اللجوء والاغتراب إلى بلاد الغرب

حقائق وقصص من الواقع

 

وهذه آثارها…!!

قبل خمسين أرسله والده إلى ألمانيا ليدرس الطب فكان ما أراد..

لقد أضحى طبيباً لكنه آثر ألمانيا على دمشق التي احتضنته وليداً وخسرته رجلاً وطبيباً ونال من الدنيا ما نال..

وليس ثَمَّ بأس في هذا غير أنه تزوج نصرانية فغدا أولاده ذكوراً وإناثاً نصارى أسماءً واعتقاداً ومرجعاً والبنات تزوجن من نصارى والبنون كذلك..!!

وأما الحفدة.. فدعهم.. لا تحدث عنهم.. فالحديث يمزق القلب ويُدمي العين ويفتت الكبد..

هذه قصة طبيب أعرفه والتقيته.. هذه حاله.. وإلى الله مآله.. 

وهذه أوزارها…!!

حدثنا عالم في محفل عام عن أشخاص من جيله يعرفهم ويعرفونه توجهوا إلى بلاد الغرب ليدرسوا مهنة الطب فهي أمنية العمر وكانوا عازمين على العودة إلى حضن الوطن الدافئ كما زعموا..!!

وبعد أن انتهوا من دراستهم ركنوا إلى حِجر البلد البارد الذي درسوا فيه..فالبرد ألطف من الحر..!!

وزارهم من يحبهم ويحبونه واجتمع إلى أبنائهم الذين لم يتلوثوا بعدُ بنجاسة الغرب الفكرية والسلوكية ومكث نحواً من ستة أشهر يدرسهم ويعلمهم وكان بعضهم يحفظ قسطاً وافراً من كتاب الله تعالى فأسعده ذلك وأثلج صدره..

لكنه لما أراد السفر إلى دمشق خطر في خَلَده أن يسألهم جميعاً سؤالين اثنين:

ـ هل فيكم من لم يُقبّل فتاة في حياته؟!

ـ هل فيكم من لم يشرب مسكراً أو مخدراً ؟!

فما كان الجواب؟

كلهم صمتوا فلم ينبس أحدهم ببنت شفة..!!

فحمل أحزاناً ملأت فؤاده وعاد بها إلى العقلاء من هذه الأمة لعلهم يتقون..لعلهم يحذرون..

وهذه كوارثها وتدميرها…!!

غلط أخ عزيز لنا فهاجر إلى النرويج بعد أن قرأ أن فيها مدارس إسلامية فلا خوف على بناته من تبعات ذلك فلما حطّ رحاله فيها وجدها مدارس بلا طلاب..!!

كانت خدعة ممن لا يخافون الله تعالى ولعلهم كانوا يجمعون من ورائها الأموال..!!

فقرر ألا يستقدم عائلته إلى النرويج حرصاً على دينها وأخلاقها وكان حازماً في ذلك فليس راءٍ كمن سمع..

وهذه مشاهد مما رأى هناك:

ـ في المدرسة الابتدائية تُخرِج المدرِّسةُ طالباً وطالبة وتخلع ثيابهما التي تستر السوءة ثم تأخذ في الكلام عن الأعضاء التناسلية شارحة وموضحة لأولئك الأطفال…!!

ـ يدخل صديقنا مكان تغيير الملابس في مسبح الرجال فيرى الكبار والصغار فيه عراة كيوم ولدتهم أمهاتهم بل أبشع..!! 

فيخرج من بين أظهرهم وقد أصابه دوار وصداع فيذرعه القيء…!!

ـ عندما تشتكي البنت أباها إلى السلطات المسؤولة لأنه يحدّ من حريتها الشخصية تُؤخَذ البنتُ من بين يدي أبيها وتُدفع إلى عوائل أخرى نروجية تُحسن تربيتها وتعطيها حريتها وكرامتها الإنسانية التي سلبها إياها والدها وربما يسجن الوالد المجرم..!! 

وهذه تَبِعاتها غداً…!!

وأقصد من الغد يوم القيامة فهو لتحققه ولكمال اليقين بوقوعه كأنه يكون غداً وكل آت قريب..

وتبعات الاستقرار في بلاد الغرب من غير ضرورة واضطرار أثقالها الكبرى وحسراتها العظمى التي يراها المرء يوم الدِّين والحساب حين يقال له أتدري من أبناؤك وحفدتك وذريتك.. ؟!

فيرى منهم نصارى ويهوداً وربما ملحدين ومجوساً فيُقَرَّع ويقال له:

هؤلاء هم نسلك الذين نسلتهم في تلك البلد التي هاجرت إليها للدنيا والرخاء والعيش الرغد وأغفلت أمر دينك ومصير مَن بعدك..!!

هم من ذريتك التي خلّفتها وراءك وكنت تسعى ليكونوا منعمين مرفّهين في الدنيا وقد كان ما ابتغيت فربحوا العاجلة لكن خسروا دينهم والآخرة..!!

ثم يكون المشهد الأخير أمام عينيه..عندما يُدَعُّون إلى نار جهنم دعّاً وهو يتحسر عليهم لكن أنى لهم ذكراهم..!!

وقد يُؤخذ أبوهم هذا بجريرتهم لتهوره وتقصيره في أمر الدين إلا إن غفر الغفور الرحيم… 

                    من يحمل أثقال اللاجئين المضطرين.. ؟!

  هناك ثلة من اللاجئين حملتهم الضرورة المعتبرة في الشرع على التوجه إلى بلاد الغرب فلا مأوى ولا مال ولا عمل وبعضهم مرضى بأمراض مزمنة تحتاج إلى تكاليف هائلة ومنهم أصحاب عاهات  بسبب الحرب.. هؤلاء ضاقت بهم السبل وأوصدت أمامهم أبواب الهجرة إلى ديار الإخوة الأشقاء الأغنياء العرب...!! 

والإخوة الأغنياء العرب معذورون في ذلك المنع، لأن رتبة الأنصار شرف باذخ ومكانة سامقة ومقام رفيع، حظي به أنصار رسول الله صلى الله عليه وسلم عندما هاجر إليهم مع أصحابه الكرام، وهم - أي الأغنياء العرب اليوم – ليسوا أهلاً لهذا الشرف لأن الله تعالى لا يعطيه إلا من أراد إكرامه وعزه في الدنيا والآخرة.. فهو منع تكويني تقديري لا يد لهم فيه..!! فاعذروهم حين مُنِعوا هذا الفضل فإن الله تعالى لا يعطيه إلا من هو أهل له..!!

يحمل أوزار هؤلاء المضطرين كل من قدر على إعانتهم بفعل أو قول أو مال أو دعاء أو إنكار قلبي وذلك أضعف ثم توانى عن ذلك وقصّر..

الأمة كلها مسؤولة أمام الله تعالى فالمناصرة في الدين حق المسلم على المسلم (المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يُسلمه.. ومن فرّج عن مسلم كربة فرّج الله عنه كربة من كربات يوم القيامة..)

ولا ريب أن أصحاب القرار في فتح تلك الأبواب المغلقة هم أكبر من يحمل الأوزار والأثقال في الدنيا والآخرة..

وإن كانوا لا يخافون الله كما الظاهر من حالهم فليخافوا التاريخ الذي يحصي ويكتب سير الرجال والحكام فإنه سيذكرهم في صفحاته السوداء التي تجمعهم إلى أبي رغال وأبي جهل وأبي لهب وابن سلول وابن العلقمي وابن السوداء وغيرهم..

لكن يبدو للناظر في الأحوال اليوم أنهم لا يُعنون لا بالتاريخ ولا بالرجال الكبار وسيرهم فضلاً عن الأمة ومصائبها، فإن كان سيدنا علي خاطب من خذلوه بقوله:(يا أشباه الرجال ولا رجال حلوم الأطفال، عقول ربات الحِجال...) فنحن لا نخاطبهم البتة، لأنهم أشباه أشباه أشباه الرجال..!!

 --------------

أستاذ التفسير والحديث

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين