الروضة والسبيل

الأستاذ :
عبد الله زنجير

كأنه يقيس الأرض بساقيه ، قال لي أخي فخري : انظر عبد الله  هذا المتر يعني بمائة ليرة .. كنا في الطريق لجامع الروضة أوائل السبعينيات ، و كان أبي - رحمه الله - يحدثنا عن غلاء هذا الحي الجديد ( السبيل ) ! بقيت جلجلة الشيخ طاهر خير الله - طيب الله ثراه - أثير خلود ذاك المنبر ، صدعا بالحق و صدى للحرم ، ما استحالت كلماته طابع بريد  و ما نسينا أذان منذر و الترمذي و الدايخ و سماع المدلل و الحفار و الحلاق كل ثلاثاء . مسرحية ( في ظلال اليرموك ) شاهدتها في صالة المكتبة الملحقة سنة 1978 م ، بعد 8 سنوات من افتتاح الجامع الشهير، هناك سمعت لأول مرة من أبي الجود أنشودة ( كن مسلما و كفاك بين الناس فخرا ) في حفل المولد 1399 ه
 
أرجح أن شرارة ثورة الثمانينيات انقدحت من هنا ، الشهيد عمر سالم كان أول القافلة ، تبعه الشهداء : وليد عطار و عصام قدسي و - شقيقه - عبد الله قدسي و حسني عابو و عدنان عقلة - أبو بصير الطليعة المقاتلة - و رضوان سمونة و رسول حنوش و د . أدهم سفاف و عبد السلام كراسي و الشيخ موفق سيرجية - خطيب جامع الرحمن المفوه - و محمد هنداوي و إياد الداخل و تيسير الشامي ، و مازن عنبر الذي قتلوه في مظاهرة 19 / 10 / 1979 م
 
سبيل الدراويش و حديقته التي افتتحها رائف باشا - سنة 1896 م - على الأطراف الشمالية الغربية لمدينة حلب ( كانت باحة تملأ بالمطر ) بات سبيل الرخاء و الحداثة و الروضة الفيحاء .. و صلت رسالة السبيل سميه و توأمه من درعا الدامية ، فيها تحية لأولى تظاهراته في 2 / 6 / 2011 م ، لحرائره وهن يهتفن كالخنساء و أم عمارة في 2 / 2 / 2012 م ، لأحراره في 25 / 10 و 25 / 11 / 2011 م و 29 / 1 و 2 / 7 و 11 / 7 و 28 / 7 و 9 / 8 / 2012 م ، و يوم سقوط القذائف عند مدرسة خالد بن الوليد
 
القنصلية الأمريكية و نقابة المحامين و دوار شيحان و شارع النيل و شارع القاهرة و شارع وشوشونا و حداء واحتداب الروضة ، حضور على مائدة السبيل 5 نجوم ، كحضور أعلام الاستقلال المرفرفة يوم 12 / 2 / 2012 م
كنا نظن زمن الأحلام الذي انتظرناه ، ولى و عشناه .. الثورة العملاقة ، تصحيح و تصويب للحلم و البوصلة

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين