الميزان في حقيقة نواقض الإيمان

إن مصطلح نواقض الإيمان أو ما يسميها البعض بنواقض الإسلام أو نواقض الدين ، والذي شاع بين المسلمين اليوم ، ما هو إلا أمر اجتهادي افتراضي ، ويصح أن توصف هذه النواقض من حيث ترتيبها وتحديدها ، بأنها بدعة في الدين من حيث أصلها ، لأنه لم يرد فيها نص شرعي لا من القرآن ولا من السنة ، بل لم يرد فيها أي قول عن أحد من الصحابة أو التابعين.

إن السبب الدافع إلى الكتابة في هذا البحث أمور ثلاثة :

الأول : هو ظهور منشورات وأوراق ، أصبح الناس يتداولونها اليوم ، في كل ميدان ومجلس يتحدثون فيها عن تلك النواقض ، ويقسمها بعضهم إلى عشرة نواقض تزيد أو تنقص ، و لم يكن يتوقع أحد أن نتائج تداولها بهذا الشكل الخطير قد أدى إلى أن أصبح الناس يكفرون بعضهم على أساسها ، وقد أحدث ذلك فتنة عظيمة بين المسلمين كان لا بد من درئها، ودفع ما فيها من غلو وتشدد ، وبيان ما أُلبس على الناس من شبهات حول هذه المسألة.

إن من أخطر ما نتج عن نشرهذه النواقض بهذا الشكل ، وخصوصاً في هذه الظرف التي تعيشها الأمة اليوم ، هو إحداث فتنة كبيرة بين المسلمين ، لأنها في مضمونها لا تريد أن تصنف المؤمنين إلى من هو على الإيمان الصحيح ، ومن هو على الإيمان الضعيف فحسب ، أي الذي يحتاج إلى تكملة ، بل إلى من هو على الإيمان الصحيح ومن ليس عنده شيء من الايمان أصلاً ، وهنا تكمن الفتنة ، لأنها لا تهدف إلى تقسيم المسلمين إلى فرقتين إسلاميتين فقط، بل تهدف إلى إخراج جميع المسلمين عن دينهم بالمطلق ، ثم لا ترجعهم إلى دينهم إلا بعد أن يتراجعوا عن هذه النواقض العشرة أو غيرها. 

الثاني : التحذير من أن تكفير الناس بهذه النواقض أفراداً وجماعات يعني القضاء على هذا الإسلام المنتشر في هذه الأرض ، بين مشارقها ومغاربها بجعله ديناً باطلاً أي لم يعد لهذا الدين وجود في جميع أقطار هذه الأرض ، إلا من كان على ذلك المذهب والمعتقد فحسب.

وهذه الفكرة بالإضافة إلى أنها محض الجهل والضلال والانحراف ، فهي أيضاً تكذيب للنصوص القرآنية التي تبين أن هذا الدين المشهود في هذه الحياة ، والمنتشر في أصقاع هذه الأرض هو الدين الذي وعده الله تعالى بالنصر والتمكين والظهور ، على جميع الأديان الموجودة في هذه الأرض.

وهذا الوعد الإلهي قد تم وأنجز وهو ما حصل له من الظهور من أيام الصحابة إلى يومنا هذا، وكل من يريد أن يتجاهل هذه الحقيقة فإنه مخرّف، ويهرف بما لا يعرف، ويعيش في ضياع بين الخيال والوهم ومرض الانفصام والجنون ، فإذا لم يكن قد ظهر هذا الوعد فمتى سيظهر ؟ إلا إذا كان هذا الظهور سيكون بعد قيام الساعة .

الثالث : ظهور فتنة عظيمة بعد انتشار هذه المكفرات، أدت إلى بلبلة فكرية واختلاط عند الناس، عجز بسببه الكثيرون عن فهم الحقيقة، وهو ما أوجب طرح هذه الموضوعات بطريقة مختصرة ميسرة لعامة أمة الإسلام حول تلك النواقض، وبيان التأصيل الشرعي لها وما نتج عنها من تأثير كبير جداً على كثير من العقول، التي لاتملك ذخيرة علمية كافية للتمحيص بين الحق والباطل ، حيث اختلط الأمر على الناس بين من يريد أن يبين الحقيقة بكل نزاهة وإنصاف وتجرد، ومن يسعى إلى إثارة البلبلة الفكرية عند المؤمنين ، وبث الفرقة وإثارة الفتنة، وتدمير صفاء العقيدة والوحدة الإيمانية، بأي حجة زائفة أو أقوال مغلوطة ، لا تخفى على أهل البصائر من أهل العلم والاستقامة، وهم عصبة وأفراد سيستمرون قائمين على الحق، يبينونه للناس ولا يكتمونه حتى تقوم الساعة وهم على ذلك تصديقاً لقوله صلى الله عليه وسلم : (لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق لا يضرهم من خذلهم حتى يأتي أمر الله وهم كذلك) رواه مسلم.

للاطلاع على الكتاب هــــنا

تحميل الملف