الشهيد إبراهيم الأمين أبو صطيف

 


هذه ترجمة لأحد المجاهدين الصادقين والشهداء المخلصين، وهو من حزب التحرير الإسلامي ورئيس لواء الخلافة الإسلامية ، وقد نختلف مع بعض توجهات هذا الحزب الإسلامي إلا أننا نلتقي جميعاً في السعي لإسقاط هذا الطاغية المجرم وعصابته الحاقدة القاتلة ، وسعياً منا لنشر مآثر شهداء الثورة السورية نقدِّم هذه الترجمة مع رابط مقابلة له قبيل استشهاده، ونخالفه في موقفه من الائتلاف الوطني، ولكن حرصاً منا على نشر صورة الثورة ،وتوجهات بعض كتائب الجهاد في الداخل السوري، نقدم هذه الترجمة ،ونسأل الله أن يعلي درجة هذا الشهيد ويثأر لدمه الطاهر من القتلة المجرمين وأن يكرمه بكرامة الجنة في عليين .
 
 
 الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين وبعد:
 
أيا تاريخ المجد استيقظ من سباتك فإنك في سورية التي ازدحم شبابها قد ازدحمو ببابك وقد سطّروا أروع الملاحم وبهم تشرف جبين الدنيا.
ومن أولئك الذي غصّت بهم مراكب المجد شاب في مقتبل العمر كبير في القلوب عقله سبق سنه إنه البطل العظيم صاحب الخلق الكريم الدمث الوسيم الأليف المألوف إبراهيم بن مصطفى أمين، اللين الجانب مع الإخوان الصلب المتمترس في ميادين القتال.
 

الولادة والنشأة

في عام 1986 انبثق فجر الشهيد إبراهيم أمين لأسرة كريمة في قرية السحارة التابعة لبلدة الأتارب في ريف حلب الغربي، وقد عاش إبراهيم في هذه القرية وكان يلهو ويلعب في أزقتها حتى اشتد عوده وقويت عزيمته، ونفذ نور الإيمان الى قلبه وهو غض طري فاستقر فيه وتمكن.
 
درس إبراهيم المرحلة الابتدائية والإعدادية والثانوية في قرية السحارة، وكان له نشاط لدعوة الشباب في بلدته، وفي جامعته في كلية التربية التي انتسب اليها ودرس فيها السنة الأولى ولم يتمها وانقطع عنها وعن خطيبته التي عقد قرانه عليها بسبب الاعتقال.
 

نشاطه ودعوته

وهكذا عاش إبراهيم حياة مليئة مبنية على أسس وقواعد متينة ضاربة جذورها في أعماق قلبه متمسكاً بالعقيدة والإيمان، وتربى في مساجد الرحمن وعلى موائد القرآن، وقد حفظ كثيراً من أجزاءه وأتقن تلاوته، وهو شاب ذكي كثير القراءة والمطالعة ويفهم ما يقرأ وصاحب دأب ونشاط في طلب العلم والفهم والوعي وهو من الشباب الألمعيين، وكان يحرص على دعوة الشباب في المساجد.
 

انتماءه لحزب التحرير

كان لعمه محمد عبد الله أمين نشاط واسع في حزب التحرير في منطقة الأتارب وقد سجن في ستينيات القرن الماضي بسبب نشاطه الكبير،  وتأثيره على الشباب.
 
 ومن أولئك الفتية الذين تأثروا به ابن أخيه إبراهيم، وواصل إبراهيم نشاطه في حزب التحرير وكان يلتقي مع الشباب التحريرين وكان في مرحلة دراسة لأفكار الحزب، فكان يناقش التحريرين في أفكارهم ويلتقي مع شبابهم ويناقشهم في كثير من المسائل، وكان فكره قيد التشكيل لم يتقيد بكل مسائل الحزب بل كان يخالفهم في كثير من المسائل وخاصة في مسألة الجهاد وإقامة الدولة .
 

اعتقاله

وأثناء مرحلة تكوينه الفكري اعتقل إبراهيم وزج به في سجن صيدنايا في 20-2-2007 لنشاطه الدؤوب، وهناك التقى بثلة من شباب التحرير الذين حرصوا عليه كثيراً لما يتمتع من ذهن صافي وذكاء وقّاد وخاصة أنه كان صاحب نباهة ويفهم الفكرة أو الكلمة من المرة الأولى دون الحاجة إلى إعادتها.
 

نشاطه في السجن

واصل نشاطه في سجن صيدنايا في متابعة علمه وقد أتم حفظ كتاب الله عز وجل وأجيز به في السجن، ولم يفوت على نفسه جلسات حزب التحرير، وكان على صلة طيبة ببقية طلاب العلم في السجن ومنهم الدكتور محمد علي عيسى مؤسس حركة الفجر الإسلامية، ويحضر عنده جلسات في سرد سيرة النبي صلى الله عليه وسلم العطرة.
 

عبادته وخلقه في السجن

كان صاحب عبادة وتقوى يصلي ما قدّر له أن يصلي ويصوم يومي الإثنين والخميس، ويعامل إخوانه بخلقه الحسن الذي تربى عليه فأحبه إخوانه لما له من مزايا كثيرة تشد القلب إليه من خلق نبيل وحياء جم ولما يتمتع بروح مرحة وملاطفة الإخوان والترويح عنهم، وشجاعة فائقة قد أسفرت عن نفسها في حدث استعصاء سجن صيدنايا.
 

خروجه من السجن ونشاطه الثوري والجهادي

أفرج عنه في الشهر الثالث من عمر انتفاضة الثورة السورية المباركة، وأكرمه الله بالزواج من زوجته التي كان قد عقد عليها قبل دخوله السجن لكنه لم يركن إلى الدعة والرخاء بل صار يعد لمواجهة قوى الطغيان المستبد بأهله وببلده والذي أهلك الحرث والنسل، وقد تكونت لديه قناعة أن الجهاد والشهادة هما السبيل الوحيد لتحرير الأرض، وكان قد أخذ على عاتقه حمل هذه الأمانة وواصل نشاطه فور خروجه من السجن يحدوه الأمل ويقوده العزم على مواصلة المشوار، وبذل الغالي والنفيس من أجل دعوة السماء فهو صاحب عقيدة عاش لها ومات لها وقد أدرك أن النصر لن يأتي بلا تعب بل لابد من إزهاق النفوس الطيبة في سبيله.
 

بداية انطلاقه في موكب الجهاد

إبراهيم صاحب مبادئ وقيم ولم يكن من رجال المناصب والكراسي والأطماع، وقد أراد لمبادئه أن تسود ولأفكاره أن تعلو وتسمو وتستقر وتحيا أبد الدهر مرفوعة شامخة، وقد تبلور فكره في السجن على ما يجب ان يقوم به، ونفّذ ما في ذهنه بعد خروجه من السجن فوضع يده في يد المجاهدين، وطفق في البداية يسعى لتأمين أماكن ومقرات للمجاهدين والتنظيمات الإسلامية، ومنها جبهة النصرة في المنطقة الغربية، وعمل مع أبناء قريته وعلى رأسهم الشهيد الراحل عبد القادر ديبو تقبله الله مع أنه يخالفه في الفكر لكن هذا الخلاف لم يفسد لهم وداً ولم يمنعهم من التعاون على البر والتقوى، وأقاموا أول حاجز في قرية السحارة، ثم انضم الى كتائب أحرار الشام وشارك معهم في عدة معارك وفي عدة جبهات.
 

لواء أنصار الخلافة

شكل مع مجموعة من الشباب كتيبة أنصار الخلافة بقيادته وإشرافه والتي كانت منضوية ضمن كتائب أحرار الشام ثم كان من أوائل الموقعين على ميثاق العمل لإقامة الخلافة الإسلامية والتي شكل على إثر هذا الميثاق لواء أنصار الخلافة فكان هذا اللواء ثمرة عمله ودعوته، وساهم لواءه في عدة معارك كذلك.
مقابلة مع المكتب الإعلامي لحزب التحرير
 
أجرى معه المكتب الإعلامي لحزب التحرير لقاء في الأول من ربيع الثاني عام 1434هـ وكنت قد اقتطفت وانتقيت من لقائه بعضاً منه.
فرداً على سؤال المحاور عن عمله ونشاطه الثوري ذكر أن عمله الثوري يقوم على صعيدين صعيد عسكري وصعيد سياسي.
 
أما العمل العسكري فكان يقوم على مواجهة قوات الأسد والشبيحة التي تعتدي على أعراض الناس وديارهم وأموالهم.
 
وأما العمل السياسي فهو عمل دعوي يقوم على كشف المؤامرات التي يحيكها الغرب الكافر وأزلامه وأعوانه في الداخل الذين يدعون إلى إقامة الدولة المدنية الديمقراطية، وتوعية المجاهدين للعمل على إقامة دولة الخلافة الإسلامية ولتكون كلمة الله هي العليا وحتى يكون عملنا في مجراه الصحيح ولكي لا تضيع دماء الشهداء.
 
وذكر في مقابلته هذه: لا نريد لشبابنا المسلم بعد كل هذه التضحيات أن يقوم الغرب الكافر على إقامة الدولة العلمانية والنظام العلماني لتكون بذلك هدمّنا نظاماً علمانياً كافراً ونقيم نظاماً علمانياً كافراً آخر ونكون بذلك لا ديناً أقمنا ودنياً ابقينا ونكون بذلك قد خسرنا خسراناً مبينا.
وقد دعا إخوانه المجاهدين للاعتصام بحبل الله المتين والعمل سوياً لإقامة دولة الإسلام والخلافة الراشدة والتي ستكون الحل الجذري لجميع مشاكل المسلمين في العالم.
 
ورداً على سؤال المحاور هل هناك أمل في تحقيق ما تصبوا إليه من إقامة دولة الخلافة؟ فكان من رده:
نحن نستقرأ سنن الله في الأرض التي قال الله عنها (سُنَّةَ اللَّهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلُ وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا) والله عز وجل هو الذي يهيئ الأسباب الكونية المادية والمعنوية لإقامة الخلافة في هذه الأرض الطيبة المباركة وخاصة لما نرى من انهيار جيوش الغرب اقتصادياً وعسكرياً أمام أفراد من المسلمين ولا دولة تدعمهم، وليس لهم إلا الله عز وجل، والغرب بقده وقديده وطغيانه لا يستطيع أن يفعل شيئاً وهو ينهار اقتصادياً ومعنوياً وعسكرياً وفكريا،ً وما نراه ما يقدّمه الله عز وجل لنا على صعيد المنطقة عربية واسلامية، وبعد أن قامت هذه الثورات الإسلامية، وإن كانت هذه الثورات لم تحقق ما هو مرجو منها لكن على الأقل كسرت ذلك الجدار الزجاجي القائم من الأنظمة الطاغوتية التي ربطت على عقول الناس وأدخلت الإرهاب في عقولهم، وكان مجرد تفكيرهم بالإسلام يتبادر إلى أذهانهم أقبية المخابرات والسجون!! والحمد لله قد منّ الله علينا بتصدع وانهيار الكثير من الأنظمة الأمنية القمعية وبدأت الشعوب تتنفس وعادت الشعوب لتقول كلمتها وما هي إلا مسألة وقت ليعم الوعي في الأمة في الأمة، وسترجع الأمة إن شاء الله إلى دينها بمعية إخوانها المخلصين الذين ينيرون لها الطريق والمسلمون اليوم يعرفون أنه لا حل لهم إلا العودة إلى دينهم وخاصة بعد أن تكشف زيف الغرب وأكاذيبه في مسألة الديمقراطية والحرية وحقوق الإنسان وهو يشاهد دك بلادنا بكل أنواع القذائف وارتكب كل الجرائم ولم يفعل له الغرب سوى أن دعمه وقد قام ببيعنا واستهلاك بعض التصريحات الداعمة للثورة السورية قلباً وقالباً مع نظام الأسد!! بينما أنصار الدين في مالي لم يقوموا بهتك الأعراض ولم يسفكوا الدماء حتى تتدخل فرنسا مباشرة ودول الغرب والمنطقة ولا ذنب لهم سوى أن يقولوا ربنا الله ويتدخل الغرب فورا ويباركهم مجلس الأمن والقضية مكشوفة.
 
يحاربوننا لديننا (ولن ترضى عنك اليهود ولا النصارى حتى تتبع ملتهم) وبعد أن تتغير النفوس ويتحقق التغيير فينا سيحقق الله عز وجل لنا التغيير (إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم) ونحن نرى الآن التغيير واضحاً والأسباب الكونية بدأت تتهيأ.
 

ومما أجاب به عن الأعمال العسكرية:

ذكر أنه اشترك في كتيبته في عدة عمليات عندما كانت تعمل كتيبته مع أحرار الشام ومن تلك العمليات الاشتراك في عملية البحوث العلمية، وفي فتح أورم التي انهارت فيها كتيبة من الشبيحة في القرى القريبة منها، وبعد إنشاء اللواء اشتركنا في صد الرتل العسكري في خان العسل وفي معركة المطاحن.
وكنا ننسق مع إخواننا في حلب ومن يومين نزلنا لمواجهة الرتل القادم عبر بلدة خناصر ونحن الآن ننسق لضرب الرتل العسكري القادم إلى حلب بالاشتراك مع إخواننا المجاهدين من جبهة النصرة والكتائب الأخرى من الكتائب الإسلامية والجيش الحر.
 

رأيه في الائتلاف الوطني ومبادرة الشيخ معاذ الخطيب

وسئل عن مبادرة الشيخ معاذ الخطيب ودعوته للحوار ما هو رأيه فيه كثائر مضحي؟ فكان من رده: أن الائتلاف صنع على يد خارجية وغالبيته ذو توجه علماني وما يسمى بالإسلام المعتدل في الائتلاف لا يمثل الشعب السوري بشكل من الأشكال والخطاب العلماني واضح ثم تساءل أين هم العلمانيون على الأرض ونحن لا نرى على الأرض سوى المخلصين والمجاهدين الذين يعملون لله ولدولة الإسلام وللدين، وهؤلاء لا يمثلهم ائتلاف وطني ولا غيره ونحن لا يمثلنا إلا من هم من أبناء جلدتنا الذين قال الله عنهم: (إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ * وَمَنْ يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ ) فائتلاف وضع في دول الغرب لا يمثلهم وهوة لا يقوم إلا بخدمة الدول الصانعة له والتي رعته، ومن الطبيعي أن يقوم بمبادرات إنقاذية بما تمليه الدول الداعمة، وهم ليسوا على الأرض ولا يعرفون ما الذي يجري هنا، وإنما يريدون أن يبحثوا لهم عن موطئ قدم ومحاولة منهم للالتفاف على الثورة ولإيقاف ما يجري من تقدم على الأرض، ولكي يحولوا بين المسلمين وبين عودة دولة الخلافة فإنهم يريدون حلا وسطا يرضي الدول الغربية ويحقق لها مصالحها.
 

استشهاده تقبله الله:

استشهد رحمه الله في معركة التصدي للرتل المتوجه من بلدة سفيرة إلى اللواء 80 قبل تحريره في 2-4-1434هـ الموافق 12-2-2013م وارتحل عن دنيا الدنايا ليلحق بالرفيق الأعلى بعد أن سطر بدمائه أسمى معاني العز والفخار.
 

أهل بلدته يخرجون في مسيرة حاشدة بعد استشهاده

وخرجت بعد استشهاده مظاهرة حاشدة في بلدته في 5 ربيع الآخر 1434هـ معلنة متابعة المسيرة، وكان من هتافهم لا إله إلا الله الخلافة وعد الله، وقائدنا للأبد سيدنا محمد، قولوا لكل الحكام ثورتنا ثورة إسلام، وبدنا نعيد الخلافة لا تراجع ولا استسلام، ويرجع عزك يا بلادي، ونحرر بلاد الشام وعزتنا بالشريعة نحن أمة ما بنخاف.
واستنكر المتظاهرون في البلدة مبادرة الشيخ معاذ الخطيب رافضة تلك المبادرة وأعلنوا في مظاهرتهم أن ثورتهم التي انطلقت من المساجد تعلن بكل وضوح أن قائدنا للأبد هو سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وتنذر المتآمرين عليها وتدعو عليهم، وقد حددت طريقها وغايتها بأن قالت: الأمة تريد خلافة من جديد وأن المستقبل لدين سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم.