أسامة فاضل الخراط
..... من ينكر أن هناك دورا كبيرا للطبقة الاقتصادية السورية من تجار وصناعيين في إخراج سورية من أزمتها فهو ينكر الواقع وحقائق الأمور ... ولكن هذا الدور مفقود حتى الآن وحتى لا يكون هناك تفسير غير صحيح للخرج من الأزمة نقول جازمين .... إن هناك طريقا واحدا فقط للخروج من الأزمة وهو رحيل بشار الأسد من الحكم واجراء انتخابات لاختيار قيادة جديدة للبلد ...
ونقلت لكم مرفقا مع هذه المقالة عددا من المقالات والتعليقات تبين لكم دور الاقتصاد السوري وشخصياته في هذه الثورة السورية من خلال طروحات ومبادرات وأفكار مطروحة للنقاش اليوم ... وستجدون فيها محاولة البعض فصل السياسة عن الاقتصاد في سورية وهذا برأيي اعتقاد خاطئ تماما ... ولشرح ذلك لا بد من طرح بعض الأسئلة.. وأول سؤال هو كيف حكم سورية بشار الأسد وهو الشخصية النكرة والغر ابن الأربع وثلاثين عاما عندما استلم الحكم ؟؟؟
وهنا نقول أنه لا يوجد شك أنه لولا آل مخلوف وكلاء بشار الأسد وعائلته وذراعه الاقتصادية لما كان له كبير أمل في توطيد حكمه فقد قاموا بألاعيب خبيثة من أهمها احتكار كبرى الوكالات التجارية والسيطرة على حركة التجارة عبر الموانئ والحدود وفي استثئارهم بعقود النفط والغاز والاتصالات وغيرها وأخيرا توريط كبار تجار حلب ودمشق في شراكات كبرى حتى يضمن ولاءهم ويبتزهم من خلال ذلك ... ونتج عن ذلك كله أننا ما زلنا نعاني حتى اليوم وحتى بعد سنتين من بداية الثورة من خلفيات هذا الموضوع ... أولا من خلال تمويل شركات بشار الأسد وشركائه لعمل الشبيحة الذين لهم دور كبير في قمع الثورة وثانيا من خلال احجام كثير من الطبقة التجارية والصناعية السورية عن المشاركة في الثورة بفاعلية من خلال الانشقاق عن النظام وإيجاد غرفة تجارة وصناعة بديلة عن التي يسيطر عليها بشار الأسد وشركاؤه من تجار البلد ..
ومع أنه بذلت جهود كبيرة في اقناع تجار سورية للمشاركة في الثورة فعليا وقد شاركت شخصيا في لقاءات جرت لحث التجار والصناعيين على إطلاق غرفة تجارة وصناعة حرة والمساهمة في الثورة بقوة وبصدر مكشوف كما يفعل الثوار على الأرض ... ولكني وجدت إحجاما كبيرا لأسباب مختلفة ومن أهمها خوفهم من انتقام النظام وخسارة كل ما تم بناؤه في السابق في مشاريعهم وتجارتهم .. ونحن لا نبرر لهم هذا الاحجام فهم ليسوا أفضل من الشعب السوري الذي خسر كل شيء في سبيل نيل حريته ... ولكننا بنفس الوقت نعرف قسوة هذا النظام وإجرامه والحد الذي يمكن أن يصل به للإنتقام ووصلتنا شهادات عن بعض التجار ممن دعم الثورة فقام النظام بالانتقام منه بشدة وتدمير كل مصانعه أو سرقتها أو تسليط بعض المجرمين لإرهابه ... ولكننا هنا نوجه رسالة شكر لعدد مهم من التجار والصناعيين السوريين ممن كان لهم دور كبير من وراء الكواليس في دعم الثورة ... وسورية لن تنسى معروفهم ومساهماتهم ... والتاريخ يكتب
أما الوجه الآخر من استغلال بشار الأسد للاقتصاد في تركيع الشعب السوري هو قيامه بتوظيف عدد مهم من النخبة السورية التي تتمتع بقدرات إدارية وعلمية (تحتاجها الثورة بشدة) في شركاته وشركات الموالين له من آل مخلوف والأسد وغيرهم ... وبذلك قام بشراء سكوتهم من خلال تهديدهم بقطع رواتبهم الكبيرة لو اكتشف أدنى مشاركة ولو بسيطة لهم في الثورة ... ومرة أخرى نجد بوضوح تأثير الاقتصاد على السياسية وتسخيرها للسيطرة على السلطة .. وكل هذه الأسباب الاقتصادية أدت لإحجام كثير من النخب على الانخراط في الثورة رغم قناعتهم بإجرام هذا النظام وفساده ....
ولكن الله أكبر منهم ومن مكرهم ... ونرى بوضوح أن تدبيرهم أتى فيه تدميرهم .. وما فعله بشار الأسد من تخريب للاقتصاد وتوسيع الهوة بين الطبقات الاجتماعية من خلال سياسات اقتصادية خاطئة وقصيرة النظر أدت كلها لانقلاب المجتمع السوري عليه ..
ومن أهم مظاهر الانقلاب هو مشاركة أبناء الريف الأحرار في الثورة بفاعلية كبيرة فعندما انتهج بشار الأسد سياسات اقتصادية أدت لضرب الريف السوري وهمشه وجوع أولاده ودمر الزراعة وما يتبعها من أعمال ومهن وذلك من خلال سياسات اقتصادية خاطئة وطبعا كيف يدير البلد بفاعليه وهو قد وضع أول أولوياته اثراء شركاته وشركات مجموعة من المنتفيعن حوله ... وأدى ذلك مع أسباب أخرى مهمة ليكون هذا الريف المظلوم هو الخزان الأساسي للثورة وأولاده هم من ساهموا مع الشرفاء في كل المدن السورية في إيقاد الثورة بمظاهرات مليونية ثبتت الثورة في كل أركان سورية .. ودمرت الوهم والخوف الذي صنعه قمع حافظ الأسد .. وأعطت الأمل للكل أنه يوجد إمكانية للتغيير بثورة تضم كل أفراد الشعب السوري وفئاته وبعد التجربة المرية في التخلص من حكم آل الأسد في الثمانينات وتداعياتها والتي من أبرز وجوهها كم الرعب الذي زرعته في المجتمع ... وأصبح هناك حاجز كبير أمام كل من يريد تغيير النظام لانتشال سورية من النهب والتدمير الذي أصابها .. ان ارتباط الاقتصاد بالسياسة أمر أساسي في سورية فالاقتصاد سخره حافظ الأسد ومن بعده بشار الأسد لتوطيد حكمهم ... فأحيانا من خلال تجويع الشعب السوري وأحيانا من خلال شراء ذمم بعض تجاره وتوريطهم في فساده .. ونحن هنا لا نتحدث عن الأسباب الأخرى مثل الظلم ومنع الناس من المشاركة الناس في الحكم وتزوير الانتخابات ... ومحاربة الإسلام والتدين بكافة أشكاله وصوره الحقيقة الوسطية ... أو استخدام المشايخ والقساوسة لصالح تشريع حكمه وتجهيل الناس بحقيقة الظلم الحاصل ... فكل هذه الأسباب أدت لوجود آل الأسد سنوات أربعين في حكم سورية ... وإلا فهم كأشخاص لا يملكون أي مقومات أو مهارات أو خطط اقتصادية تفيد سورية أو تجعلها بلدا قويا ومتميزا اقتصاديا واجتماعيا ... بل كان كل همهم توطيد حكمهم وزيادة أرصدتهم في بنوك العالم والسيطرة على مفاصل الاقتصاد السوري لتركيع الناس وإلهائهم في تحصيل لقمة العيش، ولكن هذا الزمان قد ولى اليوم وحرية الشعب السوري قادمة ... ولا خوف على سورية فهي تملك كل مقومات الاقتصاد الصلب والمتماسك وتملك ثروات هائلة لم يتم استثمارها ... وأملنا في سورية الحرة وسورية المستقبل كبير جدا وخصوصا لو عملنا منذ اليوم على ترسيخ مبدأ وجود محاسبة وشفافية في الحكم وإدارة الدولة ... مهما كان الفصيل الذي يحكم ومهما كانت أيدلوجيته ... وهنا أقترح إيجاد هيئة مستقلة لمحاربة الفساد المالي تكون منبثقة عن انتخابات وفيها شخصيات يرتضيها الشعب السوري ومستقلة تماما ماليا وإداريا عن أي طرف سياسي حتى لا يتم استغلالها للتستر على أي فساد أو تعاقدات ظالمة مع أي شركة أو دولة تريد الاستثمار في سورية الحرة .. وموضوع مقالتي القادمة ان شاء الله هو كشف الحقائق المغيبة عن حقيقة لا يعلمها الكل وهو أن سورية هي من أغنى دول المنطقة وسأبين الموارد الهائلة التي تمتلكها والمثبتة بالحقائق والأرقام وهي لم تستثمر حتى الآن لأسباب مختلفة سأتطرق إليها ان شاء الله ... وهذه الموارد الهائلة لو تم استغلالها بحكمة وبإخلاص فستكون سورية خلال فترة قصيرة جنة من جنان العالم ... وهذا ما سيكون بإذن الله على أيدي أبناءها الأحرار .. والنصر قادم والخير قادم ... والله معنا .
جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين
التعليقات
يرجى تسجيل الدخول