الشهيد أبو إسلام سلوم بن حمود الدرويش

 

الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على نبينا محمد ،وعلى آله وأصحابه أجمعين وبعد:
ظن النظام العنجهي المغرور أنه بإمكانه وأد الثورة السورية التي انطلقت شرارتها الأولى من حناجر أطفال درعا بترسانته الأمنية والعسكرية التي أعدها لمثل هذا اليوم إلا أنه لم يكن بحسبانه أن الله عز وجل سيخرج من هذه الأمة فتية لا يعرفون الا طريقين لا ثالث لهما: الشهادة أو النصر.
ومن أولئك الفتية: الشهيد أبو إسلام سلوم بن حمود الشريف الدرويش، سليل خنساء سورية التي استشهد خمسة من أولادها في سبيل الله عز وجل ،وأربع من أحفادها ،ولها أولاد وأحفاد يقبعون في المعتقلات.
أبو إسلام: شاب صاحب خلق كريم مرهف الإحساس، كثير البكاء، أليف المعشر ،يقوم على خدمة من هو أكبر منه سناً، قليل الكلام، شديد الحياء، صاحب همة عالية، كثير الحركة، أفعاله من أقواله.
 
الولادة والنشأة
في عبطين الصغيرة التي تقع في الريف الحلبي الجنوبي ولد فيها الشهيد الكريم سلوم الدوريش عام 1977م وقد ترعرع في أزقة تلك القرية وبيوتاتها، وتوفيت والدته، وكان عمره أربع سنوات، وكان كثير التردد هو وأخوه الشهيد فاضل الذي استشهد في أحداث نهر البارد إلى أخواله والذين كان لهم باع كبير في الجهاد في سبيل الله عز وجل.
 
درس أبو إسلام في مدرسة عبطين المرحلة الإبتدائية، ولم يستطع أن يتمَّ دراسته فترك المدرسة على اعتبار أن أسرته أسرة فقيرة، ووالده كان يعمل في الزراعة، فاضطر سلوم لأن يعمل في إحدى مناشر الحجر القريبة من قريته...
 
كان سلوم ملتزماً دينياً، ونشأ النشأة الصالحة، ويعود التزامه بسبب كثرة معاشرته لأخواله المجاهدين، وازداد تمسكه أكثر بعد أن أعتقل أخواله في عام 2000، وبعد خروج خاله الشهيد أبي دجانة من السجن ترك أثراً بالغاً على العائلة وعلى سلوم بشكل واسع.
 
تزوج سلوم من فتاة كريمة فاضلة عام 1988، وأنجب منها ولدين وبنتاً، أسأل الله أن يتولاهم ويرعاهم.
سعى سلوم لأن يجاهد في العراق بعد اجتياحها من الغزو الأمريكي إلا أنه لم يوفق لذلك.
 
ولتأثره بأخيه الشهيد فاضل، وخاله أبي دجانة ،زُجَّ في سجون نظام البعث في صيدنايا عام 2006 ،وقد حَكم عليه فايز النوري بالسجن مدة أربع سنوات ونصف حفظ بها كتاب الله عز وجل ، واستفادَ من طلاب العلم في مسجد صيدنايا ،فكان يحضر دروس الشيخ أبي العباس التوت ، وحضر كثيراً عند الشيخ سمير البحر ،وأبي علي طيبة .
 
ومع إطلالة الربيع العربي أُفرج عنه في 6 / 1 / 2011 أي قبل اندلاع الثورة السورية بشهرين ونصف تقريباً ليعود إلى أسرته وعمله في قريته .
 
انضمامه لركب الثورة
انضمَّ أبو إسلام لركب الثورة السورية المباركة ، ولما توجَّهت الثورة نحو التسليح كان أبو إسلام في طليعة المجاهدين لأنه لم يجد بُدَّاً من ذلك وخاصة أن القتال هو قتال دفع الصائل فلم يتخلف أبو إسلام عن واجبه .
 
وراح يعدُّ العدة للجهاد ليثأر لدماء الأطفال والنساء والشيوخ التي سالت فكان شعلة من الحماس.
فكان السبب لحمل السلاح الدفاع عن الثورة التي قدَّر الله على أهلها المحن، ونسأل الله أن تكون لها كرامة خلاص الأمة من الطغاة المعتدين في أن يدحر النصيرين كما دحر جحافل الغزاة الأوربيين من قبلهم.
 
تأسيس حركة الفجر الإسلامية
شكَّل أبو إسلام مع فتية من إخوانه المعتقلين حركة الفجر الإسلامية بمؤنة بسيطة جداً ،فكان أبو إسلام يعمل في منشرة حجر ليجهِّز مصنعاً للعبوات، وكان في بداية الأمر يعاني، وهو وإخوانه من صعوبة التواصل فيما بينهم، وما يكانوا يجدون أجرة السيارة للتواصل مع الثوار في الريف الغربي..
 
كانت بداية انطلاقتهم هي التدريب على مسدس فردي لا يملكون غيره إلى أن نمت الحركة وكَثُر انضمام إخوانهم إليهم .
معركة حاجز عبطين واستشهاده
قاد أبو إسلام العملية العسكرية عند حاجر عبطين في يوم الجمعة 22/6/2012 ، وقد استعذب فيها الموت في سبيل الله عز وجل، وقد أبدع جرأةً ونكايةً وشجاعةً في العدو ، وقتل جميع أفراد الحاجز.
 
فقتل فيها أبو إسلام حباه الله خضراء الفردوس ليرتع فيها أبداً بعد أن باع نفسه لله عز وجل بجنة عرضها السموات والأرض بعقد رقمه الباري في كتابه الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه " إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة" الآية .
 
بارك الله به وبعائلته الفريدة في تاريخ التضحيات والجهاد ، وعظم الله أجرهم ، وتقبل شهداءهم وفكَّ أسراهم ، وكان في عونهم .
ولئن قَتَل هذا المجرم بشار وعصابته شبابنَا فإنه لن يقتل روح الجهاد فينا الذي هو ماضٍ إلى يوم القيامة .