الشيخ نوري عبد الحميد الملا حويش رحمه الله تعالى

 

[كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الجَلَالِ وَالإِكْرَامِ] {الرَّحمن:27}.

لقد لبَّى نداء ربه العالم الفاضل العامل في سبيل الدين الحاج نوري الملا حويش ذلك الرجل الفذ الذي قضى طوال حياته في سبيل الخير وعمل البر. ولقد كان رحمه الله سبَّاقاً لكل مكرمة وفضيلة مثابراً في بناء الجوامع والمساجد في القرى والأرياف في الوقت الذي كان رحمه الله تعالى أحد مؤسسي جمعية رابطة العلماء في العراق دؤوباً في تمشية مصالحها ساعياً بكل ما يملك من جهد في إيصال الحقوق لأصحابها.

ولد المرحوم في محلة المشاهدة من جانب الكرخ في بغداد عام 1333هـ الموافق لعام 1914م، ودرس علوم القرآن الكريم على المؤدب المرحوم الملا داود الذي كان يتخذ من مسكنه في محلة الفحامة ببغداد مدرسة لتعلم القرآن الكريم، وبعدها انتقل إلى المدارس الابتدائية الرسمية ومن ثم انخرط في مدرسة عادلة خاتون الدينية فدرس على مدرسها فضيلة شيخنا وأستاذنا المرحوم نجم الدين الواعظ مفتي بغداد علوم المعقول كالنحو والصرف والمنطق وعلم الكلام، وعلم الوضع ـ  والمنقول كالتفسير والحديث والفقه والسيرة، كذلك درس على شيخنا المرحوم قاسم أفندي القيسي مفتي بغداد الأسبق، كما درس أيضاً على المرحوم العلامة محمد رشيد آل شيخ داود المدرس في مدرسة نائلة خاتون، كذلك درس على المرحوم العلامة عبد الوهاب أفندي الخطيب مفتي كربلاء وأخذ بعض العلوم على المرحومين الحاج حامد الملا حويش خطيب الحضرة القادرية سابقاً والأستاذ عبد القادر الملا أحمد الإمام إمام وخطيب جامع الست نفيسة في الكرخ، وأجيز بالإجازة العلمية وعلم الحديث من قبل المرحوم الشيخ نجم الدين الواعظ.

وعند وفاة والده المرحوم عبد الحميد الملا حويش عيَّن إماماً وخطيباً وواعظاً لجامع الشيخ موسى الجبوري عام 1353هـ الموافق 1934م، واستمر بهذا الواجب المقدس لحين وفاته رحمه الله، علاوة على ذلك  كان رحمه الله مدرساً في ثانوية الكرخ للبنين لمادتي العربية والدين، وكان مدرساً في المدرسة العمرية الدينية التابعة لوزارة الأوقاف والشؤون الدينية.

كان رحمه الله ذا خلق كريم وطبع مستقيم وفياً لإخوانه صدوقاً لمعارفه.

كان وجهاً من وجود البلد وكان كريماً مضيافاً، كان رحمه الله يقول الحق ولا تأخذه في الله لومة لائم كان متواضعاً مع الفقراء محباً للمساكين معيناً لهم يسعى في شؤونهم وكان رحمه الله تعالى ذا وجاهة لدى الخاص والعام لما يتمتع به من عقلية راسخة وفهم ودراية للأمور الاجتماعية ونظراً لما يتمتع به من الصفات المذكورة فقد كان نائباً لرئيس جمعية رابطة العلماء في العراق ونائباً لرئيس جمعية إحياء التراث العربي الإسلامي كذلك رشحته وزارة الأوقاف والشؤون الدينية عضواً في مجلسها العلمي.

لذا فإن جمعية رابطة العلماء قد فقدت بموته عضواً عاملاً في الوقت الذي هي أحوج إليه ولأمثاله، وتبتهل إلى الله العلي القدير أن يعوض الأمة الإسلامية بمن يسد هذا الفراغ.

عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (من غدا يريد  العلم يتعلمه لله تعالى فتح الله له باباً إلى الجنة، وفرشت له الملائكة أكتافها، و صلت عليه ملائكة السموات وحيتان البحر، وللعالم من الفضل على العابد كالقمر ليلة البدر على أصغر كوكب في السماء، والعلماء ورثة الأنبياء، إن الأنبياء لم يورثوا ديناراً ولا درهماً، ولكنهم أورثوا العلم فمن أخذه أخذ بحظه وموت العالم مصيبة لا تجبر وثلمة لا تسد وهو نجم طمس... موت قبيلة أيسر من موت عالم) رواه أبو داود وغيره.

وكانت وفاته ليلة الثلاثاء للسادس والعشرين من شهر ذي الحجة 1400هـ الموافق للرابع من تشرين الثاني 1980م، نسأله تعالى أن يلهم أسرته وكافة محبيه والمسلمين الصبر والسلوان وأن يدخل الفقيد فسيح جناته إنه سميع مجيب وإنا لله وإنا إليه راجعون. جمعية رابطة العلماء في العراق

المصدر: مجلة الرسالة الإسلامية ـ بغداد ـ العدد 8 من السنة 23: (1401-1981). وقا