ملخص البحث:
يعد
داء العنصرية من أقدم الأمراض الموجودة في المجتمعات وأخطرها، فالعنصرية وجدت منذ
أن خلق الله آدم عليه السلام عندما تكبر عليه إبليس، وامتنع عن السجود بحجة أنه
أفضل منه على اعتبار أنه مخلوق من نار وآدم مخلوق من طين، واليوم أصبحت العنصرية
وسيلة للتفريق بين الشعوب، وكسب الأصوات السياسية على حساب اللاجئين. وقد تناول
العلماء الحديث عن العنصرية من الناحية الأخلاقية تناولا مفصلا إلا أنهم لم
يتناولوها من الناحية الفقهية بوصفها جريمة جنائية، وتعد الشريعة الإسلامية سباقة
في محاربة العنصرية، إذ جاء الإسلام وكان أول شعار له أن الناس متساوون في أصل
الخلق، فقد ساوى بين السيد والعبد، وبين الغني والفقير، وبين الرجل والمرأة، وأعلن
أنه لا فضل لأحد على أحد إلا بما يقدم الفرد من أعمال صالحة مفيدة.
وقد
طبقت هذه المساواة عمليا في مجتمع المدينة المنورة؛ إذ أصبح بلال الحبشي، وسلمان
الفارسي وزيد بن حارثة، وغيرهم من العبيد والموالي سادة من سادات المدينة المنورة
يُرجع لهم، ويؤخذ برأيهم، ولا فرق بينهم وبين عمر بن الخطاب وأبي بكر الصديق،
وعثمان بن عفان، وطبقت المساواة بين المهاجرين الذين هاجروا إلى المدينة المنورة
والأنصار، إذ قاسمهم الأنصار أموالهم وبلادهم وأرضهم، فقدموا أروع مثال في
المساواة ومحاربة العنصرية.
ولم تقتصر الشريعة الإسلامية على الدعوة إلى المساواة، وتحريم العنصرية بل عدت العنصرية جريمة يعاقب من يرتكبها بعقوبة تعزيرية، لذلك سأتناول في هذا البحث العنصرية بوصفها جريمة جنائية في الفقه الإسلامي، وأتحدث عن أركان الجريمة، فهذه الجريمة قد تتضمن جريمتين: الأولى التحريض على العنصرية كما نشاهده اليوم من خلال التحريض ضد اللاجئين، والثانية ارتكاب جريمة بدوافع عنصرية، وأتحدث عن عقوبتها في الفقه الإسلامي، وبموجب قوانين الأمم المتحدة.
التعليقات
يرجى تسجيل الدخول