةَ عَشَرَ رَجُلًا، فَاسْتَقْبَلَ نَبِيُّ اللهِ صلى الله عليه وسلم الْقِبْلَةَ، ثُمَّ مَدَّ يَدَيْهِ، فَجَعَلَ يَهْتِفُ بِرَبِّهِ: (اللهُمَّ أَنْجِزْ لِي مَا وَعَدْتَنِي، اللهُمَّ آتِ مَا وَعَدْتَنِي، اللهُمَّ إِنْ تُهْلِكْ هَذِهِ الْعِصَابَةَ مِنْ أَهْلِ الْإِسْلَامِ لَا تُعْبَدْ فِي الْأَرْضِ)، فَمَا زَالَ يَهْتِفُ بِرَبِّهِ مَادًّا يَدَيْهِ مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ حَتَّى سَقَطَ رِدَاؤُهُ عَنْ مَنْكِبَيْهِ، فَأَتَاهُ أَبُو بَكْرٍ فَأَخَذَ رِدَاءَهُ، فَأَلْقَاهُ عَلَى مَنْكِبَيْهِ، ثُمَّ الْتَزَمَهُ مِنْ وَرَائِهِ وَقَالَ: يَا نَبِيَّ اللهِ، كَفَاكَ مُنَاشَدَتُكَ رَبَّكَ فَإِنَّهُ سَيُنْجِزُ لَكَ مَا وَعَدَكَ، فَأَنْزَلَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: (إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُرْدِفِينَ) [الأنفال: 9] فَأَمَدَّهُ اللهُ بِالْمَلَائِكَةِ.

 

اللهم اجعل لنا ولإخواننا في رفح من كل هم فرجا، ومن كل ضيق مخرجا، ومن كل عسر يسرا، ومن كل بلاء عافية.

اللهم انصر دينك وكتابك وسنة نبيك، وعبادك الذين يجاهدون في سبيلك؛ نصرة لدينك، وإعلاء لكلمتك، اللهم انصرهم وثبتهم، وقوِّهم وأعنهم، اللهم صوب رميهم، وسدد رأيهم، واجمع على الحق كلمتهم، اللهم عليك بعدوك وعدوهم.

ربنا عليك توكلنا وإليك أنبنا وإليك المصير

ربنا لا تجعلنا فتنة للذين كفروا واغفر لنا ربنا إنك أنت العزيز الحكيم.

ربنا أفرغ علينا صبرا وثبت أقدامنا وانصرنا على القوم الكافرين.

يا حي يا قيوم، برحمتك نستغيث، أصلح لنا شأننا كله، ولا تكلنا إلى أنفسنا طرفة عين.

اللهم احفظنا بالإسلام قائمين، واحفظنا بالإسلام قاعدين، واحفظنا بالإسلام راقدين، ولا تُشْمِت بنا عدوا ولا حاسدا يا رب العالمين.

 

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين