الإعلام عمن تولى إفتاء حلب من الأعلام (7)

المفتون في القرن السابع الهجري

10 ـ الصاحب كمال الدين ابن العديم

588-660 هـ. 1162-1261 م.

عمر بن أحمد بن هبة الله بن أبي جرادة [1]، كمال الدين العقيلي، الحلبي المعروف بالصاحب ابن العديم.

ولد في حلب، وسمع من أبيه وعمه أبي غانم، وابن طبرزد والافتخار الهاشمي والكندي والخرساني، كما تفقه على جماعة من علماء حلب ودمشق والقدس والحجاز والعراق.

محدّث فاضل، وحافظ ثبت، ومؤرخ صادق، وفقيه متقن، ومنشئ بليغ، وشاعر مجيد، انتهت إليه في الفقه رئاسة أصحاب أبي حنيفة النعمان.

درّس وأفتى، وصنّف وترسّل، وارتفع شانه، وناب عن الملك الناصر، في سلطنة دمشق، وأتقن فن الخط حتى صار مضرب المثل فيه.

قال عنه الذهبي [2]: (وكان عديم النظر فضلاً ونبلاً وذكاءً ورأياً ودهاءً ومنظراً ورواءً وجلالة ومهابه، وكان محدثاً حافظاً، ومؤرخاً صادقاً، وفقيهاً ومنشئاً بليغاً... وبحسن حظه يضرب المثل، من ذلك ما أنشد فيه ابن القيسراني [3].

بخط معذبي آيات حسن=ونسخة حسنه قُرِنَتْ فصحت

فقل ما شئت فيه ولا تحاشي=وها خط الكمال على الحواشي

وقد حفظ الله لنا خطه البديع، بما هو مكتوب على أطراف محراب المدرسة الحلوية - تاريخ تجديد المحراب - وفي داخل المحراب في الأعلى، كتبت آية الكرسي بالخط الكوفي المزهر البديع.

وأنا أدعو كل من يريد الاطلاع على مدى ما وصل إليه أجدادنا في فن النجارة، وصنعة الخط والكتابة أن يزور هذه المدرسة؛ ليرى مستوى الرقي والازدهار في هذا الفن الجميل.

ترك الصاحب كمال الدين ابن العديم عدداً من المؤلفات في مختلف العلوم ومن أهمها:

1- بغية الطلب في تاريخ حلب [4].

2- زبدة الحلب في تاريخ حلب، استخلصه من كتابه الكبير (بغية الطلب)[5]

3- ضوء الصباح في الحث على السماح [6].

4- الإنصاف والتحري في دفع الظلم والتحري عن أبي العلاء المعري [7].

5- تبريد حرارة الأكباد على فقد الأولاد [8].

6- الدراري في ذكر الذراري، أو تذكرة الآباء وتسلية الأبناء[9].

7- الأخبار المستفادة في ذكر بني أبي جراده [10].

8- الوصلة إلى الحبيب في وصف الطيبات والطيب[11]

9- كتاب في الخط وعلومه ووصف آدابه وأقلامه وطروسه، وما جاء فيه من الحديث والحكم [12].

10- الإشعار بما للملوك من النوادر والأشعار

11- تذكرة ابن العديم[13]

12- وله أشعار لطيفة ساق بعضها معظم من ترجم له

كما بنى مدرسة سميت بـ (العديمية) خارج باب النيرب.

توفي ابن العديم في العشرين من جمادي الأولي سنة: ستين وست مائة بمصر، ودفن بسفح المقطم [14].

خط ابن العديم على أطراف محراب المدرسة الحلوية

11 ـ عبد الرحمن ابن العديم

614 – 677 هـ 1217 – 1278 م

أبو المجد، مجد الدين، عبد الرحمن بن عمر بن أحمد ابن هبة الله، وَلَدُ الصاحب كمال الدين المتقدم.

ولد بحلب، وتفقه بعلمائها، وسمع بمكة ومصر والإسكندرية ودمشق، وانتهت إليه رئاسة الحنفية في وقته، ودرس وأفتى في حلب ودمشق والقاهرة.

قال عنه شيخ الإسلام الحافظ الذهبي: (كان إماماً مفتياً، مدرّساً عالماً، صدراً معظماً، ذا دين وتعبُّد، وسيرة حميدة وأوراد...).

وهو أول حنفي ولي خطابة جامع الحاكم، ودرس بظاهرية القاهرة، وسمع منه ابن الظاهري، والدمياطي، وشرف الدين الصيرفي، وقطب الدين القسطلاني، وغيرهم وأجاز للحافظ الذهبي.

توفي بحلب في السادس عشر من شهر ربيع الآخر: سنة سبع وسبعين وستمائة ودفن بتربة قبالة جوسق ابن العديم [15].

وله شعر حسن ذكره الصلاح الصفدي في تاريخه، ونقل بعضه الشيخ الطباخ في إعلامه [16].

 

[1] تقدم ذكر بقية النسب في ترجمة أخيه محمد السابقة.

[2] محمد بن أحمد الذهبي: حافظ مؤرخ، وعلّامة محقّق، مولده ووفاته بدمشق، له كثير من المؤلفات في التاريخ والأدب والحديث وغيرها، من أهمها: سير أعلام النبلاء، وتاريخ الإسلام الكبير، ودول الإسلام، توفي سنة (748 هـ / 1348م). يُنْظر: الأعلام، الزركلي، 5/226.

[3] محمد بن نصر المخزومي الخالدي، شاعر مجيد، أصله من حلب ومولده بـ (عكا)، ووفاته بدمشق، تولى إدارة خزانة الكتب في حلب، توفي سنة 548 هـ، 1153م. يُنْظر: الأعلام، الزركلي، 7/125.

[4] طبع في دمشق في 1 مجلد سنة 1408-1988 بتحقيق د.سهيل زكار.

[5] مطبوع بتحقيق خليل المنصور نشر دار الكتب العلمية، بيروت.

[6] ذكره ياقوت الحموي وقال إنه ألفه للملك الأشرف. إعلام النبلاء 4/448.

[7] أثبت الشيخ راغب الطباخ في كتابه إعلام النبلاء 4/79 ما وجده من هذا الكتاب فجاء قريباً من سبعين صفحة، كما طبع في مصر ضمن كتاب تعريف القدماء بأبي العلاء عام 1944م

[8] ذكره تلميذه الحافظ الدمياطي زيادة على ما ذكر له ياقوت الحموي من المؤلفات. أ.هـ إعلام النبلاء 4/454.

[9] مطبوع في مطبعة الجوانب في الأستانة. إعلام النبلاء 4/447. واعادت طباعته دار السلام للطباعة والنشر بتحقيق علاء عبد الوهاب محمد

[10] كتبه لياقوت الحموي في نحو أسرع بناء على طلبه وهو في عشرة كراريس. إعلام النبلاء 4/448.

[11] مطبوع بتحقيق سليمى المحجوب ودرية الخطيب وهو من منشورات جامعة حلب

[12] ذكره ياقوت وقال إنه إلى وقتي لم يتم أ.هـ إعلام النبلاء 4/448.

[13] صدر عن دار الكتب الوطنية في هيئة أبو ظبي للثقافة والتراث بتحقيق الأستاذ إبراهيم صالح.

[14] معجم الأدباء 16/5، 57 وذيل مرآة الزمان 2:177، والبداية والنهاية 13/236، والجواهر المضية 7/208، وشذرات الذهب 5/303، وكشف الظنون 1/30، 249، 373، 291، 729، والفوائد اليهيه 147، 148، وهدية العارفين 1/787، وإعلام النبلاء، 4/444 إلى 472، والأعلام، 5/40.

[15] الجوسق: القصر.

[16] دول الإسلام 2/179، وتاريخ ابن الوردي 2/226، والعبر 5/315، والجواهر المضية 2/368 ترجمة رقم 779، والطبقات السنية ترجمة رقم 1178، وشذرات الذهب 5/358، وإعلام النبلاء 4/476.