الشيخ ضياء الدين أحمد المدني

 
بسم الله الرحمن الرحيم
 
كنت طلبت من فضيلة الشيخ الجليل محمد عبد الحكيم شرف القادري صاحب المؤلفات الكثيرة في ثلاث لغات العربية، و الفارسية، والأردية - رحمه الله تعالى – أن يمدني بتراجم بعض العلماء الأجلاء ومنهم شيخ شيوخنا المعمر المسند الشيخ ضياء الدين أحمد القادري (1294-1401) رحمه الله تعالى فأرسل لي هذه الترجمة رأيت أن أتحف بها أخواني في هذا الموقع ثم يتبع ببقية التراجم، وهي ترجمة العلامة زيد أبو الحسن الفاروقي المجددي الدهلوي، و مجيزنا المحدث الشيخ غلام رسول الحنفي الرضوي قدس الله أرواحهم الطاهرة
هذا : وللعلامة المعمر الشيخ ضياء الدين القادري صلة وثيقة بعلماء سوريا فقد أجازه المحدث الأكبر العلامة السيد بدر الدين الحسني، والعلامة السيد محمد أبو الخير عابدين، كما استجازه الكثير من علماء سوريا منهم : السيد فخر الدين الحسني حفيد السيد بدر الدين  الشيخ محمد علي المراد وهو أحد خلفائه بالطريقة القادرية، والشيخ محمد تيسير المخزومي، والشيخ أحمد البيانوني، والشيخ بدر الدين بن إبراهيم الغلاييني، وغيرهم .
قال رحمه الله تعالى : (
 
شيخ المشايخ، الإمام الأجل
 
 
ضياء الدين أحمد المدني رحمه الله تعالى
 

إن أراضي الله سبحانه وتعالى مملوءة بالرجال و العظماء، وخاصة الأراضي الطيبة الرائحة الرائعة – من سكانها والوافدين إليها– ومنهم مرجع العلماء والمشايخ الداعي الشهير والإمام الكبير الشيخ ضياء الدين أحمد المدني ، ابن الشيخ عبد العظيم، ولد في قرية " كلاس والا " التابعة بسيالكوت، بإقليم بنجاب، باكستان، عام 1294 هـ المصادف 1877 م ويتخرج التأريخ لمولده من " ياغفور " ويتصل نسبه الى الصحابي الجليل سيدنا عبد الرحمن ابن سيدنا أبي بكر الصديق رضي الله تعالى عنه، ومن أجداده الشيخ الكبير قطب الدين القادري و العلامة الشهير في الآفاق الملا عبد الحكيم السيالكوتي محشى تفسير أنوار التنزيل للعلامة عمر البيضاوي و حاشية الخيالي وغيرهما .
و إنه تتلمذ أولا على الشيخ محمد حسين النقشبندي بمدينة سيالكوت ، ثم انتقل الى لاهور  ودرس عند العالم الكبير الشيخ عبد القادر البهيروي، خطيب جامع بيغم شاهي، وبعد ذلك قصد الى دلهي وتعلم من العلماء المشاهير أربع سنين، ثم عزم الى المحدث الكبير الشيخ الأستاذ وصي أحمد السورتي محشي سنن النسائي وشرح معاني الآثار، فدرس منه الكتب العالية والحديث الشريف، وبعد تكميل دراسته كساه الإمام الأكبر المجدد الشيخ أحمد رضا خان القادري عمامة الفضيلة و الكرامة .
وكان يتعود بالسفر الى مدينة بريلي الشريفة مع أستاذه الجليل الشيخ وصي أحمد المحدث كل خميس وهما يرجعان الى مدينة بيلي بيت بعد تأدية صلاة الجمعة خلف الإمام الشيخ أحمد رضا خان القادري، واستمر سفره هذا الى مدينة بريلي ثلاث سنوات .
إنه نال شرف البيعة على يدي الإمام أحمد رضا خان القادري بسلسلة الطريقة القادرية المقدسة، وأكرمه الإمام بالإجازة والخلافة عام 1315 هـ الموافق 1897 م ولم يتجاوز واحدا وعشرين من عمره، وأجازه أستاذه المحدث السورتي بسلسلة النقشبندية الشريفة وكان له إجازة من المرشد الكبير فضل الرحمن كنج مراد آبادي رحمهم الله تعالى.
ارتحل الشيخ ضياء الدين الى مدينة كراتشي عام 1318 هـ / 1900 م وأقام بها أياما، ثم سافر الى مدينة بغداد المقدسة وأقام هناك تسعة أعوام، يوما غشيت عليه كيفية الاستغراق حتى صار مجذوبا، واستمر في الجذب أربع سنين، ثم أخذه الشيخ حسين السيد الشريف الحسني الكردي، فمكث عنده واستفاد منه سنة ونصف، وهناك تشرف بزيارة الشيخ مصطفى القادري وابنه الشيخ شرف الدين، وهما منحاه إجازة بسلسلة " القادرية " ، ثم تموج في قلبه الشوق والحب لزيارة الحرمين الشريفين زادهما الله تعالى شرفا وتكريما، فأجازه الشيخ الكردي وزوده، فراح من بغداد الى مدينة دمشق بالقطار، ثم توجه الى الحرمين الشريفين، وبعد الفراغ من مناسك الحج أسرع الى نيل سعادة زيارة المدينة المنورة الطيبة، وهدأت نفسه وسكنت جوانحه عند الوصول اليها كأنه وصل الى مسكنه.
وكان أشد حبا لله ولرسوله الأعظم صلى الله عليه وسلم ومتصلبا بعقيدة أهل السنة والجماعة، وتتفور في قلبه جذوات الحب بسيد السادات الغوث الأعظم الشيخ عبد القادر الجيلاني - رحمه الله تعالى - وكان له حب جم بشيخه ومرشده الداعي الشهير والمجدد الأكبر أحمد رضا القادري - رحمه الله تعالى -.
إن الشيخ ضياء الدين استفاد من أجلة العلماء والمشايخ ويأتي ذكر أسمائهم بعد، وكان يقول : ( الأب واحد والأعمام كثيرة ) .
وكثيرا ما يذكر شيخه ويتهلل وجهه بالفرحة والسرور، وانهالت الدموع من عينيه عند استماع المدائح النبوية العاطرة الشريفة لشدة حبه برسول الله صلى الله عليه وسلم حتى تخضل لحيته.
إنه حفظ القرآن الكريم في كبر سنه، ولقي هنا العارف بالله الشيخ أحمد شمس المالكي القادري المراكشي واستفاد منه وأيضا التقط جواهر العلوم وذخائر المعارف من العارف العلامة يوسف بن اسماعيل النبهاني.
أجازه في علوم الحديث والطريقة أجلة العلماء والمشايخ ونذكر أسماء بعضهم :
1-    الشيخ أحمد شمس المالكي القادري
2-    شيخ المشايخ السيد علي حسين الأشرفي الكشوشوي بالهند
3-    الشيخ محمود المغربي (المدينة المنورة)
4-    الشيخ عبد الباقي الفرنجي محلي، المهاجر الى مدينة الرسول صلى الله عليه وسلم
5-    العالم النبيل الشيخ أحمد الشريف السنوسي الطرابلسي، أجازه بالطريقة السنوسية
6-    المحدث الجليل الشيخ بدر الدين الحسني الشامي .
7-    العالم العارف السيد أحمد الحريري.
8-    المفسر الشهير، شيخ الدلائل العلامة عبد الحق الاله آبادي، المهاجر المكي
9-    الشيخ السباعي---------رحمهم الله تعالى
بايع على يديه خلق كثير من العرب والعجم لا يحصى ولا يعد عددهم، وأجاز كثيرا من العلماء والمشايخ الوافدين الى المدينة المنورة من البلاد الإسلامية ومن الأسف أن أحدا لم يهتم بإحصاء أسمائهم وعددهم .
وهنا نذكر أسماء بعض العلماء والمشايخ الذين أجازهم الشيخ ضياء الدين القادري .
المملكة العربية السعودية :
1-    فضيلة الشيخ العلامة فضل الرحمن المدني القادري، ابنه وخلفه بالمدينة المنورة .
2-    أعلم العلماء بمكة المكرمة الشيخ محمد بن علوي بن عباس المالكي .
3-    شيخ العلماء العلامة السيد محمد علي مراد الحنفي، المفتي الأعظم بالشام، المهاجر المدني، وكان إماما لصلاة جنازته .
4-    فضيلة الشيخ محمد عارف القادري، المهاجر المدني وأصله من لاهور .
بأفريقيا الجنوبية :
5-    فضيلة الشيخ العلامة محمد إبراهيم خوشتر الصديقي، موريشس، أفريقيا .
الهند :
6-    العلامة المفتي أبو المساكين محمد ضياء الدين (ت1364 هـ) بيلي بيت .
7-    أسد أهل السنة، المناظر الكبير حشمت علي خان (ت1380 هـ) .
8-    مجاهد الملة العلامة حبيب الرحمن العباسي (ت1981م) أريسه .
9-    العلامة المفتي رفاقت حسين كانفوري .
10- العلامة محمد مدني ميان السيد الأشرفي .
11- العلامة أرشد القادري، صاحب المؤلفات الكثيرة، جمشيد فور .
باكستان :
12- أستاذ الحديث العلامة عبد المصطفى الأزهري، كراتشي .
13- شيخ القرآن العلامة غلام علي أوكاروي – أوكاره .
14- الخطيب الشهير العلامة محمد شفيع أوكاروي (ت1984م) بكراتشي .
15- شيخ الطريقة أبو الخير عبد الله جان النقشبندي القادري – بشاور .
16- مرشد الطريقة القاري محمد مصلح الدين الصديقي (ت1983م) بكراتشي .
17- سماحة الشيخ الشاه تراب الحق القادري – كراتشي .
18- شيخ الطريقة حيدر حسين السيد من سلالة شيخ المشايخ أمير الملة جماعت علي السيد – علي فور سيدان – سيالكوت .
19- شيخ الطريقة ميان جميل أحمد الشرقبوري النقشبندي المجددي من أسرة شيخ الطريقة ميان شير محمد الشرقبوري رحمه الله تعالى .
20- الداعي الكبير الدكتور، الشيخ محمد مظاهر أشرف السيد الأشرفي الجيلاني، رئيس سلسلة أشرفية بباكستان .
21- الشيخ غلام قادر الأشرفي (ت1979م)، لاله موسى .
22- شيخ الطريقة الشاه محمد فاروق الرحماني القادري الجشتي (ت1983م) بكراتشي.
23- الخطيب الشهير العلامة الهي بخش القادري الضيائي، بلاهور .
24- العلامة الشيخ محمد سعيد الشبلي القادري الحامدي (ت1982م) بساهيوال .
25- فاتح النصارى العلامة أبو النصر محمد منظور أحمد شاه – ساهيوال .
26- أستاذ العلماء العلامة حَسِين الدين شاه السيد - راولبندي .
27- مرشد الباحثين الكبير، الطبيب محمد موسى أمرتسري الجشتي القادري – لاهور .
28- مجاهد الملة الشيخ عبد الستار خان النيازي – لاهور .
29- أستاذ العلماء العلامة إحسان الحق – فيصل آباد .
30- فضيلة الأستاذ الشيخ محمد منشا تابش القصوري – مريد كي، شيخوفوره .
31- العلامة محمد منظور أحمد فيضي – أحمد فور الشرقية .
32- الشيخ العلامة زاهد علي شاه السيد (ت1978م) – فيصل آباد .
33- المجاهد في سبيل الله الحاج لطيف أحمد الجشتي المتوفي بمكة المكرمة – كامونكي .
34- الشيخ العلامة محمد علي النقشبندي – لاهور .
35- العلامة المفتي الدكتور غلام سرور القادري – لاهور .
اختار مسكنه المدينة المنورة وأقام بها خمسا وسبعين سنة، وكان لا يزال يكرم زائري رسول الله صلى الله عليه وسلم بكل حفاوة ويقريهم بكل ما في وسعه، وله أخلاق طيبة وخصائل حميدة يندر نظيره في عصره، ويعتني باحتفال مولد النبي صلى الله عليه وسلم كل ليلة ويقدم الى من يسعد بالحضور في هذا الاحتفال أطيب الأطائب من المأكولات والمشروبات وغير ذلك من الفواكة، واستمر في هذا العمل المبارك باحتفاء المولد النبوي الشريف حتى كان في المستشفى – قيل أنه عمل احتفاء المولد كان يجري في عروقه مجرى الدم، وكل ما يتمناه في الحياة وهو أن يدفن في جنة البقيع كما تمنى الإمام مالك - رضي الله تعالى عنه - وإنه دفن بالبقيع بعد الوصول الى جوار ربه الأعلى في 4 ذي الحجة 1401 هـ/ 1981م، وصلى علىجنازته فضيلة الشيخ محمد علي مراد مع جم غفير من العلماء والناس والحجاج الذين حضروا في مدينة النبي صلى الله عليه وسلم من البلاد الإسلامية المختلفة مثلا : تركيا، وسورية، والعراق، وباكستان، والهند، وملايا، وجاوا، وبخارى، ومصر، وغيرها، إنه دفن قرب أقدام سيدة النساء فاطمة الزهراء رضي الله تعالى عنها .
وخليفته ابنه الفاضل الشيخ فضل الرحمن القادري المدني حفظه الله تعالى و هو يرحب بزوار المدينة الطيبة بكل حفاوة – أطال الله تعالى عمره –
17 من ربع الثاني 1420 هـ = 1 أغسطس 1999 م
وكتبه : محمد عبد الحكيم شرف القادري
شيخ الحديث بالجامعة النظامية الرضوية
لاهور – باكستان