الشيخ محمود العطار - عالم قارئ

الشيخ محمود العطار


الشيخ محمود العطار واحد من العلماء الأعلام في دمشق الشام في القرن الرابع عشر الهجري، وهو أحد الأساتذة البارزين الذين تتلمذ على أيديهم شيخنا الشيخ عبد الكريم الرفاعي رحمه الله تعالى.
ولد في دمشق سنة 1284 هجرية وحفظ القرآن الكريم على والده، ثم أخذ عن علماء أجلاء فقرأ أولاً على الشيخ محمد الحطابي النابلسي، ودرس على الشيخ سليم العطار والشيخ بكري العطار، والشيخ محمد العطار علوم الحديث والتفسير والآلة ( علم النحو ) كما قرأ على الشيخ محمد الخاني، وتلقى عن الشيخ عبد الحكيم الأفغاني الفقه والأصول والتوحيد والتفسير والحديث في سن مبكرة، واستمر عنده طالباً مجداً ثلاثين عاماً وكان من أخصِّ تلامذته.
ولازم المحدث الشيخ بدر الدين الحسني في دار الحديث الأشرفية مدة تزيد على أربعين سنة: قرأ خلالها عليه في الحديث وأصوله والبلاغة والنحو والمنطق.
وزار مصر وله فيها إجازات وقراءات من أجلِّ علمائها كالشيخ عبد الرحمن البحراوي، والشيخ سليم البشري شيخ الأزهر والشيخ محمد بخيت مفتي مصر والشيخ محمد الأشموني، وله إجازات أيضاً من علماء مكة المكرمة والمدينة المنورة ومن علماء الهند.
عُرف الشيخ محمود بغزارة علمه خاصة في الفقه والأصول , وكان دؤوباً على العلم والتعليم، صبوراً على تحمل المكاره في سبيل ذلك.
أقام مدة بدار الحديث يُدرس، وكانت له غرفة خاصة بجوار غرفة شيخه المحدث الشيخ بدر الدين، ثم عُين مفتياً في الطفيلة من أعمال الكرك بالأردن، ثم مدرساً في مدرسة الفلاح بجدة، ثم مدرساً في بومباي بالهند مع زميله الشيخ أمين سويد ثم مدرساً بالثانوية الشرعية بدمشق، وعين مدرساً في الجامع الأموي وكان يجلس بعد الظهر كل يوم بجوار المنبر ساعة أو أكثر ليجيب عن أسئلة المستفتين.
وقد حضر درسه مرة أحد المتنفذين من الأتراك بجدة , فكتب إلى السلطان يشهد بعلمه فأرسل له ( براءة سلطانية ).
كانت له دروس في بلدة كفرسوسة ـ عندما كانت تعتبر بعيدة عن دمشق ـ فكان يأتيه إليها خاصةُ طلابه مشياً على الأقدام من دمشق وقراها.
وأقام في بلدة القدم جنوبي دمشق مدة طويلة , وتزوج من أهلها , وزوَّج إليهم وله منهم أسباط، وكان له فيها مجلس للإقراء سُمي مجلس الخميس ربى فيه تلامذة وطلاب علم
ومن أشهر طلابه فيها عبد القادر بركة، وعبد الجواد خضير، وحسن زكريا، ومحمد علي حامدة.
ظلَّ الشيخ محمود يحمل رسالة العلم ويبثه في كل مكان , مخلصاً لوجه الله تعالى طوال حياته , ولم ينقطع عن الدروس إلا قبيل وفاته بأسبوع واحد.
وتخرج من بين يديه تلاميذ نبغوا في العلم حتى صاروا علماء دمشق منهم الشيخ أبو الخير الميداني، والشيخ إبراهيم الغلاييني، والشيخ عبد الوهاب دبس وزيت والشيخ سعيد البر هاني، والشيخ تاج الدين الحسني والشيخ حسن حبنكة وشيخنا الشيخ عبد الكريم الرفاعي رحمهم الله تعالى جميعاً.
توفي الشيخ رحمه الله تعالى في 20 شوال 1362 هجرية , ودفن في مقبرة الباب الصغير بموكب حافل , ورثي بكلمات بليغة كان من أبرزها كلمة للشيخ محمد بهجة البيطار قال فيها ( رحمك الله أيها الشيخ المحمود، ما من عالم بدمشق إلا أخذ عنك، أو أخذ عمَّن أخذ عنك ).