التنوير المظلم (6): عدنان إبراهيم

هذا النموذج من التنويريين يختلف عن أغلبهم ولكنه يقترب من محمد حبش.. ذلك أن لديه علماً لا يمكن إنكاره مع سعة اطلاع وهو طلق الكلام عليم اللسان.. ولكنه للأسف وظف هذه المواهب في إضلال المسلمين وتشكيكهم في ثوابت دينهم وقواطع عقيدتهم..

من ذلك ردّه للأحاديث لأنها لا توافق عقله: وهو يدعي أنه ليس قرآنياً أي إنه لا ينكر السنة لكنه يضع شروطاً لقبول الحديث أهمها (موافقتُه للعقل) والعقل الذي يعنيه عقلُه هو.. فما خالف فهمه وعقله من الحديث ردّه بكلّ تعالٍ وغرور وليست صحة السند ولا تصحيح العلماء الثقات الذين ملؤوا الأرض علماً وفهماً شيئاً مهمّاً عنده ما دام ميزانه موجوداً فيمحو ما يشاء ويُثبت ما يريد.. ولا يتورّع في سياق ردّ الأحاديث عن السخرية بعلماء الأمّة والتنقص منهم حتى لقد وصفهم في بعض كلامه (بالهبل) ويقول في سياق حديثه عن الصحيحين: (إنهما مملوءان بالخرافات والأكاذيب) والعجيب أنه يستدلّ في كثير من كلامه بالأحاديث الواهية أو حتّى الموضوعة إذا وافقت هواه.. ولا يتورع في سبيل الطعن على البخاري أن ينسب إلى صحيحه حديثاً ليس فيه إذ أورد الحديث المروي عن ابن عمر أنه رأى رجلاً يخرج من الأرض يلتهب ناراً ورجلان يضربانه.. إلى آخر الرواية.. وأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ذلك أبو جهل وهذا عذابه إلى يوم القيامة.. ثم سخر من صحيح البخاري وأنه يحوي هذه الخرافات.. وهذا الحديث ليس في البخاري أصلاً وقد أخرجه الطبراني في الأوسط وهو حديث منكر..

ومن ذلك طعنُه في الصحابة رضوان الله عليهم بأسلوب شديد الوقاحة: كما فعلَ مثلاً عندما سخر من الصحابي الجليل أبي هريرة وأنه كان همّه بطنه وكان يتردد على النبي صلى الله عليه وسلّم لأجل الطعام حتى ضجر منه النبي فقال له (زُرْ غِباً تزدد حباً) ولا يصحّ هذا القول مطلقاً عنه صلّى الله عليه وسلم بل هو قول يجري مجرى الأمثال والحكم أما افتراؤه على أبي هريرة وأن النبي صلّى الله عليه وسلم ضجر منه فكذب محض... وأيضاً كذبه على الخليفة أبي بكر الصديق رضي الله عنه أنّه خرج مع النبي صلى الله عليه وسلم إلى مرقد شهداء أحد فقال أبو بكر اشهد لنا يا رسول الله، فقال يا أبا بكر: لا أدري ماذا تحدثون بعدي، شهداء أحد ختم لهم بخير، وأنا أشهد لهم، أما أنتم فما زلتم أحياء، لا أدري ما تُحدثون بعدي، هل تكونون على الدرب، (ولّا بِتْغَيّروا وبِتبَدْلوا).. وواضح أن هذه الرواية من أكاذيب الشيعة ولم يروها هذا الكذاب إلا إرضاءً لهم.. ثمّ قال بالحرف الواحد طاعناً في الصحابة رضوان الله عليهم: (فيهم البر والفاجر، والحــقير ولعـين الوالدين، ومنهم من كان يدسُّ يده في طعام النبي صلى الله عليه وسلم ليلمس أيدي نساءه، وهذا كان بحضور النبي صلى الله عليه وسلم وكان النبي لا يعجبه ذلك).. فانظر إلى هذه الوقاحة الفجة في الإساءة إلى الصحابة وأنهم يتعمدون لمس أيدي أمهات المؤمنين على مرأى من النبي صلى الله عليه وسلم ثمّ لا يكون منه إلا أنه (لا يعجبه ذلك).. فليت شعري أهذا طعن في الصحابة أم في النبي نفسه؟.. وقد طعن واستهزأ أيضاً بأمنا عائشة الصديقة بنت الصديق، وفي ذي النورين عثمان، أما معاوية فقد وصفه باللــعين متعمّداً الكذب في الرواية عندما أورد الحديث (ليدخلن عليكم رجل لعين) إذ يقول راويه عبد الله بن عمرو: (فوالله ما زلت وجلاً أتشوف داخلاً وخارجاً حتى دخل فلان) فقال عدنان ضاحكاً: من المعلوم أن فلانا هو معاوية بن أبي سفيان مع أن الراوي للحديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنه قال بعد فلان: (يعني الحكم).. أي: الحكم بن أبي العاص... فانظر إلى هذا الكذب الصريح، والتحريف القبيح، ويرجح أن معاوية مات على غير الإسلام.. ولو أردنا استقصاء كلامه في ذلك لطال الأمر.

أما طامّاته العقدية فكثيرة: منها قوله: إن الله ليس في مقدوره أن يخلق أفضل مما خلق، ويُثني على المبتــدع الضــال (الجعد بن درهم)، ويطعن في شيخ الإسلام ابن تيمية ويصف منهجه بالكارثي وبأنه منهج الخوارج، ويقول: إنه يكفي اليهــودي والنصــراني أن يؤمنا بمحمد صلى الله عليه وسلم ولا يلزمهما اتباعُه، ويقول: لا تظن أن فكرك الإسلامي صحيح، قد يكون الحق بجانب عدوك. ويقول: الله لم يقل نحن المسلمون على حق مطلق، والله قرر أن أهل الكتاب عندهم كثير من الحق ولم يقل هم على باطل، ويقول إنه يمكن إعادة النظر في نصيب الابنة من الميراث لأن هذا كان قديماً حسب الظروف الاقتصادية التي تغيرت الآن، ويقول الأذان مزعج ويُشعر بالإجبار على الصلاة، وأن العلمانية فيها الحل لمشاكل المسلمين، ومن طامّاته أنه في سياق دفاعه عن نظرية التطور المتهافتة يقول إن هناك عيوباً في المخلوقات وهذه العيوب هي بقايا من مسيرتها التطورية ومنها عيوب في تكوين الإنسان مثل العين التي تحتوي على أخطاء في تركيبها، لأن الأمر – كما يقول - يشبه السمكرة والترقيع بدون تصميم واعٍ، في كلام ممجوج يحاول فيه أن يتعالم فإذا به يهرف بما لا يعرف.. ثم يقول إن داروين من الذين لا خوف عليهم ولا هم يحزنون أي من أهل الجنة (قارن هذا بقوله عن معاوية)

ومع تبجحه بأنه لا يتبع إلا العقل في نقد الأحاديث وكلام العلماء، نجده يتحدث عن كراماته إذ أضاع صديق له ورقة مهمة فإذا بالإلهام يهبط على عدنان بأن الورقة موجودة في الجزء الثاني من مختصر تفسير ابن كثير، وأنه ضغط على زر كهرباء لا يتصل بأي سلك فأضاء المصباح.. وأنّ أحد الملائكة حرَّك يده على السبورة، فكتب الإجابة الصحيحة على مسألة في الرياضيات مع أنَّه كان لا يعرفها، وذلك حينما كان طالباً في المرحلة الثانوية.. وغير ذلك من هذه الخرافات..

هذه جولة سريعة فيها مقتطفات من كلام الرجل في مقاطعه على اليوتيوب يستطيع من شاء أن يسمعها.. ولكنني جمعتها ليكون المغترون به على بينة منه.. وما تركت أكثر بكثير ممّا أثبتّ كي لا أطيل على القارئ..

اللهم أرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابَه.

جميع المواد المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين