الشهيد الفقير حسن بن كرمو الديبو - تقبَّله الله –

  بقلم أبو محمود إسماعيل نور الدين الحلبي

على مسافة ليست ببعيدة من حلب, قرية صغيرة اسمها السحّارة ،تتبع لبلدة كبيرة عريقة اسمها الأتارب, التي نالت نصيبها من قذائف النظام أكثر مما نالته هضبة الجولان.
 
ولد الشهيد المجاهد حسن بن كرمو الديبو عام 1971م في قرية السحَّارة التي عرف أهلها بالطيب والبساطة، وأهلها أناس كرماء فقراء يقتاتون من كد أيديهم في أرضهم ومما تنتجه له أنعامهم.
 
نشأ الطفل في كنف والديه الذين كانا يعملان في الزراعة، ودرس الابتدائية والإعدادية في قريته الصغيرة السحارة وكان يعين والديه مع إخوانه وشقيقاته بالعمل في أرضهم الصغيرة ورعاية بهائمهم.
 
كان الشهيد باراً بوالديه ويقوم على خدمتها إلى آخر حياته، و كانوا يعيشون في داره إلى لحظة استشهاده.
 
درس المرحلة الثانوية في الثانوية الصناعية في بلدة الأتارب، لكن لم يحالفه التوفيق والنجاح لإتمام دراسته بسبب سوء أحواله المادية وضنك العيش مما اضطره ذلك لترك الدراسة ليهاجر إلى لبنان للعمل فيها.
 
وقبل سفره إلى لبنان تأثر الشهيد ببعض النشطاء في الدعوة من أبناء قريته والذين كان لهم انتماء لحزب التحرير الإسلامي، وقد أعجب بأفكارهم ونشاطهم الدعوي وسعيهم الدؤوب من أجل تحكيم شرع الله عز وجل.
 
انتهز فرصة وجوده في لبنان ليتعرف على التحريريين أكثر، وازداد إطلاعه عن جماعة التحرير وبرامجهم ومناشطهم الدعوية وخاصَّة اطلاعه على مجلة الوعي الصادرة عن ثلة من شباب حزب التحرير في لبنان، وتوفر الكتب الصادرة عن حزب التحرير التي لم تكن محظورة في لبنان كما هو الحال في سوريا التي اعتاد نظامها أن يمنع حتى كتيباً في أذكار اليوم والليلة كـ "حصن المسلم".
 
بعد عودته من لبنان التقى بأحد الإخوة من أعضاء حزب التحرير، وكان بينهما جلسات متعددة يتذاكرون فيها الحلول لمشكلة الأمة الإسلامية، ويتدارسون الخطط والبرامج التي تبنتها جماعة التحرير للنهوض بالأمة الإسلامية، ومعالجتها وفق رؤية حزب التحرير, وقد اقتنع بمبادئهم وأفكارهم ومنهجهم فانضم لهم بشكل رسمي، وعزم على الانخراط في هذه المسيرة النضالية مبدياً استعداده لتحمُّل تبِعات هذا العمل وانخرط بينهم بصفة دارس.
 
بدأ ينشط بالعمل الدعوي، إلا أن هذا النشاط لم يدم إلا بضعة أشهر يسيرة بسبب اعتقاله من قبل المخابرات السورية في مدينة حلب في الشهر الثاني من العام 2007م.
 
وبعد استكمال التحقيقات الأمنية تمَّ تحويله إلى سجن (صيدنايا) لينال نصيبه من ظلم النظام في السجن لمدة أربع سنوات قضاها صابراً محتسباً مثابراً على طاعة الله عز وجل صائماً قائماً ثابتاً على مبادئه مصمِّماً على السير في هذا الطريق حتى نهايته وإلى أن ترفع راية لا إله إلا الله ويكون الحكم لله.
 
أطلق سراحه في الشهر السادس من عام 2011م وبدأ يزاول عمله في منشرة حجرٍ من أجل النفقة على نفسه وعلى أسرته، لكنه لم يجد بدّاً إلا أن ينخرط في ركب الثوار والمجاهدين بسبب فظاعة الجرائم التي ارتكبتها قوات النظام في بلدته، وبدأ يجاهد مع المجاهدين في صفوف الجيش الحر في كتيبة أنصار الحق التابعة لألوية المعتصم، وساهم في معركة تحرير الفوج 46 المحاصر الى هذا اليوم - الذي أذاق المنطقة ألوان العذاب، وقد قتل في ساعة واحدة- بسبب قصف هذا الفوج القرية -زوجة عمه وأخوها وأختها الصغيران، وابن جاره، وزوجة ابن عمه، وزرع هذا الفوج الرعب في قلوب أبناء تلك المنطقة.
 

ساهم مع المجاهدين في تلك المعركة راغباً بالشهادة أكثر من النصر وإن كان النصر غاية نبيلةً جليلةً ،لكن هدفه الأسمى الشهادة في سبيل الله عز وجل، وقد حقَّق الله تعالى له ما يصبو في معركة الفوج في 22-9-2012م تاركاً وراءه زوجة وأولاداً، نسأل الله أن يحفظهم وأن يتقبل الشهيد، وأن يجمعه بهم في أعلى عليِّين ، وأن يرزقنا شفاعته إنه نعم السميع المجيب.