ثلمة جديدة موت العلامة الزحيلي

 

قال غيري وسيقول في الدكتور وهبة الزحيلي رحمه الله ، مثنيا عليه ومقدرا قدراته وخدماته للأمة الإسلامية من علم وثقافة وجهود ومؤلفات أخذت مكانها من المكتبة العلمية وسدت فراغا ماكان غيرها ليملأها في يوم من الأيام .

 

ولن أزيد على ما قاله إخوتي من طلبة العلم واساتذتي العلماء ، ولكن سأتحدث عن نقطة اثارها أحد الإخوة حول الدكتور وهبة فقال مرة :الدكتور وهبة عالم وذو نشاط واضح في التاليف ودور كبير في قرارات المجامع الفقهية ، ولكنه رجل جمّاع ( أراد : انه لا دور له في كتبه إلا جمع المسائل ونقلها من الكتب وصفّها وترتيبها ، وإذا أبعدَ مرة كان له تعليق بسيط وتعليق طفيف على ما جمع وساق )

 

 قلت له : وأين المشكلة في ذلك ، وهل يعيبه مثل هذا إن كان فعل ما تقول ? 

لقد عابوا مثل هذا او قريبا منه على الإمام السيوطي رحمه الله تعالى بل واتهموه بالسرقة في جمعه وأنه كان يسرق كتبا كاملة ويدخل بعض التعديلات عليها ثم يدعيها لنفسه ، ولئن كان العلماء تولوا الرد على تلك التهمة في الإمام السيوطي فإني أجدني مضطرا للدفاع عن الدكتور وهبة في هذه التهمة الداحضة المتهالكة التي لا زال يتردد صداها في آذان فئة من المثقفين . 

 

  مشكلة بعض طلبة العلم في زماننا هذا أنه لا يبني… وليته فعل ذلك وقعد… ولكنه لا يدع أحدا يبني…

 يسعى في ذم بناء الآخرين وابداء مواطن القصور والضعف فيه ، وليته بنى كما بنى الآخرون ، وأضاف مثلما أضاف غيره ، بل ليته سكت وطالع من بعيد ... ولكن قصاراه أن ينتقد ويعترض ويذم ويحقر . ولو دعي لكريهة لما ثبت…  أو لكتابة مقالة لكلت يده وتعبت ، أو لقراءة سطر واحد لما استقام لسانه بكلمة من العربية .

 

كنت ولا زلت أتمنى ممن ينتقد الدكتور وغيره بأنه جمّاع أن يجمع لنا كما جمع الدكتور وهبة ، وأن يحطِب لنا كما حطب السيوطي ، إذاً لكانت الأمة منه في خير عافية… بل في سلامة دائمة … 

وإن كان الزحيلي رحمه الله جمّاعا فقد فعل ذلك في زمن لم تكن الحواسيب متوفرة كاليوم ، ولم يكن القص واللصق منتشرا كانتشاره في هذا الزمن… 

إنه رحمه الله كان يكتب ويسود ويبيض ثم يرسل إلى المطبعة ، وأخرج لنا كل هذا النتاج العظيم ، ونحن اليوم مع وجود خاصية القص واللصق في حواسيبنا الخاصة وهواتفنا الذكية ، لا همة لدينا لإخراج كتيب صغير يُحسب لنا ونخدم به هذه الأمة في دينها… ثم لا عمل لنا إلا نقد فلان وفلان وأنه قال في كتابه كذا ونقل كذا وجمع كذا ، ويمضي بنا العمر في قيل وقال ، ويفوز من نقدناهم برضا الله وثناء الناس ومجد الدارين ، ونخسر نحن من وراء ذلك… ذلك هو الخسران المبين… 

رحم الله شيخنا الدكتور وهبة الزحيلي رحمة واسعة وسَدّ بغيره من العلماء الثلمة التي ثلمها موته في حياتنا ، وجزاه عن كل من أفاد من علمه وخطبه وكتبه خير الجزاء ، كفاء ما قدم للأمة… آمين. 

وكتبه ياسر مصطفى يوسف