حاجتنا إلى تيسير علم أصول الفقه

إنه من الشائع عند كثير من الناس أن علم أصول الفقه علم تقليدي يهم الباحثين والمختصين بالعلوم الشرعيَّة، لا صلة له بحياة الناس، ولا يحتاج إليه عامة الدارسين. وقد أثر هذا الوهم الشائع في إقبال الناس عليه، وفي تكوين نظرة خاطئة نحو هذا العلم أبعدت الناس عنه، وكونت حجاباً كثيفاً بينه وبينهم.
حتى صار علم أصول الفقه عند كثير من طلاب العلم، العلم الصعب الذي يمكن أن يستغنى عنه، ويكتفى منه بالقليل الذي لا بدَّ منه لمجاوزة الاختبارات المدرسية، ولمتابعة الدراسة الشرعيَّة النظامية، ولو حظي هؤلاء بمن يسهله لهم، ويقربه إليهم، لعرفوا أهميته، ولتغيرت نظرتهم إليه، وتبدل موقفهم منه.
إذ أن علم أصول الفقه هو أصل العلوم الشرعيَّة، لا يستغنd عنه دارس ولا طالب علم، بل لا تكمل ثقافة الدارس المسلم إلا به.
فلا يستغنى عنه طالب علم التفسير، ولا طالب علم الحديث، ولا علم الفقه، حيث أن قواعده محكمة في جميع هذه العلوم.
فأنَّى لدارس القرآن الكريم أو السنَّة الشريفة أن يفهم النصوص الشرعيَّة فهماً صحيحاً يطمأن إليه، إذا لم يعرف دلالات النصوص وأشكالها التي عني بتوضيحها وبيانها علم أصول الفقه!؟ وهل يستغني دارس عن معرفة هذه الأمور، وعن تفهُّم هذه العلوم!
والمتتبع لأحوال الرجال من حوله على اختلاف تخصصاتهم، والناظر في مواقفهم العلمية المختلفة، يرى رأي العين الأثر الذي يخلفه علم أصول الفقه في فكر الرجل وفقهه، ويقدر عن كثب تلك الثغرة العظيمة التي يتركها فقدان هذا العلم في عقول الناس وعلومهم.
وإذا كان من أسس ثقافة المسلم أن يلمَّ ولو إلمامة مجملة ببعض العلوم، فإن علم الأصول في الحقيقة يأتي في مقدمة هذه العلوم.
وقد نُشر هذا البحث سابقا في مجلة «أضواء الشريعة» التي كانت تصدر عن كلية الشريعة في جامعة محمد بن سعود الإسلامية، عندما كان الباحث د. محمد أبو الفتح البيانوني، مدرِّساً فيها سنة 1396هـ. ونعيد نشره لأهميته. والله الموفق.

تحميل الملف