البشريات العشر الأولى للتائبين

 

1-يُعد التائب من خير الناس

في صحيح الجامع "عَنْ أَنَسٍ - رضي الله عنه - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم -: «كُلُّ بَنِي آدَمَ خَطَّاءٌ، وَخَيْرُ الْخَطَّائِينَ التَّوَّابُونَ» "[1]

 

2-يحبه الله

يصير الإنسان تام التوبة متطهراً من النقيصة، محبوباً لرب العزة، كما قال تعالى: {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ}[2]

 

3-يقبل الله توبته

من أسماء الله الحسني : {إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ} أي : الْقَابِلُ التَّوْبَةِ

قال تعالي : أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ هُوَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَأْخُذُ الصَّدَقَاتِ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ"[3]

 

"وَهُوَ الَّذِي يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَعْفُو عَنِ السَّيِّئَاتِ وَيَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ"[4]

 

"لَقَدْ تَابَ اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي سَاعَةِ الْعُسْرَةِ مِنْ بَعْدِ مَا كَادَ يَزِيغُ قُلُوبُ فَرِيقٍ مِنْهُمْ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ إِنَّهُ بِهِمْ رَءُوفٌ رَحِيمٌ"[5]

 

قِيلَ: ذَكَرَ الله تعالي التَّوْبَةَ فِي أَوَّلِ الْآيَةِ قَبْلَ ذِكْرِ الذَّنْبِ، وَهُوَ مَحْضُ الْفَضْلِ مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، فَلَمَّا ذَكَرَ الذَّنْبَ أَعَادَ ذِكْرَ التَّوْبَةِ، وَالْمُرَادُ مِنْهُ قَبُولُهَا[6].

 

فالتَّوْبَةُ مَعْرُوضَةٌ مَا دَامَ الرُّوحُ فِي الْجَسَدِ

 

4-يعد التائب من الأطهار  الأنقياء

في تفسير الراغب الأصفهاني

قال تعالى : {إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ} تنبيها أن من كان منه شيء من ذلك، فحق عليه أن يتوب ويتطهر من بعد، والتطهر عام في استعمال الماء، وتطهر القلوب من الذنوب والتوبة اجتناب الذنب والتطهر عمل الصالحات، وجعل التوبة مقدمة على التطهير تنبيهاً أن اجتناب القاذورات مدرجة إلى فعل الخيرات، وعظم أمر المتطهرين حيث جعلهم محبوبيه،[7]

 

وورد في السنة تسمية المعاصي بالقاذورات

في صحيح الجامع عن ابن عمر رضي الله عنهم "اجْتَنِبُوا هَذِهِ الْقَاذُورَةَ الَّتِي نَهَى اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا، فَمَنْ أَلَمَّ بِشَيْءٍ مِنْهَا، فَلْيَسْتَتِرْ فَلْيَسْتَتِرْ بِسَتْرِ الله ولْيَتُبْ إِلَى الله فإِنَّهُ مَنْ يُبْدِ لنا صَفْحَتَهُ نُقِمْ عَلَيْهِ كِتَابَ الله"[8] في صحيح الترغيب عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه عن النبيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: "التائِبُ مِنَ الذنْبِ كمَنْ لا ذنْبَ لَهُ"[9].

 

5-زوال الجهل وغشاوته

في تفسير البغوي ، عند تفسير قَوْلُهُ تَعَالَى{إِنَّمَا التَّوْبَةُ عَلَى اللَّهِ لِلَّذِينَ يَعْمَلُونَ السُّوءَ بِجَهَالَةٍ ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ فَأُولَئِكَ يَتُوبُ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا"[10]

 

 قَالَ قَتَادَةُ: أَجْمَعَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى أَنَّ كُلَّ مَا عُصِيَ بِهِ اللَّهُ فَهُوَ جَهَالَةٌ عَمْدًا كَانَ أَوْ لَمْ يَكُنْ، وَكُلَّ مَنْ عَصَى اللَّهَ فَهُوَ جَاهِلٌ.، قَالَ الْكَلْبِيُّ: لَمْ يَجْهَلْ أنه ذنب لَكِنَّهُ جَهِلَ عُقُوبَتَهُ، وَقِيلَ: مَعْنَى الْجَهَالَةِ: اخْتِيَارُهُمُ اللَّذَّةَ الْفَانِيَةَ عَلَى اللَّذَّةِ الْبَاقِيَةِ[11].

 

6-التوبة اعتذار مشروع ومحبوب إلى الله

التوبة: ترك الذنب على أحد الوجوه، وهو ضرب من الاعتذار فإن الاعتذار على ثلاثة أوجه: إما أن يقول المعتذر: لم أفعل كذا، ويقول: فعلت لأجل كذا، أو يقول: فعلت وأسأت وقد أقلعت، ولا رابع لذلك وهذا الأخير هو التوبة، فإذًا: التوبة ضرب من الاعتذار. وهو أمر يحبه الله تعالي

 

في صحيح مسلم : عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ مَسْعُودٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَيْسَ أَحَدٌ أَحَبَّ إِلَيْهِ الْمَدْحُ مِنَ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ، مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ مَدَحَ نَفْسَهُ، وَلَيْسَ أَحَدٌ أَغْيَرَ مِنَ اللهِ، مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ حَرَّمَ الْفَوَاحِشَ، وَلَيْسَ أَحَدٌ أَحَبَّ إِلَيْهِ الْعُذْرُ مِنَ اللهِ، مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ أَنْزَلَ الْكِتَابَ وَأَرْسَلَ الرُّسُلَ»[12]

 

وليس أحد أحب إليه العذر من الله) قال القاضي يحتمل أن المراد الاعتذار أي اعتذار العباد إليه من تقصيرهم وتوبتهم من معاصيهم فيغفر لهم كما قال تعالى وهو الذي يقبل التوبة عن عباده]

 

7-يتوب الله عليه

" فَمَنْ تَابَ مِنْ بَعْدِ ظُلْمِهِ وَأَصْلَحَ فَإِنَّ اللَّهَ يَتُوبُ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ"[13]

 

في الصحيحين عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:إِنَّ العَبْدَ إِذَا اعْتَرَفَ بِذَنْبِهِ، ثُمَّ تَابَ تَابَ اللَّهُ عَلَيْهِ"[14]

 

وفي صحيح الترغيب : عن أبي هريرة رضي الله عنه؛ أنَّ رسولَ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قال: "لوْ أخْطَأْتُمْ حتَّى تبلُغَ السماءَ، ثُمَّ تُبْتُمْ؛ لَتابَ الله عليْكُمْ"[15].

 

8-إزالة صدأ  الذنوب وجلاء القلب من "الران"

في صحيح الترغيب عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسولُ الله - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -:"إنَّ المؤمِنَ إذا أذْنَبَ ذَنْباً كانَتْ نُكْتَةٌ سَوْداءُ في قلْبِهِ، فإنْ تابَ ونَزَع واسْتَغْفر صُقِلَ مِنْها، وإنْ زاد زادَتْ حتى يُغَلَّفَ قلْبُه، فذلك الرَّانُ الَّذي ذكرَ الله في كتابِه: {كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ} ".[16]

 

9-التوبة أحسن لصاحبها من جبل " الصفا ذهبا"

في صحيح الترغيب  عن ابن عباسٍ رضي الله عنهما قال: قالتْ قريشٌ لِلنَّبيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: ادْعُ لنا ربَّك يَجْعَلْ لنا الصَّفا ذَهَباً، فإنْ أصْبحَ ذَهباً اتَّبَعْناك، فدعَا ربَّه، فأتاهُ جبريلُ عليه السلامُ فقال: إنّ ربَّك يُقْرِئُكَ السلامَ ويقولُ لَك: إنْ شئْت أصْبَح لهُم الصَّفا ذَهباً، فَمْن كَفَر منهم عَذَّبْتُه عَذاباً لا أعَذِّبُه أحَداً مِنَ العَالَمينَ، وإنْ شئْتَ فَتَحْتُ لهم بابَ التوْبَةِ والرحْمَةِ، قال: "بَلْ بابَ التوْبَةِ والرحْمَةِ"[17].

 

10-تتبدل السيئات حسنات

" مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا"[18].

 

في صحيح الترغيب عن أبي طويل شطب الممدود؛ أنَّه أتى النبيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فقال: "أرأيتَ مَنْ عمِلَ الذنوبَ كلَّها ولَمْ يتْرُكْ منها شيْئاً وهو في ذلك لَمْ يَتْرُكْ حاجَّةً ولا داجّةً { لم يترك صغيرة ولا كبيرة }  إلا أتاها، فَهلْ لذلِكَ مِنْ تَوْبَةٍ؟ قال: "فهلْ أسْلَمْتَ؟ ". قال: أمَّا أنا فأشْهَدُ أنْ لا إله إلا الله، وأنَّك رسولُ الله. قال: "تَفْعَلُ الخَيْراتِ، وتَتْرُكُ السَّيِّئَاتِ؛ فَيَجْعَلُهُنَّ الله لَك خَيْراتٍ كلَّهُنَّ". قال: وغَدَراتي وفَجَراتي؟ قال: "نعم". قال: الله أكبَرُ، فما زالَ يُكَبِّرُ حتَّى تَوارى[19].

 

[1] رواه الترمذي وابن ماجة والدارمي، وهو حديث حسن كما قال العلامة الألباني في صحيح سنن ابن ماجة 2/418. حديث رقم: 4515 في صحيح الجامع

[2] البقرة :222

[3] التوبة. (104)

[4] الشورى(25)

[5] التوبة: (117)

[6] تفسير البغوي - طيبة (4/ 105)

[7] تفسير الراغب الأصفهاني (1/ 458)

[8] [حكم الألباني] (صحيح) انظر حديث رقم: 149 في صحيح الجامع

[9] رواه ابن ماجه والطبراني؛ كلاهما من رواية أبي عبيدة بن عبد الله بن مسعود عن أبيه، ولم يسمع منه. ورواة الطبراني رواة "الصحيح". صحيح الترغيب والترهيب (3/ 219) 3145 - (11) [حسن لغيره]

[10] النساء : 17

[11] تفسير البغوي - طيبة (2/ 184)

[12] صحيح مسلم (4/ 2113) 49 - كتاب التَّوْبَةِ 6 - بَابُ غَيْرَةِ اللهِ تَعَالَى وَتَحْرِيمِ الْفَوَاحِشِ

[13] المائدة: 39

[14] صحيح البخاري (5/ 71) 64 - كِتَابُ المَغَازِي أخرجه مسلم في التوبة باب في حديث الافك وقبول الله توبة القاذف

[15] صحيح الترغيب والترهيب (3/ 216) 3138 - (4) [حسن صحيح]

[16] صحيح الترغيب والترهيب (3/ 217) 3141

[17] صحيح الترغيب والترهيب (3/ 218) رواه الطبراني (1)، ورواته رواة "الصحيح".3142

[18] الفرقان(70)

[19] صحيح الترغيب والترهيب (3/ 228) 3164 - (30) [صحيح]

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين