الموجز في التاريخ: مروان بن محمد

الموجز في التاريخ: مروان بن محمد

عبد المعين الطلفاح

 

هو آخر خلفاء بني أمية، تولى الخلافة عام (127 ه)(1)، ليصارع أحداثًا أقوى منه، ويواجه دنيا مدبرة، ودولة ممزقة، قُدّر له أن يكتب آخر فصولها؛ رغم ما كان يتمتع به من صفات الشجاعة والإقدام، وسداد الرأي، ورغم تحقيقه انتصارات كبيرة على عدوه؛ إلا أن الله قدر أن تكون نهاية الدولة على يديه، ولا يعني ذلك أنه المسؤول الأول عن زوالها، لكن عوامل سقوطها كانت تتفاعل منذ زمن بعيد، ونضجت في عهده، وكان من أخطر ما واجهه مروان: انقسام الأمويين على أنفسهم، الذي كان من أسوأ نتائجه؛ انقسام كتلتي العرب في الشام: اليمنيون والقيسيون؛ فانقلب عليه اليمنيون، وانحاز إليه القيسيُّون؛ وإن اضطراب أمر الدولة في الشام؛ إيذانٌ باضطراب أمرها في الأمصار كلها.

     حاول مروان بن محمد أن يغير من الواقع، ويهدئ خواطر الناس، ويبعث فيهم الثقة، لكن ذلك الهدوء لم يدم، ولم يغير من حقيقة الواقع كثيرًا، بل كان الهدوءَ الذي يسبق العاصفة؛ فنشبت بعده الاضطراب والثورات في الشام، وقامت ثورات الخوارج في العراق والحجاز، كما قامت ثورات آل البيت؛ وكلها فتكت في عضد الدولة الأموية وأضعفتها؛ وبينما استطاع مروان السيطرة على هذا الوضع المضطرب، والقضاء على خصومه في الداخل، وأراد إرسال جيشه لمحاربة الخوارج في العراق؛ فاجأته الثورة العباسية من خراسان كالسيل الجارف، فاكتسحت خراسان والعراق، وتوجه قادتها إلى الشام، فالتقوا بجيش مروان في معركة (الزاب)، عام (132 ه) وهزموه، ففر إلى مصر، فأتبعوه وقتلوه(2).

     كانت معركة الزاب المعركة التي حسمت أمر الأمويين، وقضت على دولتهم، وذلك بعد تخاذل أهل الشام عن نصرة مروان بن إبراهيم، لأسباب كثيرة، من أعظمها: نقله مركز الخلافة من دمشق إلى حرَّان؛ فألَّب بذلك أهل الشام عليه، الذين شعروا أنهم قد سلبوا الحكم، وفقد مروانُ بذلك نصيرًا قويًا، كان معاوية بن أبي سفيان قد عرف أهميته، وأوصى ابنه يزيد به.

 

الهوامش:

(1) ينظر: ابن الأثير، الكامل، مصدر سابق، 4/332.

(2) ينظر: الصلابي، الدولة الأموية، مصدر سابق، 2/512-566.

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين