المسؤولية الطبية في الشريعة الإسلامية

إن مهنة الطب مهنة أخلاقية بالدرجة الأولى، فهي من أكثر المهن التي توجب على من يمارسها التحلي بالأخلاق الحميدة الفاضلة، لأنها تتعامل مباشرة مع الإنسان الذي كرَّمه خالقه عزَّ وجلَّ على سائر المخلوقات، وقد نصَّت جميع الدساتير الطبية منذ أطباء اليونان القدامى، من أمثال أبقراط ( 460 – 365 ق.م ) و جالينوس (199 – 200م) مروراً بالعصر الذهبي للطب الإسلامي وحتى يومنا الحاضر على أن يتحلى الطبيب بالأخلاق الفاضلة، والخبرة الكافية، وعدم ممارسة الطب بغير علم، وذلك من أجل تجنب الأخطاء وما ينتج عنها من أضرار قد تودي بحياة المريض .

ومن المعلوم أن الغش سهل في الممارسات الطبية نظراً لطبيعة هذه الممارسات وخفائها ( إعطاء دواء بدلاً من دواء آخر بهدف المزيد من الربح ، أو حقنة زهيدة الثمن واستيفاء مبلغ باهظ مقابلها، إجراء عملية جراحية غير ضرورية ونحوها من الممارسات .. )

كما أن معظم الأخطاء الطبية يمكن التستر عليها أو إخفاؤها، لأن معظم المرضى لا يعلمون ما هو صح وما هو خطأ في هذا المجال، فمثلاً هناك مضاعفات مألوفة تصاحب بعض الممارسات الطبية لا تعد خطأ طبياً، وهناك مضاعفات غير مألوفة تنتج عن الممارسات الخاطئة وتقع تحت طائلة المسؤولية.

فهذه الملاحظات وغيرها تدل دلالة واضحة على أنَّ الممارسات الطبية تحتاج من الطبيب إلى ضمير حي لأنها ممارسات لا يضبطها ضبطاً صحيحاً سوى الضمير والتقوى ومخافة الله عزَّ وجلَّ !

أما القوانين الوضعية فقد تحد من الممارسات الطبية الخاطئة لكنها لا يمكن أن تمنعها تماماً، لأن القوانين الوضعية يمكن في كثير من الحالات التحايل عليها والإفلات من عقوبتها .

تحميل الملف