الإعلام في القرآن وموقفه من شائعات السوء

التعريف بالبحث:

الإعلام الإسلامي يفوق على ما يعرف اليوم بالإعلام الدولي المعاصر الذي يعاني من الاحتكاك والصراع الدولي وربما أدى هذا الصراع إلى الحرب والدمار، ويغلب عليها طابع الحرب النفسية وتحطيم الروح المعنوية لدى الشعوب الأخرى، على نحو ما يعرف اليوم من دلالات المصطلحات التي شاعت في عصرنا ـ وإن كان بعضها قد زال أو بدأ في الزوال ـ كالحرب الباردة والحرب الأيديولوجية وحرب الأعصاب والحرب السياسية وحرب القوة الفكرية وغير ذلك، أما الإعلام الإسلامي فقد أرسى قواعده على أساس الخير الشامل، وأكد على الاتصال والتفاهم بين الأمم والشعوب، فقال الله تعالى:﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّـهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّـهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ﴾.

فالإعلام الإسلامي أشمل من الإعلام الدولي بالمصطلح الاتصالي الحديث؛ لأنه يؤكد أن الإنسانية كلها أمة واحدة فقال تعالى: ﴿كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ وَأَنزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُواْ فِيهِ وَمَا اخْتَلَفَ فِيهِ إِلاَّ الَّذِينَ أُوتُوهُ مِن بَعْدِ مَا جَاءتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ فَهَدَى اللّهُ الَّذِينَ آمَنُواْ لِمَا اخْتَلَفُواْ فِيهِ مِنَ الْحَقِّ بِإِذْنِهِ وَاللّهُ يَهْدِي مَن يَشَاء إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ﴾.

من هنا نعلم أن الإعلام الإسلامي يقوم على أساس من صلة الرحم بين بني الإنسان، وعلى أساس من التعارف والمودة والمساواة والعدالة وإقرار السلام لا العداوة والبغضاء، على نحو ما نعرفه عن الغارة الإنجليزية على (برلين) أثناء إلقاء الوزير (جورنج) خطاباً له من الإذاعة، إذ كانت أصوات القنابل الإنجليزية وهي تنفجر في سماء (برلين) تكذب ما كان يزعمه (جورنج) من أن سماء برلين لا يمكن أن تقهر، فالإعلام الدولي المعاصر مفهوم متدهور للإعلام، لا يرمي إلى الإقناع بقدر ما يرمي إلى انتهاك حقوق الإنسان، فأصبح الإعلام الدولي يجعل الإنسان يعيش في فراغ وضياع، وبذلك يتجاوز الإعلام الإسلامي الإعلام الدولي المعاصر إلى الإعلام الإنساني الشامل، لأنه ينهل من الأخلاق المثلى التي وضعها الإسلام لتحقيق الخير المحض في كل زمان ومكان، وإن اختلف الناس أجناساً وقبائل، فقال الله تعالى: ﴿وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّلْعَالِمِينَ﴾.

تحميل الملف