الفردوس والفراديس

 

الأستاذ : عبد الله زنجير
 
أيام الطفولة كانت أمي تأخذني معها لزيارة خالها ( علي ) في حي الفردوس ، كان - رحمه الله - فكها و بشوشا و جميلا ، كساه الشيب من ألقه و وقاره . صورة الخال العجوز و شوارع الفردوس ببيوتاتها المتكاتفة و القرميدية ، أشبه بالحلم المسافر في الحقيقة .. تبين أنها حبلى بالوعود و البطولات الولود ! ففي 27 / 7 / 2012 م استشهد ( علي إدلبي ) حفيد ذلك الخال و سميه ، في قصف وحشي و عشوائي على الحي الثائر
يقول التاريخ أن حي الفردوس هو ( الفراديس ) موضع بحلب خارج باب المقام ، كان في القرن السادس من أعمر المناطق و أعظمها آثارا دينية ، كالمساجد و المدارس و الزوايا و الترب . و فيه إلى اليوم مدرسة الفردوس التراثية ، أوقفتها الأميرة ضيفة خاتون - المدفونة في قلعة حلب - زوج الملك الظاهر غازي سنة 633 ه ، و كذلك المدرسة الظاهرية و سواها . و كما أنه منتصف الواجهة الجنوبية لحلب على مشارف المزارع و التفرعات القديمة لنهر قويق ، فهو الوسط و الوسيط ما بين الماضي و الحاضر و المستقبل ، و رغم أنك تلحظ ملمس الزمن في جباه قاطنيه و في مسميات طرقه و معالمه - كجامع الحارث و مدرسة الوليد بن عبد الملك - إلا أن ثوابتهم و تطلعاتهم لا تساوم ، فهم يتمازجون في حياة السراء و الضراء تماما كتمازج دمائهم النازفة ينابيع و سواقي ، على بوابة الحرية الحمراء
الذين يريدون تدمير ( الفردوس ) اليوم ، يجهلون أنها اسم لأعلى الجنان ، و أنها حلم المؤمنين و مرتجى المتقين .. قتلوا العشرات من أطفال و نساء و أبناء الفردوس ، الطفل الشهيد محمد أحمد قبيسي ، و الطفل الشهيد عباس اسكيف ، و أطفال العبود و البرهوم ، و الشهيدة مريم قدور ، و الشهيدة زينة الميري ، و الشهيدة أسماء عبيد ، و الشهيدة عزيزة ديبو ، و الشهيد أحمد مسلماني ، و الشهيد محمد نور خوجة ، و الشهيد أحمد حوري ، و الشهيد عمر زنابيلي ، و الشهيد رامز زيتوني ، و الشهيد محمد ويس ، و الشهيد باسل قشقش ، و الشهيد مروان حمد ، و الشهيد ربيع سندة ، و الشهيد عمر عبيد ، و الشهيد عبد الرحمن كياع ، و الشهيد خالد عميري ، و الشهيد محمود درعوزي ، و الشهيد ياسر عساني ، و الشهيد عادل محجوب ، و الشهيد مصطفى جمعة ، و الشهيد يوسف علوش ، و الشهيد محمود درعوزي ، و شهداء آخرون و أحياء مخلدون .. و لكن لا تشعرون
دماء الفردوس و دماء السوريين لن تذهب سدى ، و قطرة واحدة منها بكل عائلتك يا بشار الباطنية ، و إن غدا لناظره قريب

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين