الدَّاعية العَّلامَة سَعيد حَوَى في ذكرى وفاته الـ 33

من رواد الفكر والدعوة الإسلامية في سوريا [1935- 1989م]

ولد الشيخ في حماة وسط سوريا سنة 1935م. وكان للبيئة التي نشأ فيها أثر كبير في تكوين شخصيته، فوالده الحاج محمد ديب من المجاهدين الذين شاركوا في طرد المستعمر الفرنسي، وهو أيضاً مِنْ خِيرة المربين، وعاش الشَّيخ مع حياة الزراعة التي تتطلب الجد والعمل، وكذلك نشأ الشيخ على حُب العِلم وكان قارئاً نهماً، ولكم أنهى مجلداً في ليلة واحدة.

درس الشيخ سعيد في حماة وتخرج في ثانوية ابن رشد. وعايش في مطلع شبابه انتشار التيارات المخالفة للدين كالقومية والشيوعية والبعثية التي شاعت في مدينة حماة كما شاعت في بلدات سورية والعالم العربي (في الخمسينات والستينات).

ورغم أنَّ تلك التيارات كانت في أوج انتشارها آنذاك، سلك الشَّيخ بتوفيق من الله تعالى طريق الإسلام الحنيف بعد اطلاع وقراءة، وعن علم وقناعة، قناعة واعية وراسخة بأنَّ الإسلام العظيم هو الملاذ الآمن للبشرية، بما فيه من عقيدة صافية، ومبادئ عالية وقيم وعدالة، ونُظم وتشريعات وأخلاق.

فدخل كلية الشريعة في جامعة دمشق وفيها تخرج عام 1961م. وبعد تخرجه عمل في المدارس الثانوية في السعودية وفي سوريا.

*****

ولتميز الشيخ بكثرة مطالعاته وتنوع موضوعاتها. حاز على قدر عالٍ من الثقافة وكان له في باكورة شبابه اطلاع وافر على معظم المدارس الفكرية الغربية والأدب العالمي، مما كان له الأثر الكير في مؤلفاته بعد ذلك، حيث تميزت بقوة البيان للفكرة الإسلامية وحُسن العرض، وعمق الطرح مع قوة في الرَّد على شبهات المناوئين للحياة الإسلامية في شتى جوانبها السياسية الاجتماعية والفكرية، كل ذلك لم يشغله عن الاهتمام البارز في التربية والسلوك والأخلاق.

أبرز شيوخه الذين تأثر بهم:

شيخ حماة الشيخ المربي محمد الحامد، والشيخ محمد الهاشمي، والشيخ عبد الكريم الرفاعي، والشيخ أحمد المراد، والشيخ محمد علي المراد، والشيخ مصطفى السباعي، والشيخ مصطفى الزرقاء، والشيخ حسن حبنكة الميداني، والشيخ وهبة سليمان الغاوجي، والأستاذ معروف الدواليبي. رحمهم الله تعالى. وتأثر الشيخ كثيرا بشخصية الشيخ حسن البنا رحمه الله وبدعوته.

*****

زواجه:

تأخر زواج الشيخ رحمه الله لانشغاله الفاعل في الدَّعوة والتَّربية. وكان زواجه سنة 1964م، من السَّيدة المُربية خديجة عثمان، ابنة مدينة بانياس، والتي كانت له نِعْمَ الزوجة الأمينة المعينة لزوجها في حِله وتِرحاله ودعوته.

رُزق رحمه الله بأربعة أولاد: هم محمد وأحمد ومعاذ وشقيقتهم فاطمة. وقد جعل الله في أسرة الشيخ البركة، فبات من آل حوى عدد من الحفاظ والقراء والدعاة، وأبناؤه الثلاثة أساتذة جامعيون، تنفيذا لوصية من الشيخ أنْ يتابعوا التَّحصيل العملي المشيخي مع الرَّسمي حتى درجة الدكتوراه، وتحقق ذلك بعد وفاة الشيخ بمتابعة حثيثة وتشجيع من والدتهم كيف لا وهي الأم المربية الداعية الوفية لزوجها [ت: 2014 رحمها الله تعالى].

*****

جهوده الدعوية والسياسية:

وللشيخ مشاركة واضحة في الحياة السياسية والدعوية في سوريا، من أبرزها مشاركته في "بيان الدُّستور" سنة 1973م، البيان الذي دعا فيه نخبة من علماء سوريا للحفاظ على إسلامية سوريا، واعتقل الشيخ على اثر ذلك لخمس سنوات في سجون حافظ الأسد 1973- 1978م. فكان الشيخ في سجنه في نشاط عجيب، لا ينقطع عن العمل الجاد علمياً وثقافياً واستثمر وقته مع اخوانه في الدروس النافعة في شتى الموضوعات. ومع الحصيلة العلمية للشيخ وثقافته الوافرة جعل من فترة السجن فرصة لوضع أبز كتبه (الأساس في التفسير) والذي أتَمَّه بعد ذلك ليَخْرج الكتاب في (11) مجلداً. وذلك فضل الله تعالى.

كان خروج الشيخ سعيد من السجن بفضل من الشيخ حسن حبنكة الميداني الذي كان له دور مهم في الإنكار على استبداد النظام البعثي، ومن غير دراية حينها كان أول شخص يتوجه إليهه الشيخ سعيد عند خروجه من السجن هو شيخه الشيخ حسن حبنكة رحمه الله تعالى.

غادر الشيخ سوريا بعد ذلك، وتابع أعماله العلمية، ونشاطاته الدعوية، وكان له دور فاعل في العمل الدعوي العام في عدد من البلاد الإسلامية من أبرزها العراق والأردن والسعودية، إذ كان له اتصال طيب مع شخصيات دينية ورسمية، ومما لا يعرفه الكثير "وربما لا يتفهمه البعض" لقاءات الشيخ مع فضيلة العلامة ابن باز رحمه الله تعالى، ولأهمية تلك العلاقات الإسلامية كانت تجري بصمت خشية المتربصين والمتعصبين.

كما كان للشيخ أثر بارز من خلال كتاباته الفكرية التي أثرت في جيل الثمانينات في مختلف أقطار العلم الإسلامي، كما عمل الشيخ عضواً في قيادة الإخوان المسلمين لبضع سنوات.

شارك في عدد من المؤتمرات الإسلامية والأعمال الدعوية، وحاضر وخطب في السعودية والكويت والإمارات والعراق والأردن ومصر وقطر والباكستان والويلات المتحدة وألمانيا.

*****

أبرز مؤلفاته:

انطلق الشيخ سعيد حوى في تأليفه للكتب واختيار موضوعاتها من واقع الأمة الإسلامية واحتياجاتها،

وألّف نخو خمسين مجلداً، وتُرجم بعضها إلى لغات أخرى، ومِنْ أكثر كتبه تميزاً وتأثيراً:

- الأساس في التفسير (11 مجلداً).

- سلسلة الأصول الثلاثة. وأبرزها كتاب الرسول صلى الله عليه وسلم.

- الأساس في العقيدة (4 مجلدات). من سلسلة الأساس في السُّنة.

- كتاب جند الله ثقافة وأخلاقاً. من سلسلة رسائل منهجية.

- المُستخلص في تزكية الأنفس.

- رسالة قوانين البيت المسلم.

- الخمينية شذوذ في العقائد شذوذ في المواقف، والتي تعد من أول الكتابات في التنبيه على خطر ثورة الخميني.(1)

*****

معالم في شخصية الشَّيخ ومنهجه العلمي:

- كان الشيخ رحمه الله هيّناً كريماً، بعيداً عن التكلف، لطيفاً بمن حوله من أهله وأبنائه وتلامذته وإخوانه.

- وإذا وجد مخالفة للشرع وآدابه فإنه يتعامل مع ذلك بحزم وحكمة.

- كان الشيخ يقدّر محدثه وزائريه وإخوانه، ويتميز بالتطبيق العملي للحوار والإقناع والتعامل الأخوي مع كل مسلم.

- يُعرف الشيخ باهتمامه بتنظيم الأوقات ويربي إخوانه وأولاده على ذلك.

- كان يحرص ألّا تفوته أبداً أوراده من الأذكار، ويقضيها إذا شُغل عنها.

- اهتم الشيخ سعيد رحمه الله بتربية الفرد المسلم على الصفات الإسلامية الحميدة

- اعتبر أن المسجد هو المحضن التربوي الأول والأبرز في تشكيل وعي المسلم وثقافته.

- ينظر الشيخ رحمه الله إلى الحركات الإسلامية على أنها جزء واحد، وكان يرى أنها جميعاً تدخل في دائرة الإسلام ما دامت تتمسك بأصول الدين ترجع إلى الكتاب والسنة. فكلها تستحق أن يتعاون معها لنصرة دين الله وتحقيق العبودية له.

- كان الشيخ رحمه الله يؤكد أنه لا يمكن أن يقود الأمة الإسلامية إلا علماؤها الصادقون الصالحون المتبحرون في جوانب العلوم الشرعية والمتبصرون بواقعهم، وما لم تكن الأمة حول علمائها الربانيين فإنها تكون في وضع شاذ.

- يرى الشيخ أنَّ التَّخطيط الجيد والعمل وفق الأهداف وسائل ضرورية للدعاة والعلماء.

*****

بعد اصابته بعدد من الأمراض دخل في عزلة اضطرارية حتى وافاه الأجل في الأردن مهاجرا في سبيل الله في 9 أذار/ مارس - 1989م. وقد نعاه عدد كبير من الشخصيات والمؤسسات الإسلامية والرسمية.

رحمه الله تعالى وأجزل له الثوبة وعوض الأمة خيراً وبارك في ذريته.

*****

روابط خارجية:

1- الشيخ سعيد حوى أباً ومربياً. بقلم ولده الدكتور محمد حوى هـــنا

2- الشيخ أحمد حوى يحكي قصة والده في سجون نظام حافظ الأسد.

3- رحلة الشيخ إلى مصر للتوعية من خطر الخمينية مع المحقق العراقي بشار عواد

4- مقطع نادر من محاضرة للشيخ بعنوان لا حضارة إلا مع الإسلام.

1 ما يميز تلك الرسالة أنها بنيت على مشاهدات واقع ثورة الخميني لا على استحضار تاريخ قديم أو خلاف مضى.