الشيخ حسن خيَّاطة قطَّان - العالم الصامت الكتبي الوقور

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلَّم على سيِّدنا محمد، وعلى آله وصحبه وأتباعه إلى يوم الدين وبعد:

فهذه ترجمة موجزة لطيفة لشيخنا المفضال الشيخ حسن خيَّاطة قطَّان الشافعي الحلبي، نكتبها وفاء بحق المشيخة، وشكرا من التلميذ لورثة الأنبياء والمرسلين، وإبرازا لأعلام شيوخ حلب الشهباء وعلمائها

وهذه الترجمة وإن كانت مختصرة جدا، فإن ما لا يدرك كلُّه، لا يُترك قُلُّه، ولعل الله تعالى ييسر لنا لا حقا أن نكتب سيرة تفصيلية، لهذا الفاضل الكريم

هو الشيخ حسن خيَّاطة قطان الشافعي المذهب، الحلبي المولد.

مولده بحلب الشهباء سنة 1357هـ، 1938م ، في بطاقته الشخصية انه ولد سنة 1940 م ، وهذا ليس بدقيق ، فانه ولد قبل ذلك بسنتين .

أكمل دراسته الابتدائية في سنة 1952م، وبتوجيه من والده رحمه الله تعالى يمَّم وجهه صوب " معهد العلوم الشرعية في المدرسة الشعبانية " أواخر السنة الدراسية لسنة 1953م، ليستمر طالبا فيها للعلوم الشرعية حتى صيف عام 1959 م حيث ألغيت المدرسة، ثم أعيد فتحها مرة أخرى في العام التالي بعناية الشيخ العلامة عبد الله سراج الدين الحلبي، في جامع الحموي، شرقي القلعة، ليتخرج منها في ذلك العام، أي سنة 1960م

أتم الخدمة الإلزامية العسكرية بين 1 /1/1961 - 1/1/1963 م

وفي سنة 1963م فتح مكتبته المسماة " المكتبة العلمية "، مقابل القلعة، ولا زالت قائمة الى الآن، عمرها الله تعالى

التحق بالمعهد العلمي الشرعي بحمص سنة 1970 م، وبقي فيه سنتين، ليتخرج من المعهد المذكور

انتسب الى كلية اللغة العربية، في الجامع الأزهر سنة 1972 م، وبقي هناك لسنتين، إلا أن ظروفاً خارجةً عن الإرادة حالت دون إكماله التحصيل في الكلية المذكورة، ليقفل راجعا الى حلب

عيِّن إماما في جامع موسى بن نُصير سنة 1970 م .

خطب في جوامع متعددة منها في حي الصالحين بين 1970-1978 م، وفي حي البياضة جامع المهمندار وغيرها، ثم ترك الخطابة

من شيوخه: ( في المدرسة الشعبانية )

الشيخ نزار لبنية رحمه الله تعالى، درس عليه في الصف التحضيري مبادئ العلوم الشرعية والآلية.

العلامة الشيخ عبد الله سراج الدين الحلبي رحمه الله تعالى، درس عليه المصطلح والتفسير، وحضر عليه دروسه الخاصة.

الشيخ بكري رجب رحمه الله تعالى، درس عليه العروض والنحو.

الشيخ العلامة محمد زين العابدين الجذبة رحمه الله تعالى، درس عليه الحديث رواية، من كتاب الشمائل المحمدية، للإمام الترمذي

الشيخ محمد المعدِّل رحمه الله تعالى، درس عليه النحو

الشيخ أحمد القلَّاش، درس عليه النحو، وحضر عليه دروسه في جامعه

الشيخ سامي بصمة جي رحمه الله تعالى، درس عليه علم الفرائض، والنحو

الشيخ عبد الفتاح حَميدة رحمه الله تعالى، درس عليه كتاب " إتمام الوفاء بسيرة الخلفاء "

الشيخ محمد أديب حسُّون، درس عليه موعظة المؤمنين

الشيخ محمد الغشيم الحلبي رحمه الله تعالى، درس عليه الفقه الشافعي

الشيخ عبد الرحمن زين العابدين رحمه الله تعالى، درس عليه أصول الفقه، والصرف

الشيخ أحمد أبو صالح رحمه الله تعالى، درس عليه التوحيد

الشيخ نذير حامد رحمه الله تعالى، درس عليه البلاغة

الشيخ مصطفى مزراب رحمه الله تعالى، درس عليه البلاغة

الشيخ طاهر خير الله رحمه الله تعالى، درس عليه التفسير

الشيخ الفرضي المقرئ نجيب خيَّاطة رحمه الله تعالى، درس عليه الفرائض والتجويد والقرآن

الشيخ نجيب جبل رحمه الله تعالى، درس عليه الرياضيات والهندسة

من شيوخه في ( المعهد العلمي الشرعي بحمص ):

الشيخ عبد الفتاح مسدي رحمه الله تعالى

الشيخ وصفي مسدي، وغيرهم

شيوخ الإجازة:

لقي شيخنا طائفة من العلماء الأفاضل الكرام، وأكرمه الله بنيل الإجازة منهم، نذكر طرفا منهم:

الشيخ العلامة أحمد بن محمد الصِّدِّيق الغماري رحمه الله تعالى، حيث زاره شيخنا في منزله في القاهرة، بصحبة عدة من الشيوخ منهم الشيخ محمد عوامة، والشيخ عبد المجيد قطّان، والشيخ عبد الوهاب كزيبر، وقد أجاز الجميع خطياً، وكتب لشيخنا إجازة على ثبته الشهير " المعجم الوجيز للمستجيز "، وذلك سنة 1959م، وقد أطلعني شيخنا على نسخته ، وأذن لي بتصويرها – وما زلت محتفظا بها بحمد الله.

أخوه العلامة الشيخ عبد الله الصِّدِّيق الغماري رحمه الله تعالى، أجازه لفظا

الشيخ سليم المصري الحوراني رحمه الله تعالى، توفي سجينا في سنة 1990م ظنا عن نحو الثمانين عاما، وشيعه الموافق والمخالف، وهو من الآخذين عن العلامة بدر الدين الحسني البيباني رحمه الله تعالى، وقد أجاز لشيخنا لفظا، حيث لبث شيخنا معه في السجن بضع سنين ، لأسباب لا تخفى.

الشيخ المفتي عثمان بلال الشافعي الحلبي رحمه الله تعالى

العلامة المحقق الشيخ محمد عوّامة الحلبي، نزيل المدينة النبوية، أجاز شيخنا خطيا

العلامة المحقق الشيخ المسند عبد الفتاح أبو غدَّة الحلبي رحمه الله تعالى، أجاز شيخنا خطيا، وقد حضر عليه كثيرا في دروسه العامة، وقليلا في أصول الفقه

الشيخ محمد الحدَّاد رحمه الله تعالى المتوفى بحدود سنة 2000م تدبيجا، وهو يروي عن جماعة من الشيوخ، أجاز شيخنا خطا

الشيخ عبد الغني القنبري الحلبي – مدَّ الله في عمره -، أجاز شيخنا في القرآن الكريم ، برواية حفص عن عاصم، بعد أن قرأ عليه طرفا من كتاب الله العظيم

أكثر المشايخ تأثيرا في نفسه:

العلامة الشيخ المحدث المربي عبد الله سراج الدين الحلبي رحمه الله تعالى

العلامة الشيخ المحقق المسند الأستاذ عبد الفتاح أبو غدَّة رحمه الله تعالى (هكذا سمعت شيخنا يصف العلامة عبد الفتاح أبو غدَّة ، بالأستاذ ).

دروسه:

يلقي شيخنا دروسا يومية في جامعه بعد صلاة الفجر، وذلك كالآتي:

1ـ يومي السبت والأحد: تفسير الخازن

2ـ يومي الاثنين والثلاثاء: الترغيب والترهيب للحافظ المنذري

3ـ يومي الأربعاء والخميس: الفقه المنهجي على مذهب الامام الشافعي

4ـ يوم الجمعة: حياة الصحابة للكاندهلوي

أخلاقه وصفاته:

زرت شيخنا الكريم مرات عديدة في مكتبته العلمية، وقرأت عليه الأوائل العجلونية، والأوائل السنبلية، والأربعين النووية، وأواخر الموطأ – رواية يحيى الليثي - ، وأجازنا لفظا غير مرة، ، وكانت أول إجازة لنا منه بصحبة أخينا الحبيب الشيخ أبي هاشم جمعة الأشرم الفراتي الحسيني الدير زوري، وأخينا الحبيب الشيخ أبي موفق إبراهيم محمود المحمد الخوجة الحلبي والذي وافته المنية في سجن صيدنايا الشهير .

وقد ألفيته خيّرا، لطيف المعاشرة، طيِّب النفس، حسن المذاكرة، سريع الدمعة، وافر التواضع، كثير التصويبات لغة ونحواً، مع جودة الاستحضار للأحاديث النبوية متناً، وينقل أحيانا فوائد نقدية بخصوص بعض الأحاديث المعللة، كثير المراجعة لما يشكل.

ومن شدة تواضعه وخضوعه للعلم : أنه كان يطلب مني مراجعة الكثير من المسائل الفقهية والحديثية والرجالية، ليتبين الصواب فيها ، ولطالما انتفعت من هذه المراجعات فجزاه الله عنا خير الجزاء .

لا يرد أحدا يأتيه من طلبة العلم لقراءة أو إجازة ، له همة عالية في المطالعة ، واغتنام الأوقات ، ما أذكر مرة أني زرته فاعتذر عن درس ، وكان يحثني على التفقه ، والانشغال به عن مجرد الرواية .

ومن لطيف تواضعه الذي هو له سجية : أنه يجيز الطلبة، ويقول عن نفسه: انه ليس أهلا لهذا الشأن، ولكنه يجيز اقتداء بمن أجاز، وتبركا بذكر العلماء والفضلاء والشيوخ .

والذي يظهر لي: أنه عالم جليل نبيل لا يعرف الناس قدره ، وما عنده من علم غزيرٍ ، والشيء إنما يعرف بالممارسة ، وكثرة المجالسة ، فهو حقّا عالم ضيّعه قومه ، لازمته عاما وبضعة أشهر فلم أر من يأتيه من طلبة العلم الحلبيين إلا على ندور ، وغالب من يأتيه مستجيزا من خارج البلاد الشامية ، من العراق والمغرب والخليج وغيرها.

وفاته :

توفي شيخنا النبيل الجليل الشيخ حسن خياطة قطان الحلبي الشافعي ، بحلب الشهباء – مدينة العلماء والصلحاء- هذا اليوم الأربعاء 28/3/1443هـ 3/11/2021 ، ليترك وراءه حياة علمية ودعوية وتربوية وأثرا حميداً في نفوس طلابه ومحبيه ، ليؤي الى ربه الكريم المتعال الذي خدم دينه وشرعه القويم ، وبذل في ذلك السنين.

نسأل الله تعالى أن يثيبه على ذلك خيرا، وأن يعوضه عن ذلك الجنة، وأن يلحقه بالصالحين .

اللهم يا غفار اغفر لشيخنا وارحمه وتقبل منه وأبدله دارا خيرا من داره ، وأهلاً خيرا من أهله ، ,اخلفنا خيراً منه .

اللهم وصل وسلّم على النبي المكرم الأمين ، وعلى آله وأصحابه والتابعين لهم بإحسان الى يوم الدين .

وكتبه حامدا مصليا ومسلما على نبيه المصطفى

تلميذه:

أ.د عبد الله بن جاسم بن كردي الجنابي الشافعي

مدينة بعقوبة العراقية

نشرت 2013 وأعيد تنسيقها ونشرها 4/11/2021