الطريق يبدأ من هنا... - طريقنا

الطريق يبدأ من هنا....


د/ محمد حوا


في غزوة أحد  شُجّ [جرح] وجه النبي – صلى الله عليه وسلم – وكسرت رباعيته، وسقط في حفرة، ومسح الدم عن وجهه الشريف وهو يقول: "كَيْفَ يُفْلِحُ قَوْمٌ شَجُّوا نَبِيَّهُمْ، وَكَسَرُوا رَبَاعِيَتَهُ، وَهُوَ يَدْعُوهُمْ إِلَى اللَّهِ " [ مسلم: 3346 عن أنس] .
فما حدث للنبي صلى الله عليه وسلم  - بأبي هو وأمي - من ضرب وجرح وقرح، أمر خطير جلل، وجد صعب، وأحرى بنا أن نقف نتأمل هذا المشهد الخطير . أن يُضرب النبي ويُصاب.
ما سبب ذلك؟
سببه معصية بعض الرماة من المسلمين على الجبل لأمر واحد من أوامر النبي صلى الله عليه وسلم ، نتج عنه من البلاء أن سقط رسول الله  صلى الله عليه وسلم وجرح وكسرت رباعيته.
واستُشهد جمعٌ من المسلمين في هذه الغزوة، وقد ظنوا أن رسول الله – صلى الله عليه وسلم -، قد قُتل، وماتوا وهم يظنون ذلك ! وقد كان يهتف بعضهم – بعدما أُشيع مقتل النبي - : " ما تصنعون بالحياة بعده، موتوا على ما مات عليه رسول الله !" (أي مرارة هذه التي في القلب ! وأي غصة تلك التي في الحَلق ! لقد كان بين رسول الله – صلى الله عليه وسلم – وبين القتل قاب قوسين أو أدنى؛ والسبب معصية المسلمين) !
وأوشكت الأمة أن تخسر نبيها بسبب معصية مجموعة قليلة منها ، ومن ثم تتجرع الندم طويلاً ! فما أعمق هذا الدرس !
واليوم تغطرس اليهود واستباحوا مقدساتنا ودماءنا وأعراضنا في أرض فلسطين المباركة، فهبت الأمة لتنادي بالانتصار لغزة العزة
ولكن لنعد إلى البداية.
هل فكرنا في أسباب ما يتعرض له أهلنا وإخواننا في بقاع شتى من الأرض وفلسطين على وجه الخصوص؟
هل فكرنا فيما نرتكبه من معاصي، وأثرها على الأمة؟
هل فكرنا فيما نراه من منكرات ولا نسعى لتغييرها بما نستطيع وأثر ذلك على الأمة؟
إن الله تعالى يقول: {وَاتَّقُواْ فِتْنَةً لا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُواْ مِنكُمْ خَآصَّةً وَاعْلَمُواْ أَنَّ اللّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ} [ الأنفال: 25]
هل عملنا على نشر الخير ومدافعة الشر بما يسر الله لنا من إمكانات؟
والله تعالى يقول: {وَلَوْلاَ دَفْعُ اللّهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَّفَسَدَتِ الأَرْضُ وَلَـكِنَّ اللّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ} (البقرة : 251 )
هل وهل وهل...
أسئلة يجب أن تتردد في أذهاننا وعلى ألسنتنا لنجيب عليها يومياً ونحدد هل قمنا بواجبنا؟
وإن لم نقم بواجبنا ، هل توقفنا عن إضعاف أمتنا بما نرتكبه من مخالفات لأمر ربنا ونبينا صلى الله عليه وسلم؟
إن لم نكن في الأولى ولا في الثانية فلننتظر المزيد من التجاوزات التي يرتكبها أعداؤنا تجاه ديننا ومقدساتنا ودمائنا وأعراضنا.
وبذلك نعلم أن الطريق إلى الرد على الاعتداءات والتجاوزات يبدأ من هنا...
من قوله تعالى: {وَأَطِيعُواْ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَلاَ تَنَازَعُواْ فَتَفْشَلُواْ وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُواْ إِنَّ اللّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ} (الأنفال : 46 ) وقبلها قوله تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُواْ وَاذْكُرُواْ اللّهَ كَثِيراً لَّعَلَّكُمْ تُفْلَحُونَ} (الأنفال : 45 ).
فهي صلة بالله وطاعة لأوامره، واتحاد وفق شرعه، وصبر على ذلك. وإلا فليس وراء ذلك إلا الهزائم المتوالية.

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين