الإعلام عمن تولى إفتاء حلب من الأعلام (25)

المفتون في القرن الثاني عشر الهجري

71- إبراهيم بن محمد البخشي

-1136هـ -1723م

إبراهيم بن محمد بن محمد ... بن أحمد البخشي الخلوتي البكفالوني الحلبي الشافعي.

عالم عابد، وفاضل ناسك، وفقيه، ومحدّث، تلقى العلم على علماء بلده، وحجّ وأخذ العلم عن علماء الحجاز، ثم ارتحل إلى حلب ودمشق، وأخذ عن علمائهما، ثم أقام بحلب وتصدر للتدريس في المدرسة المقدمية وانتفع به خلق كثير.

وعمل بكتابة وقائع الفتوى، وانتهت إليه رياسة فقهاء المذهبين الشافعية والحنفية، وأقامه المفتي أبو السعود الكواكبي أميناً للفتوى مع الشيخ عبد اللطيف الزوائدي، ترك الشيخ المترجم ثلاث مجلدات في الفتاوى الحنفية [17]، كما ترك في الفقه الشافعي تحريرات مفيدة، وتوفي سنة: ست وثلاثين ومائة ألف للهجرة النبوية الشريفة[18].

72- أبو السعود الكواكبي

1090-1137هـ

1679-1724م

أبو السعود بن أحمد بن محمد بن حسن بن أحمد الكواكبي، الحنفي الحلبي.

عالم محقق، وعلامة مفرد، في الفقه والتفسير والعربية، وزاهد عابد، كل ذلك مع الحلم والوقار والخلق والصلاح والتقوى.

ولد في حلب، وأخذ العلم عن فحول علمائها، وعلى رأسهم والده العلامة أحمد بن محمد الكواكبي، والشيخ عبد الرحمن العاري والشيخ أحمد الشرباتي وغيرهم.

تولى الإفتاء بعد وفاة والده الشيخ أحمد، سنة: 1125هـ، واستمر مفتياً إلى أن وافته المنية، وتصدّر للتدريس في المدرسة الخسروية المشروطة لمفتي حلب، وعمل على تأليف بعض الكتب والرسائل، ونظم الشعر، لكن المنية عاجلته قبل إتمام تأليفه.

ولعل أهم مؤلفاته (مجموعة فتاويه)[19] التي جمعها أثناء توليه الإفتاء، وله (رسالة في آداب البحث) و(رسالة الوضع) [20] وشرح هاتين الرسالتين، وكانت وفاته في ثاني رجب، سنة: سبع وثلاثين ومائة وألف للهجرة النبوية الشريفة [21].

73- يوسف بن حسين الحسيني (النقيب)

1073-1153هـ

1662-1740م

السيد الشريف يوسف بن حسين بن إدريسي الحسيني الحنفي الدمشقي، نزيل حلب.

سيد فقيه، وأديب فاضل، ومحدث ثبت، ومفسر عمدة، وشاعر مجيد.

ولد بدمشق، وأخذ عن علمائها الأفاضل كالشهاب أحمد الصفدي، والشيخ عبد القادر العمري، والشيخ عبد الغني النابلسي وغيرهم، ورحل إلى الروم وحلب وأخذ عن علمائهما.

ونبغ ودرّس وحدّث ونظم الشعر، وصار له شهرة في حلب وجاء عريض، ثم تولى نقابة الأشراف فيها، كما تولى إفتاء الحنفية في حلب الشهباء والتدريس في المدرسة الخسروية والأسدية وفي الحجازية في الجامع الأموي الكبير.

ومع هذا فقد بقي على خُلُقِه العالي؛ في التواضع، وسعة الصدر، وكثرة الحلم، ولطف المذاكرة والمسامرة، والتقوى والعبادة والزهد، وقد أخذ عنه خلق كثير من طلاب العلم.

وقد ألف (ثبتاً جامعاً لشيوخه وإجازاته)[22]، كما ترك مجموعة من الأشعار اللطيفة العذبة [23]، نذكر منها في وصف زهر الجلنار في إحدى الرياض الجميلة بحلب:

باكر لروضةِ أُنس=من حولها الماء يجري

والجلنار تبدَّى=على معاصم خضر

كأكؤس من عقيق=فيها قراضة تبر

وقوله في وصف فوارة:

لله ما أبصرت فوارة=أعيذها من نظرة صائبة

كأنها في الروض لما جرت=سبيكة من فضة ذائبة

وقوله من قصيدة نبوية، مطلعها:

جاء فصل الربيع والصيف داني=حيث بتنا من الجفا في أمانِ

ثم يقول:

يا شفيع الأنام كن لي شفيعاً=يوم نصب الصراط والميزان

إنني أشتكي إليك ذنوباً=مثقلات وحملها قد دهاني

من لمثلي عاصٍ كثير الخطايا=زاده الفقر، عاجزاً متوانِ

فعليك الصلاة في كل وقت=مع سلام يفوق عرف الجنان

وغيرها.

توفي بحلب، ليلة الأحد، الثامن والعشرين من شهر جمادى الآخرة، سنة: ثلاث وخمسين ومائة وألف للهجرة النبوية الشريفة، ورثاه الشيخ عبد الرحمن الحنبلي في ثبته (منار الإسعاد في طريق الإسناد) [24].

 

[17] ذكرهما الشيخ محمد خليل المرادي في تاريخه (سلك الدرر في أعيان القرن الثاني عشر) الجزء الأول صفحة 25، وكحالة في معجم المؤلفين، 1/106.

[18] سلك الدرر 1/25 وإعلام النبلاء 6/434، ومعجم المؤلفين، 1/106.

[19] رآها الشيخ محمد راغب الطباخ وقال عنها: إنها تقع في مجلد واحد متوسط، وهي تدل على غزارة علمه وفضله. أقول: وقد حدثني عنها مفتي حلب شيخنا الشيخ محمد بلال وقال: إنها موجودة في دار الإفتاء بحلب لكني لم أرها.

[20] ذكرهما المرادي في سلك الدرر في الجزء الأول ص58 ونقل عنه الشيخ محمد راغب الطباخ.

[21] سلك الدرر 1/85 وإعلام النبلاء 6/435، ومعجم المؤلفين، 4/217.

[22] رآه الشيخ محمد راغب الطباخ بخطه وأخذ منع بعض التراجم وأثبتها في كتابه إعلام النبلاء.

[23] ذكر المحبي في زيل نفحته بعض هذه الأشعار، وهي في المديح النبوي والغزل والإخوانيات وغيرها.

[24] سلك الدرر 4/256 وإعلام النبلاء 6/479، ومعجم المؤلفين، 13/293، وله ترجمة في ثبت منار الإسعاد في طريق الإسناد لعبد الرحمن الحنبلي.