النور الوهَّاج في قصة الإسراء والمعراج

المتوفى سنة 1270 هـ الموافق 1853 م

رحمه الله تعالى

التقديم للبحث:

حادثة الإسراء والمعراج فيها تسلية للنبي صلى الله عليه وسلم بعدما امتلأت جوانب حياته بسحائب الكآبة والأحزان، فكانت هذه الحادثة التي اضمحلت أمامها تلال الغموم الناتجة من ازدراء قومه له وتكذيبه. إنَّ المرء إذا أراد أن يُقنع الناس بمبدأ معينٍ وتصدى أهله وعشيرته لتكذيبه والنيل منه بسبب ذلك واجه من الأحزان قدراً لا يحيط به إلا الله تعالى؛ لأن باقي الناس ممن ليسوا بأهله أولى بتكذيبه واستهجان طرحه..

هذه الرسالة اللطيفة فيها إشارات ولمحات مما ورد في الأحاديث النبوية عن قصة الإسراء والمعراج، وذلك في عبارة رشيقة موجزة بليغة. كما اشتملت على بعض القصائد في هذه الذكرى المباركة التي تتجدد على المسلمين كلَّ عام لتحيي فيهم روحَ الأمل والاستبشار بما عند الله تعالى، ولتربطهم بعوالم الآخرة التي وصلتنا من الصادق المصدوق عليه الصلاة والسلام..

والعبر والفوائد من هذه الحادثة العظيمة أكثر من أن تحصر فقد لقي النبي صلى الله عليه وسلم في السماء الأولى: آدم، وفي الثانية: عيسى ويحيى، وفي الثالثة: يوسف، وفي الرابعة: إدريس، وفي الخامسة: هارون، وفي السادسة: موسى، وفي السابعة: إبراهيم –عليهم صلوات الله وتسليماته-.

والحكمة في اختيار هؤلاء الأنبياء –والله أعلم- أنه بمقابلة آدم –عليه السلام- يتذكر أنه أُخرج من موطنه وعاد إليه، فيتسلى بذلك إذا أخرجه قومه من موطنه.

وأما عيسى ويحيى –عليهما السلام- فلما لاقاهما من شدة عداوة اليهود، وهذا أمر سيلقاه النبي صلى الله عليه وسلم في مدينته.

وأما يوسف فلما أصابه من ظلم إخوته له، فصبر عليهم، وقد طَرد أهلُ مكة النبيَّ صلى الله عليه وسلم وأرادوا قتله.

وأما إدريس فلرفعة مكانه التي تشحذ الهمة لنيل أعلى الدرجات عند رب السماوات.

وأما هارون فلأن قومه عادوه ثم عادوا لمحبته.

وأما موسى فلشدة ما أُوذي به من قومه، حتى إن نبينا صلى الله عليه وسلم قال في ذلك: «يَرْحَمُ اللَّهُ أَخِي مُوسَى؛ قَدْ أُوذِيَ بِأَكْثَرَ مِنْ هَذَا فَصَبَرَ» أخرجه البخاري ومسلم.

وفي ملاقاة إبراهيم –عليه السلام- في آخر السماوات مسنداً ظهره للبيت المعمور إشعار بأنه صلى الله عليه وسلم سيختم عمره الشريف بحج البيت العتيق.

وجد النبي صلى الله عليه وسلم أبواب السماء مغلقة وكانت تُفتح لهما، وفي هذا من الإكرام له ما لا يخفى؛ "لأنه لو رآها مفتحة لظنَّ أنَّها كذلك "

تحميل الملف