الشيخ الداعية عبدو أحمد بكرو

الشيخ الداعية عبدو أحمد بكرو

(١٩٤٩ - ٢٠٢١م)

بقلم: حذيفة عبدو بكرو  و عمر العبسو

 

انتقل الى رحمة الله تعالى الشيخ الداعية والسجين التدمري السابق أبو أحمد عبدو أحمد بكرو

المولد، والنشأة:

آن لخاصرة الشمال السوري من حلب أن تعلن عن انبلاج نور علم بعد منّ الله وكرمه فقد أذن بولادة الشيخ عبدو بن أحمد بن عبد اللطيف بكرو في حي الليرمون شمال حلب عام ١٩٤٩م.

وكانت النشأة فطرية في أسرة مسلمة فقيرة، ولكنها محافظة على تعاليم دينها وسنة رسولها، خرج من ظهرانيها الشيخ د. كمال الدين جمعة بكرو.

وكان والده أحمد عبد اللطيف بكرو يعمل في نحت الحجارة، ويعيل الشيخ واخوته الأربعة وأخواته.

الدراسة، والتكوين العلمي

درس عبدو بكرو المرحلة الابتدائية حتى الصف الخامس في مدرسة بلدته الليرمون.

ثم انتقل إلى مركز المحافظة ليدرس الصف السادس في مدرسة حطين بحلب فحصل على الشهادة الابتدائية بتفوق.

ثم حصل على الشهادة الإعدادية والثانوية الشرعية (الخسروية) حلب عام١٩٦٨م..وكان من زملائه: الأستاذ أبو أنس طعمة، ود. عبد الجبار الزيدي، والشهيد سحبان محمد الطراب، ومحمود طويل.

بعدها أمّ دمشق ليكمل تحصيله العلمي بكلية الشريعة في جامعتها، وبقي فيها مدة سنتين.

ثم قفل عائداً إلى جامعة حلب، ليحصل على شهادة الليسانس في اللغة العربية من كلية الآداب في جامعتها عام ١٩٧٢م.

شيوخه، وأساتذته:

تتلمذ الشيخ عبدو بكرو على العديد من العلماء والشيوخ من أمثال:

١- الشيخ عبد الوهاب سكر: درس عليه أعلام المسلمين.

٢- الشيخ عبد الرحمن زين العابدين.

٣- الشيخ أحمد قلاش: درس عليه البلاغة.

٤- الشيخ المحدث عبد الله سراج الدين: درس عليه مصطلح الحديث.

٥- الشاعر بكري رجب: درس عليه اللغة العربية.

٦- الشيخ طاهر خير الله: درس عليه التفسير.

٧- الشيخ محمد نجيب خياطة: درس عليه التجويد.

٨- الشيخ عبد الفتاح أبو غدة.

٩- د. فخر الدين قباوة: درس عليه النحو والصرف في جامعة حلب.

١٠- محمود فاخوري: درس عليه البلاغة والعروض في كلية الآداب في جامعة حلب.

١١- د. صبري الأشتر: درس عليه الأدب الجاهلي وشرح المعلقات في كلية الآداب بجامعة حلب.

١٢- د. عبد الكريم الأشتر: درس عليه النقد الأدبي.

١٣- عمر دقاق: درس عليه الأدب الأندلسي.

١٤- د. عدنان زرزور.

١٥- د. فوزي فيض الله.

١٦- د. محمد سعيد رمضان البوطي.....وغيره من أكابر علماء بلاد الشام.

فهذه الكبكبة من العلماء التي لعبت دورها في تكوين شخصيته العلمية والأدبية والفقهية،وهيئته ليكون معلماً ومدرساً وداعيةً يشار إليه بالبنان

محنته، وسجنه:

أعتقل الشيخ عبدو بكرو وهو في قاعة الدرس ينشر علوم العربية أعتقل على يد الأفرع الأمنية ليصار به في غياهب سجن تدمر الصحراوي سيء الصيت في شهر أذار عام ١٩٨٣م. فخيم على المدرسة حزن عميق؛ حيث فقدت المعلم والمربي والأب الروحي.

ورب ضارة نافعة وعلى جسور المحن تأتي المنح

فقد حفظ القرأن داخل السجن، وعذب مع اخوانه عذابا شديدا، غير أنه بقي صامدا ثابتا على المبادئ السامية التي اعتقد بها ؛ لذا (فلبث في السجن بضع سنين) وخرج منه في كانون الأول عام ١٩٩١م.

شهادات المعتبرين به:

أحد تلاميذته المقربين كان يكثر زيارته في بيته و لا ينسى ما يهمسه الأستاذ في أذنه: لو كنت أعلم أنه لن يطول بكم المقام في السجن لدعوت الله عليكم بالسجن..حتى تذوقوا حلاوة الإيمان ولذة العبادة وحفظ القرأن.

كان رحمه الله رحب الصدر واسع الثقافة، طيب القلب، لطيف المعشر، وكان كريما مضيافا، ومتواضعا، ومحبا ودودا لأبناء الحركة الإسلامية، يشارك أبناء بلدته في الأفراح والأتراح، وكان محبوبا من الجميع.

يقول عنه د. عبد الجبار الزيدي: كان زميل صباي ورفيق دراستي في الإعدادية والثانوية الشرعية (المدرسة الخسروية) بحلب الأستاذ عبدو بن أحمد بكرو البلليرموني يرحمه الله - يقرأ سورة الأنفال ؛ وكنا ثلاثة على مقعد واحد: هو في ميسرة المقعد، وسحبان محمد طراب في وسطه، وأنا في ميمنته؛ فلما بلغ قول الله تعالى -: (وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُواْ لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ) قال: الإثباتُ لي ! والقتل لسحبان ! والإخراج لعبد الجبار ! ولأنه ينظر بنور الله كان الذي قال !!! سجن هو ثماني سنوات، ثم منَّ الله عليه بالفرج، واستشهد سحبان في سجنه، وشرِّد عبد الجبار غفر الله له - قرابة أربعين سنة !..).

ويقول عنه صديقه الشاعر محمود طويل:

في عام 1962 التقيت به لأول مرة في الثانوية الشرعية (الخسرفية) في حلب.

تخرجنا معاً منها في صيف العام 1968 وكان طالباً مشهوراً بحدة ذكائه، فكان بذلك من الطلاب الأوائل.

سجلنا في كلية الشريعة بجامعة دمشق عام 1968 - 1969.

وفي نفس العام من التخرج حصلنا على شهادة الثانوية العامة - الفرع الأدبي، ليدخل كلية الآداب بجامعة حلب فرع اللغة العربية.

تخرج في عام 1973 منها فحصل على الإجازة في الأدب العربي.

تعين في العام التالي مدرساً للغة العربية في ريف محافظة حلب.

درس قبل تخرجه في ثانويات مدينة حلب، ولما تخرج ذهب لأداء الخدمة الإلزامية برتبة ملازم مجند من 1974 - 1976 في القوى الجوية في مطار السين قرب دمشق، وكان محافظا على الصلاة أثناء الخدمة، ثم عاد بعدها لتدريس المرحلة الثانوية في ثانويات حلب.

عمل مدرسا عدة سنوات في ثانوية نبل، ثم انتقل الى ثانوية ماير، ثم تولى إدارتها، ومنها أعتقل وذهب إلى سجن تدمر 1983 - 1991 خرج منه وتابع مقاضاة النظام المجرم حتى أعادوه موظفاً في المركز الثقافي بحلب مكث فيه سنتين، ثم أحيل إلى التقاعد.

سمات شخصيته العلمية:

كان ذواقة في التحليل الأدبي يتعامل مع النصوص بقدرة عالية وفهم في تحليل معانيها وفك رموزها، وله أشعار في سجن تدمر، وخارجه، ولكنه شاعر مقلٌّ.

وكان يشارك في الإصلاح وفض الخصومات في بلدته ويفتي في الأحوال الشخصية والطلاق والميرات...ومن حفظ الله له كان لا يجلس في مكان فيه معصية...

وكان يخطب في آخر أيامه في مسجد (عبدالو) التابعة لباسوطة في دارة عزة.

منع من جواز السفر لأسباب سياسية، ولم يتح له أداء فرضية الحج، ولكنه اعتمر بعد الثورة السورية مع زوجته في عام ٢٠١٦م.

توفيت والدته قبل أسبوعين من وفاته، وتوافد أحبابه ليقدموا واجب التعزية، فأكرمهم وصنع لهم الطعام، وكان الكرم سجية فيه من غير تكلف.

حياته الأسرية:

والأخ الصابر العالم العامل عبدو بكرو متزوج من ابنة عمته السيدة الفاضلة (أم أحمد) التي كانت خير رفيق له في محنته، وقد صبرت على البلاء وفقد الزوج، وأنجبت له (ثلاثة ذكور، وسبع اناث)، وقامت بتعليمهم وأرسلتهم لتعلم العلوم الشرعية منهم (الشيخ حذيفة)، توفيت عام ٢٠١٠م، وتزوج من امرأة ثانية، ولم ينجب منها.

وفاته:

أطبق الشيخ عبدو أحمد بكرو أجفانه على تاريخ ناصع من العطاء وسيرة عطرة مساء يوم الجمعة ٢٢ تشرين الأول عام ٢٠٢١م، اثر اصابته بمرض كورونا، ودفن في بلدته.

رحمه الله رحمة واسعة، وأسكنه فسيح جناته.

مصادر الترجمة:

١- معلومات أخذتها من شقيقه الحاج محمد بكرو بتاريخ ٩ تشرين الثاني عام ٢٠٢١م.

٢- معلومات أخذتها من أصدقائه د. عبد الجبار الزيدي، والشاعر محمود طويل، وولده الشيخ حذيفة.