العلامة الكبير المفسر الجليل الشيخ الدكتور فضل حسن عباس، أحد أبرز علماء السنة في الأردن، وأحد العلماء المعدودين في علوم التفسير وعلوم اللغة والبلاغة، عرفه الناس من خلال كتبه ودروسه ومحاضراته في حلقات العلم وفي المساجد وفي المنتديات العلمية، وعرفه طلاب العلم في رحاب المعاهد العلمية والجامعات، برز الدكتور فضل عباس كأحد أهم علماء التفسير والتلاوة، وكان ذلك في السبعينيات حين سجلت له الإذاعة الأردنية 400 حلقة إذاعية في تلاوة وتفسير القرآن الكريم كاملاً، كانت باكورة مسيرته العلمية التي أثمرت فيما بعد نتاجاً كبيراً وهاماً من المؤلفات والنظرات الجديدة في تفسير القرآن الكريم.
مولده ونشأته:
ولد الشيخ فضل حسن عباس سنة 1932م في بلدة صفورية في فلسطين، ونشأ على العلم منذ صغره، فقد كان بيت والده مكاناً للعلماء الذين يرسلهم خاله الشيخ يوسف عبد الرزاق المدرس بكلية أصول الدين في الأزهر، وكان رجلاً صالحاً حيث أثنى عليه العلامة محمد زاهد الكوثري في تقديمه لتحقيقه لكتاب العلامة البياضي "إشارات المرام في علم الكلام ".وقد ترجم شيخنا العلامة فضل عباس لخاله الشيخ يوسف عبد الرزاق في مجلة " هدي الإسلام "وبين أثره العلمي ،وقد نشرنا هذه الترجمة في موقع رابطة العلماء السوريين .
أتمَّ الشيخ فضل عباس حفظ القرآن الكريم في بلدته وهو ابن عشر سنين، ثم حفظ من المتون العلمية: متن الغاية والتقريب في الفقه الشافعي، ومتن الرحبية في الفرائض، وجوهرة التوحيد في العقائد، والألفية، لابن مالك.
تحصيله العلمي:
انتقل بعد ذلك إلى الدراسة في عكا، ودرس في المدرسة الأحمدية بجامع الجزار وبقي فيها بين عامي 1946م، و1947م. وبعد ذلك قرَّر التوجُّه إلى مصر عام 1948م، ودخل المرحلة الثانوية فيها. بعد ذلك نجح في دخول كلية أصول الدين في الأزهر وتخرج فيها سنة 1952م وكان عمره آنذاك عشرين سنة، فكان أصغر طالب يتخرج فيها.
حصل على درجة الدكتوراه من الأزهر سنة 1972م، وكانت رسالته بعنوان: "اتجاهات التفسير في مصر والشام".
مشايخه:
يوسف عبد الرزاق، خاله.
محمد عبد الله دراز.
محمد يوسف موسى.
محمود الغنيمي.
محمد الأودن.
إبراهيم زيدان.
محمد البيصار، شيخ الجامع الأزهر.
عبد الحليم محمود.
محمد عبد الله ماضي.
عمله الدعوي:
بقي الشيخ في مصر إلى سنة 1953م حين جاءه نبأ وفاة والده في لبنان فرحل إليها وبقي فيها سنة دون عمل، إلى أن وجد عملاً في صيدا في الأوقاف، فعمل فيها حتى سنة 1956م، وعمل بعد ذلك مع المفتي محمد أمين الحسيني حتى سنة 1965م.
بعد تلك السنين رحل الشيخ فضل عباس إلى الأردن ليعمل واعظاً في عمّان سنة 1965م، ثم عيّن مدرساً في كلية الشريعة سنة 1966م، حيث أسند إليه علوم التفسير والحديث والتوحيد واللغة العربية وتلاوة القرآن الكريم.
انتقل بعد ذلك إلى الإمارات ليعمل هناك بين عامي 1975مو1978م ليعود بعد ذلك مدرساً في كلية الشريعة في الجامعة الأردنية حيث شغل منصب رئيس قسم أصول الدين لفترة طويلة. وبقي في الأردن يلقي الدروس المختلفة في بيته وفي الإذاعات ، ويشرف على الرسائل ، ويتابع مباحث العلم ، ويكمل مشروعاته ومؤلفاته العلمية ، إلى يوم وفاته في 9 شباط سنة 2011.
مؤلفاته:
في علوم القرآن الكريم:
إعجاز القرآن الكريم.
القصص القرآني، إيحاؤه ونفحاته.
قصص القرآن الكريم، صدق حدث وسمو هدف.
لطائف المنن وروائع البيان في دعوى الزيادة في القرآن.
قضايا قرآنية في الموسوعة البريطانية، نقض مطاعن ورد شبهات.
إتقان البرهان في علوم القرآن، في مجلدين.
إتجاهات التفسير ومناهج المفسرين في العصر الحديث.
الدكتورة بنت الشاطىء والبيان القرآني.
الكلمة القرآنية وأثرها في الدراسات اللغوية.
بيان إعجاز القرآن للخطابي، تحليل ومقارنة ونقد.
قضية الزوائد في كتاب الله تعالى.
قضية التكرار في تاب الله تعالى.
شبهات حول نشأة التفسير.
شبهات حول القراءات القرآنية.
النكت في إعجاز القرآن للرماني، تحليل ومقارنة ونقد.
مفردات القرآن الكريم مظهر من مظاهر إعجازه.
في علوم البلاغة:
البلاغة، فنونها وأفنانها، في مجلدين.
بلاغتنا المفترى عليها بين الأصالة والتبعية.
القراءات القرآنية من الوجهة البلاغية.
في الفقه والتصوف:
فقهنا بين التوسط والتسلط.
أنوار المشكاة في أحكام الزكاة.
التوضيح في صلاتي التراويح والتسابيح.
التبيان والإتحاف في أحكام الصيام والاعتكاف.
المنهاج، نفحات من الإسراء والمعراج.
خماسيات مختارة في تهذيب النفس الأمارة.
كانت تربطني بفضيلة الشيخ صلة وثيقة، وقد سعدت بزيارته في بيته بعمان مرات عديدة، وكان نموذجاً نادراً في الكرم والجود والأريحية ، وقد سجَّلت معه عدة حوارات مهمة أرجو أن أوفَّق لنشرها.
وكان دائم التواصل معي والسؤال عني ، ويحرص على الفائدة العلمية وتحصيل الكتب وتتبُّعها.
وقد أكرمني الله تعالى بصحبته في إستانبول، حيث حضر في شهر ذي القعدة من عام 1431 حفل تكريم الشيخ محمود أفندي النقشبندي ، وكنت دائم الخدمة له والمباحثة معه في كثير من قضايا العلم والتفسير ، وقد حضر موسم الحج بعد عودته من إستانبول ، واتَّصل بي إلى قطر، يطلب بعض مطبوعات وزارة الأوقاف ، وقد حصَّلتها له وأرسلتها مع بعض أصحابه ومحبيه ، وتربط الشيخ صلة وثيقة بعلماء العالم الإسلامي ، ولا سيما علماء الشام ز ومن أخلص تلاميذه الأخ الكريم الدكتور جمال أبو حسان ، وله منَّة على أغلب طلاب العلم في الأردن فهو الوجه العلمي المشرق فيها .
وفاته:
توفي شيخنا الجليل العلامة الكبير فضل حسن عباس يوم الأربعاء 6 ربيع الأول من عام 1432 هـ، الموافق 9 شباط سنة 2011م عن عمر يناهز 79 سنة، حيث كان متوجِّهًا إلى مكة المكرمة لأداء العمرة، فوافته المنية في قبل خروجه إلى المطار. وصُلّي عليه في مسجد الزميلي في منطقة الجاردنز في عمان بعد صلاة ظهر يوم الخميس 7 ربيع الأول 1432ودفن في المقبرة الإسلامية في سحاب بعد أن شيَّعه آلاف من تلامذته ومحبيه، وقد كتبتُ كلمةً موجزة في رثائه في موقع الرابطة ، رحمه الله تعالى وجزاه عن العلم والدين خير الجزاء ..
التعليقات
الشيخ فضل عباس هو عالم كبير وله كل التقدير. في حياته وبعد رحيله. لم ولن ننسى شيخنا .
رحم الله شيخنا الجليل ومعلمنا الفاضل الذي تتلمذنا على يديه فكان خير معلم فجزاه الله عنا كل خير واسكنه الفردوس الأعلى
تشرفت ان كنت مرافقا له في الحج سنة 1402 هجري. كان مثالا يحتذى. رحمه الله تعالى، لقد كان حريصا على الجميع. كان بحرا من العلم في كل المجالات.
يرجى تسجيل الدخول