تغسل إحداهما الأخرى
أ.د. محمود نديم نحاس

 رُوي عن سلمان الفارسي قوله (مَثَلُ الأخوين إذا التقيا مَثَلُ اليدين تغسل إحداهما الأخرى). وعلم الإدارة الحديث الذي يسعى لرفع الأداء وزيادة الإنتاجية وتحسين الجودة توصَّل إلى ما يُسمى (عمل الفريق Team Work) حيث يتم إسناد العمل إلى مجموعة من الناس يتعاضدون فيما بينهم لإنجاز المطلوب بحيث يكون أداؤهم المشترك أكبر من مجموع جهودهم الفردية. وقد يتم تعيين رئيس الفريق من قِبل الإدارة، أو قد يختار الفريق رئيسه لينظم العمل ويوزع المسؤوليات.

وفي كلية الهندسة نعلم طلابنا (عمل الفريق) بشكل عملي من خلال إعطائهم المشروعات الجماعية، مما يمكنهم من فهم الحياة المهنية وهم على مقاعد الدراسة.
وهذه الأسطر خواطر حول سمات فريق العمل الفعّال. وأولاها وضوح الرؤية والرسالة والأهداف في ذهن كل واحد من أفراد الفريق بحيث يعرف كل عضو الصورة الشاملة ويعد نفسه ليكون مسؤولاً عن أداء الفريق وليس عن أدائه هو فقط. وكل عضو يعرف ويفهم دوره والهدف المطلوب منه جيدا، ويعرف كيف يحققه وكيف يصل إليه. ومن السمات المهمة لأعضاء فريق العمل الفعال أنهم متعاونون غير متنافسين، يحكمهم جو تكاتفي قائم على الثقة المتبادلة بينهم. ومن صفات الفريق الفعال التوجيه والرقابة الذاتية التي تكفيه لأداء مهامه دونما تدخل إضافي في التوجيه أوالتحريك، وبالتالي فهو يقيِّم نفسه بنفسه، ويتمتع أعضاؤه بدافعية عالية للأداء المتميز والإنتاجية الفعالة والروح المعنوية المرتفعة والدرجة العالية من الكفاءة والجودة. وبالتالي يوجد علاقات قوية بين أعضائه تأخذ شكلا غير رسمي حيث يصبحون أصدقاء أكثر من زملاء في العمل، ويكون قوام العلاقة بينهم الثقة والاحترام والتعاون والدعم، ويتم تبادل المعلومات بينهم بحرية ويسر وشفافية. فيشعر كل عضو في الفريق بالسعادة بانتمائه للفريق ويمتلئ قلبه بالود لبقية الأعضاء ويحرص على الاستمرار في العمل معهم، مما يؤدي إلى حل الخلافات بسهولة دون أن ينقلب اختلاف وجهات النظر إلى صراعات داخل الفريق. والفريق الفعال يحرص أعضاؤه على التشاور لاتخاذ القرارات فتدور بينهم المناقشات في هدوء للوصول إلى القرار الأصلح الذي يوافق عليه الأغلبية أو الجميع حيث تتخذ القرارات على أساس الفكرة وليس من اقترح الفكرة.
ومن الخصائص الأخرى لفريق العمل الفعال أن يشجع على الأفكار الإبداعية والحلول الابتكارية وأن يحرص على تطوير الأداء ورفع مستوى كل عضو فيه. ويضاف إلى ذلك استفادة كل عضو من خبرات وتجارب بقية أعضاء الفريق مما يؤدي إلى زيادة كفاءة الأعضاء جميعاً. فتكون فرق العمل بذلك الإطار المناسب للكشف عن المهارات والخبرات واستغلالها على النحو الأمثل.

والعضو الفعال هو الذي تؤدي إضافته إلى الفريق إلى زيادة أداء الفريق. أما الذي تؤدي إضافته إلى عكس ذلك فهو عضو لا فائدة منه. (إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الأَمِينُ). 

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين