المدرسة الأحمدية

 

التعريف بالبحث

 

تعد مدينة حلب من أعظم المدن السورية وأكثرها بهاء وروعة وجمالاً, وهي جديرة أن تعد في مقدمة المدن العظيمة, وذلك لحسن منظرها وحصانة قلعتها وأسوارها وأبراجها وأوابدها وآثارها, فقد كانت وما تزال محط القوافل القادمة من دمشق وبغداد وإسلام بول (استنبول) وأصبهان وغيرها, وهي من أهم محطات طريق الحرير التجارية القديمة وتتمتع مدينة حلب بموقع جغرافي متميز في شمالي سورية وبلاد الشام وما يعرف حالياً بالشرق الأوسط, فهي تقع إلى الجنوب من هضبة الأناضول في آسيا الصغرى (تركيا), وقريباً منها إلى الشرق نهر الفرات العظيم ولا يبعد البحر عنها أكثر من مئة كيلو متر إلى الغرب.

وقد لعبت مدينة حلب منذ القدم دوراً هاماً ومتميّزاً في الحضارة الإنسانية منذ الألف الثالثة قبل الميلاد وإلى يومنا هذا, وربما فاقتها شهرة بعض المدن التاريخية كأفاميا وأغاريت وإيبلا إلا أن هذه المدن زالت وعفت آثارها, ولم يبق منها إلا أطلال مدفونة تحت التراب يحاول علماء الآثار الكشف عنها, بينما بقيت مدينة حلب على ازدهارها وعمرانها وبهائها وعطائها الحضاري إلى يومنا هذا.

كما بقيت مدينة حلب محافظة على مكانتها الحضارية والتجارية والعمرانية منذ الفتح الإسلامي لها سنة 16 هـ ـ 636 م إلى أن دخلها العثمانيون بقيادة السلطان سليم الأول بعد انتصاره على المماليك في معركة مرج دابق سنة 922 هـ ـ 1516 م رغم ما تعرضت له من الغزوات والنكبات على يد التتار والمغول والرومان وغيرهم إلا أنها نعمت بالهدوء والاستقرار زمن الحكم العثماني لأنها بقيت بعيدة عن كلّ الأحداث والتطورات التي شهدتها الدولة العثمانية أواخر القرن الثامن عشر, وحظيت باهتمام جميع السلاطين العثمانيين خلال حكمهم لها, مما أتاح لها الازدهار التجاري والعمراني, فكثرت فيها الأوابد العمرانية من المساجد والمدارس والخانات والأسواق والقصور, حتى فاق عدد المساجد التي بنيت في هذا لعصر المئة مسجد. وعدد المدارس التي كانت قائمة فيها في القرن الثامن عشر, أكثر من ثلاثين مدرسة

وكان الولاة والأغنياء يشيدون هذه الأوابد لدوافع مختلفة دينية ودنيوية.

 

وهكذا نجد أن الأوابد العمرانية التي تركها العثمانيون في المدينة كثيرة جداً، تشهد على عبقرية مبدعيها الذين استطاعوا التوفيق في أعمالهم بين الدراسة الإنشائية والتطبيق المعماري لها.

وتميزت العمارة في العصر العثماني بضخامتها وروعة بنائها وكثرة زخارفها وتزين جدرانها ونوافذها بالزخارف الحجرية والقاشاني واستخدام الأحجار الملونة بالأسود والأصفر والزهري والبني, كما ظهرت القباب العظيمة المصفحة بالرصاص والمآذن المضلعة المرتفعة

يتجلى هذا واضحا في خان الوزير وفي المدرسة العثمانية والمدرسة الخسروية

 

وسيقتصر الباحث في هذا البحث على أثر عمراني ما يزال شاهداً على التقدم الحضاري والعمراني في العصر العثماني، وهو: المدرسة الأحمدية.

للاطلاع على البحث هنا