الشيخ هيثم الحبال الحمصي

رحمك يا أبا علي

بلغني وانا على سفر نبأ وفاة اخي وحبيبي وصديقي العالم الحافظ الجامع للقراءات العشر الأستاذ الشيخ هيثم بن علي الحبال الحمصي أبو علي وذلك يوم الجمعة 7 ربيع الثاني 1443 وذلك بعد وصوله لساعات إلى بلده حمص بعد غياب 45 سنة في أرض الهجرة فنزل الخبر على قلبي كالصاعقة فحزنت لفراقه جدا ولم يسعني إلا أن أكرر قوله تعالى إنا لله وإنا إليه راجعون

فلقد عرفت الشيخ هيثم معرفة عميقة دقيقة عن قرب وهو أكبر مني سنا حيث ولد في 1946 أو 1945 وترعرع في مساجد حمص وتربى على أيدي أكابر علمائها فحضر كثيرا عند الشيخ عبد العزيز عيون السود وقرأ عليه كثيرا من القرآن وسمع منه شرح بعض أبواب الشاطبية وتتلمذ على يد الشيخ وصفي المسدي ولازم المقرئ الشيخ عبد الغفار الدروبي ملازمة تلميذ محب فقرأ عليه في الفقه والتفسير والدعوة ثم اكمل عليه القرآن حفظا وقراءة وبقي ملازما له حتى آخر يوم في حياته وقد تصاحبت مع أخي الشيخ أبي علي 23 سنة لم ننقطع عن بعض في جلسة أسبوعية مع شيخنا الشيخ عبد الغفار الدروبي كل يوم خميس فقرانا القراءات العشر ستا وعشرين ختمة مشتركة وأشهد أن الشيخ هيثم لم ينقطع عن هذا المجلس يوما واحدا ومن تواضعه طلب. أن يقرأ علي ختمة مستقلة لحفص لأجل ضبط المخارج حيث كان يحسن الظن بالعبد الفقير فقرأ الختمة كلها غيبا في شهرين وقرأ علي الجزرية وشرحها للازهري وسمع مني الشاطبية والدرة كلها وسمعتهما منه أكثر من مرة

وأجزته وأجازني مرارا بالقراءات العشر واصطحبته معي لزيارة مسند العصر الشيخ الفاداني فاجازه وناوله عددا من أثباته كما اصطحبته لزيارة الشيخ سعيد العبد الله الحموي رحمه الله فسر به كثيرا

رحم الله الشيخ ابا علي فلقد كان صاحب همة عالية في القرآن الكريم فقد قرأ ختمة على فضيلة الشيخ محمد تميم الزعبي وأجازه مع انه أصغر منه سنا وكان كثير المطالعة والاطلاع فلقد استعار مني كامل كتاب سير أعلام النبلاء كل أسبوع جزءا حتى ختمه كله وأستعار بعض أجزاء من كتاب نفح الطيب للمقري وغير ذلك وكان لنا جلسات علمية حوارية كثيرة وهو رحمه الله ممن تخرج من كلية اللغة العربية في دمشق ثم هاجر إلى جنوب المملكة العربية السعودية مدرسا ثم استقر به المقام في جدة إلى آخر يوم في حياته إلى أن ناداه القدر .. أن سافر إلى حمص لتودعها وتودعك فانطلق إلى حمص يوم الخميس وبعد أن كحل عينيه برؤية أهلها ومساجدها أسلم الروح إلى بارئها بعد ساعات من وصوله فيا سبحان الله على هذا القدر العجيب

لقد كان الشيخ هيثم غيورا على دين الله غيورا على الدعوة غيورا على العلماء

كان صريحا في حواراته وربما احتد على بعضهم اذا رأى اعوجاجا في المنهج

ماذا اكتب عنك سيدي أبا علي وهل يمكن أن أختصر فضائل سبعين سنة في سطور معدودة!

وهل يمكن أن أصور للذين لا يعرفونك جزءا من ترجمتك؟

إن حقك علي كبير وقد استفدت من صحبتك الكثير وتعلمت منك الكثير

رحمك الله رحمة واسعة

واعزي نفسي وأهل القرآن بفقدك وأعزي اهلك وأولادك وخاصة ولدك عليا الذي كنت تحرص أن تحضره معنا في مجالس القراءة على الشيخ عبد الغفار وكان الشيخ يحبه ويدعو له أسأل الله أن يجعل ولدك خير خلف لك في علمك وخلقك وتربيتك

وأن يقر عينك به في الآخرة انه سميع قريب مجيب