الشيخ رشدي مفتي رحمه الله تعالى


غادرنا علم من اعلام الحق والعلم في الساحل السوري.
نشأ وترعرع الشيخ رشدي في اللاذقيه على الساحل السوري من عائله كريمه.وكان ابوه من وجهاء المدينه.درس العلم الشرعي وابحر فيه وعرف بتخصصه في علم الحديث واصوله ودرس وتعمق في علوم الفقه حتى اصبح فقيه المدينه.
كان كثير من علماء سوريا يقصدونه ومن جميع المحافظات لزيارته ولتبادل العلم معه اعرف منهم الشيخ عبد العزيز عيون السود من حمص والشيخ العلامه محمد الحامد من حماه وتلميذه عبد الحميد طهماز ،والشيخ الالباني من دمشق وكثير من علماء حلب ودمشق. ترعرع مع شباب جماعه الاخوان المسلمين من بدايتها في الساحل السوري وكان احد دعاتهم.
كان صديقا للدكتور ممدوح جولحه وتصدرا الدعوه في المدينه.عمل مدرسا لفتره في المملكه العربيه السعوديه وكان قريبا من بعض علمائها .
كان رجلا عاقلا محبا داعيا مخلصا لدينه ونشهد الله على ذلك.وهو من اوائل من دخل السجون من بدايه الستينيات الى نهايه السبعينيات بتهمه الدعوه الى دين الله.
غادر سوريا عندما اشتدت الوطئه على اهل الدين في بدايه الثمانينيات الى مصر ثم الاردن ثم مصر وبعدها الى هولندا بجوار ابناءه حيث غادرنا من هناك الى جوار ربه.
كان مدرسا ناجحا ومؤثرا ومربيا فريدا شهدت له كل مدرسه دخل اليها ودرس بها كان تاثيره تربوي وديني مما ادى الى نقله الى مدرسه البنات الثانويه ولكن الداعيه لايصده هذا عن الاكمال لمواصله دعوته واصلاح مايمكن اصلاحه لم يمضي شهور الا وتحولت مدرسة البنات تحول ملفت بان معظم البنات قد تاثرت بالحجاب والحشمة والستر.
ضاقت به العين المراقبه فارسلوه الى القرى النصيريه النائيه ليبتعد عن التاثير ولكن سرعان مادخل اعداد منهم في الاسلام وحسن اسلامهم فاعفوه من التدريس بعد ذلك.
كان مؤثرا باخلاقه ومعاملته وصدقه ودماثته ورقة قلبه وصاحب مرح في جديته وحديثه.
حالفني القدر ان التقيته بمصر عندما غادرنا سوريا ، كنت اكثر من زيارته لانهل من علمه وفقهه وحضور مجلسه .
كان له تلاميذ علم اينما رحل وارتحل.لم يسلم حتى في هجرته من السجن وكان له حظا فيها ثم ابعد عنها مرحلا الى الاردن .
كان له حكايات وعبر وفوارق وقصص وخبرات في السجون وما تعرض له مع النزلاء والمحققين وشخصيات يصعب ذكرها الا في كتاب.
واعلم انه كان في بدايه الستينيات ينتظر المحكمه بتهمه التحريض الديني بين افراد الجيش عندما كان يخدم العلم وكان معه انذاك بزنزانته الجاسوس الاسرائيلي كوهين الذي كان ينتظر المحاكمه بتهمه التجسس بعد ان وصل الى مرتبه عاليه في وزاره الدفاع.
رحل عنا هذا العالم والمربي وهو ينتظر العوده الى الوطن بعد 35 عاما من الغربه ليكمل ماتبقى من العمر مشواره الدعوي في بلده ومسقط راسه، ولكنه رحل وارتحل الى جوار ربه.
تكلمت معه منذ ايام للاطمئنان عليه اثنى على الله وحمده وقال: ان معظم وقته صديق للكتاب فهو خير جليس.
اسلم على يديه الكثير من اهل اوربا في المهجر.
 رحمك الله ياشيخنا الفاضل كنا ننتظر اللقاء على ارضنا الحبيبه ونحلم بتلك الاوقات لنستذكر رحلتنا التي مضت في الغربه وكانها حكايه فريده.
سلام عليك يوم مت ويوم تبعث حيا.
رب اغفر لي ولوالدي وللمؤمنين يوم يقوم الحساب.وانا لله وانا اليه راجعون.

 
و كتب الأستاذ بلال داوود هذه الكلمة في رثائه:

{وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ بِأَيِّ أَرْضٍ تَمُوتُ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ}
 استاذنا الفاضل الشيخ المربي رشدي مفتي ، تقاذفته الأحداث من منفى إلى منفى بعد أن كان انتقاله من معتقل إلى معتقل ، منذ استلم السلطة في بلادنا شذاذ الآفاق و سراق الحرية ،إلى أن استقر به المقام في السنوات الأخيرة في هولندة ، بعد أن ضاقت به كل البلدان العربية و الاسلامية ، مازادته السنون و المحن و الاعتقالات و المنافي إلا ثباتا على الحق و كلمة الحق ....
تشرفت بمعرفته مذ كنت تلميذا في المدرسة ، و كان مدرسا مهيبا من بعيد ، لطيفا دمثا عن قرب ، ما نافسه علميا في الساحل السوري إلا صديق دربه الشيخ الدكتور الشهيد ممدوح جولحة ..
أيام الشباب درست عنده الفقه في حلقة صغيرة مغلقة ، و كان من اسلوب تربيته تكليف التلاميذ بتحضير بعض الدروس و إلقائها بإشرافه و بعدها يشرح ويصوب ، و أذكر يوما كان نصيبي الحديث عن الصيام و مبطلاته ، فسألني أحد الأخوة الحضور: لو ربط صائم حبة حنطة في خيط ، ثم ابتلعها حتى استقرت في بطنه و بعد ذلك سحبها بواسطة الخيط فأخرجها من جوفه ، هل يفطر ؟؟ قلت له : من يفعل هذا لا صيام عليه ، فما رأيت الشيخ ضحك يوما كضحكته ذلك اليوم ، ثم ما لبث أن شرح لنا مبدأ الأرأيتية عند الأحناف و كانت هذه المسألة واحدة منها ...
رحم الله تعالى الشيخ رشدي وتقبله في الصالحين