الشيخ صالح القرم ( الكرم) ـ رحمه الله تعالى ـ


ولد الشيخ صالح القرم في حماة عام 1884م ، ونشأ فيها ، ولازم علماءها ، وتلقى علومه ودرس الفقه على الشيخ عبد الرحيم القوشجي ، وقرأ المنطق على الشيخ أحمد الصابوني مؤرخ حماة ، كان حنفي المذهب ، قادري الطريقة ، قارئاً للقرآن ، ذا صوت جميل ، لازم مفتي حماة الشيخ محمد سعيد النعسان ، حتى آخر حياته ، ولازم الشيخ طاهر الجزائري في سنواته الأربع التي عاشها بحماة في تكية الجامع النوري.


عمل في التدريس في المدارس الأهلية التي أنشأتها >جمعية أعمال البر الإسلامية< وقضى في التعليم حوالي 50 عاماً.


كان سكيناً وقوراً هادئاً ، لا يجيب مالا يعرف ، يحرص على الوقت من الضياع إلا في فائدة قراءة أو تعليم ، له فضل كبير على أبناء حماة ، فقد غرس في طلابه حب الفضائل والأخلاق الإسلامية ، كان مؤذناً في الجامع الكبير ، و يتمتع بصوت شجي خاص.


ومن طرائفه: أنه كان ينشد تسبيحات الفجر في هدوء الليل ، وفجأة أصابه مرض تسبب في انقطاعه عن إنشاد تسبيحات الفجر ، وعندما برئ من مرضه عاد إلى الأذان والتسبيحات ، فبينما هو عائد إلى بيته بعد صلاة الفجر أوقفته في الطريق امرأة نصرانية عجوز مخاطبة إياه : يا حبيبي أين كنت ؟ فقد فقدنا صوتك الجميل الحنون ، فتعجب الشيخ ومضى ضاحكاً.


كان فقيراً زاهداً ، ترك العمل بالتدريس بعد هدم المدرسة ، ولزم بيته بسبب المرض ، ولم يأخذ راتباً تقاعدياً ولا تعويضاً ، أرسل له محاسب الجمعية يقول : مالك عندنا من تعويض؟ فأجاب الشيخ بصوت خافت أعياه طول السنين في التعليم قائلاً : كثير... كثير... ولم يأخذ شيئاً كأخلاق العلماء الصالحين ، ولمعرفته بضعف ميزانية الجميعة ، وبعد مدة قصيرة توفي ـ رحمه الله تعالى ـ عام 1974م، عن تسعين عاماً ، أمضاها في النهضة العلمية من خلال حقل التدريس ، فأرست الجمعية لأولاده مبلغاً من المال فتبرعوا به للجمعية.
كتاب: (الأنيس في الوحدة)
للشيخ: محمد أديب كلكل