الإعلام عمن تولى إفتاء حلب من الأعلام (11)

المفتون في القرن التاسع الهجري

28- محمد بن مبارك البشناقي

800هـ 1397م

شمس الدين، محمد بن مبارك بن عمر البشناقي الحلبي الرومي الأصل الحنفي المذهب.

قدم حلب، وقرأ (الهداية) على ابن البرهان، كما أخذ عن شمس الدين محمد بن عثمان ابن الأفرم[1] ورحل إلى القاهرة، وأخذ عن علمائها ثم عاد إلى حلب، فأقام بها يفتي، ويدرّس، ويشتغل بالعلم مع الخير والسكون والوقار إلى أن وافته المنية بها، في الثالث عشر من رمضان، سنة: ثمانمائة للهجرة النبوية الشريفة [2].

29- شرف الدين موسى الأنصاري

748-803هـ

1347-1400م

شرف الدين، أبو البركات، موسى بن محمد بن محمد بن جمعة بن أبي بكر الأنصاري الحلبي الشافعي.

عالم فاضل، وفقيه متمكن، أخذ بحلب عن الإمام الأذرعي، ومحمد العراقي، وقدم دمشق سنة: سبعين، ودخل مصر وأخذ عن الآسناي والمنفلوطي، وسمع الحديث من جماعة، منهم أحمد بن محمد الأيكي المعروف بزغلش، ورجع وقد صار فاضلاً في الفنون، وفهم من كل علم طرفاً جيداً، وأدمن الاشتغال حتى مهر، وأفتى ودرس، وخطب بجامع حلب واشتهر، ثم ولي القضاء في زمن الملك الظاهر مراراً، ثم رحل إلى القاهرة، فسمع من الأسنوي والبلقيني وغيرهما، ولا يزال يدأب حتى حصل طرفاً جيداً من كل علم، وعاد إلى حلب، ودرّس في المدرسة الأسدية، والعصرونية[3]، وولي قضاءها، كما ولي خطابة الجامع الأموي الكبير فيها، ومهر في الفقه حتى تصدّر للإفتاء، وكان قاضياً ديّناً فاضلاً عفيفاً، كثير الخير والحياء، ولا يواجه أحداً بمكروه، له (شرح الغاية القصوى) للبيضاوي[4].أسره تيمورلنك لدى دخوله حلب، ثم أطلق سراحه بعد فترة، فرجع وهو متوعك، فتوجه إلى بلدة أريحا [5] ليستجم، فوافته المنية هناك، في الثامن من رمضان، سنة: 803هــ، فنقل إلى حلب ودفن فيها [6].

30 - محمد بن أحمد المقري "ابن الدكن"

803هـ 1400م

الشيخ الإمام شمس الدين، محمد بن أحمد بن علي بن سليمان المقري الحلبي الشافعي الشهير بابن الدكن [7].

إمام عالم، وفقيه مصنف، تفقه على تاج الدين ابن الدريهم، وعلى القاضي تاج الدين السبكي، وتبغ ودرّس وأفتى وصنّف، كما تولى الخطابة بجامع حلب الكبير، له من المؤلفات:

1- بهجة السرور في غرائب المنظوم والمنثور [8].

2- روضة الأخيار في غرر الحكايات والأخبار [9].

3- الدرة الخفية في ألفاظ العربية.

4- الذبالة المضيئة في إيضاح الدرة الخفية [10].

وكان المترجم له عالماً صالحاً، مات في الفتنة التيمورية، سنة: ثلاث وثمانمائة [11].

31- يوسف بن موسى الجمال الملطي

725-803 هـ

1324-1400 م

أبو المحاسن الجمال يوسف بن موسى بن محمد بن أحمد بن أبي بكر بن الشرف الملطي الحنفي.

عالم فقيه حنفي، أصله من (خرت برت) [12] ومولده بملطية[13]، قدم حلب في شبابه وتفقه على شيوخها، وحفظ القرآن وكثيراً من المتون، ثم رحل إلى مصر، فأخذ العلم عن جماعة من علمائها كالقوّام - شارح الهداية- والعلاء التركماني، والعز بن جماعة، ومغلطاي وغيرهم، ثم عاد إلى حلب، وقد انتهت إليه رياسة الحنفية، فشغل الطلاب وأفتى ودرّس، وكان يكتب في كل يوم على خمسين فتوى بدون مطالعة؛ لقوة استحضاره.

وتولى القضاء بحلب فحمده بعض الناس، وذمه آخرون، ونسبوا إليه أنه يفتي بما يخالف الشرع، ويجمع المال من الناس بالحيلة، إلا ابن خطيب الناصرية قال: (إنه كان فاضلاً، كثير الاشتغال والإشغال)، وذكر موقفه من تيمورلنك الذي أراده على إصدار فتوى بمشاطرة الناس في أموالهم فقال الملطي: (إن كنتم تفعلون بالشوكة [14] فالأمر لكم، وأما نحن فلا نفتي بهذا ولا نحل أن يعمل به في الإسلام..).

ولعل هذا الموقف المعدود في حسناته يمحو ما نقل عنه من الفتاوى وتحصيل الأموال، ولعل الدافع على التحامل عليه العداوة الشخصية، والله أعلم.

ترك المترجم من المؤلفات كتاب (المعتصر من المختصر)[15] اختصر فيه كتاب (معاني الآثار) للطحاوي [16] في الفقه الحنفي [17].

توفي في الثامن عشر من ربيع الآخر، سنة: ثلاث وثمانمائة للهجرة النبوية الشريفة[18].

 

[1] في الدرر (ابن الأقرب)

[2] الدرر الكامنة 4/153 ترجمة رقم 404، وفيه اسمه محمد بن مبارك بن عثمان السافي، وفي الهامش السقافي، وعنه نقل الشيخ الطباخ في إعلام النبلاء 5: 6، وإنباء الغمر 2/32.

[3] المدرسة العصرونية كانت داراً للوزير ابن أبي الثريا، فأخذها نور الدين زنكي وجعلها مدرسة بالوجه الشرعي، واستقدم لها ابن أبي عصرون ليكون ناظرها وشيخها، سنة: 550هـ، وكان موقعها جنوب جامع الحيات، ثم هدمت باقي آثارها سنة: 1343هـ، وبني مكانها دور للسكن، وانظر كتاب التعليم الشرعي في حلب ومدارسه في القرن الرابع عشر(للمؤلف).

[4] عبد الله بن عمر بن ناصر الدين البيضاوي، المتوفى سنة: 685هـ، علّامة، قاضٍ، مفسر، له (تفسير أنوار التنزيل وأسرار التأويل)، و(الغاية القصوى في دراية الفتوى) في فقه الشافعية. يُنْظَر: الأعلام، الزركلي، 4/110.

([5]) أريحا: بلدة شمال سورية، تقع في محافظة إدلب وتبعد عنها قرابة (13 كيلو متر) إلى الجنوب منها، وتعد المصيف الأفضل لسكان مدينة حلب؛ وذلك لارتفاعها ونقاء هوائها، تبعد عن حلب (80 كيلو متر) إلى الغرب على الطريق الذاهبة إلى اللاذقية. وانظر خارطة سورية الحديثة.

([6]) إنباء الغمر 2/195 وإعلام النبلاء 5/125.

[7] في الضوء اللامع: ابن الركن المقري وكذلك في الأعلام للزركلي، وفي هدية العارفين: محمد بن سليمان المعري.

[8] ذكره الزركلي في الأعلام، 5/330.

[9] رآه السخاوي وقال: "كتب على ظهره قريب له أنه مات مقتولاً شهيداً على يد تمرلنك لكونه لقيه بكلام شديد" ا.هـ الضوء اللامع، 7/12.

[10] ذكرهما البغدادي في هدية العارفين، 1/176.

[11] الضوء اللامع 7/12 وهدية العارفين 2/176، وفهرس المخطوطات المصورة 1/432، وإعلام النبلاء 5/130، الأعلام 5/330.

[12] خَرْتَ بِرْت: اسم أرمني لحصن يُعرف بـ (حصن زياد) يقع في أقصى ديار بكر، من بلاد الروم، بينه وبين ملطية مسير يومين، وهو اليوم من بلاد (تركية). يُنْظَر: معجم البلدان، 2/407.

[13] ملطية: بلدة من بلاد الروم تتاخم الشام، وهي من البلاد التركية اليوم. يُنْظَر: معجم البلدان، 5/223.

[14] الشوكة هنا تعني: القوة والقهر.

[15] طبع في بيروت في جزأين ونشر عالم الكتب بيروت لبنان

[16] أحمد بن محمد بن سلامة بن سلمة الأزدي الطحاوي: فقيه انتهت إليه رئاسة الحنفية بمصر، ولد ونشأ في بلد طحا في مصر، وانتقل إلى الشام، ثم عاد وتوفي في القاهرة سنة (321هـ/933م)، له العديد من المؤلفات، منها (شرح معاني الآثار)، و(أحكام القرآن)، و(مناقب أبي حنيفة)، وغيرها. يُنْظَر: الأعلام، الزركلي، 1/206.

[17] ذكره الشيخ راغب الطباخ في إعلامه، وقال: إنه طبع في مطبعة المعارف النظامية في حيدر أباد في الهند، ثم ذكر وصفه إلا أنه قال إنه لم يصله ولم يطلع عليه وانظر ما كتبه عنه في إعلام النبلاء 5/134 والزركلي في الأعلام، 8/254. (طبع أخيراً في بيروت في جزأين، نشر عالم الكتب بيروت لبنان، المؤلف)

[18] الضوء اللامع 10/335، وإنباء الغمر 2/196، وشذرات الذهب 7/4، وهدية العارفين، 2/588، وإعلام النبلاء 5/133، والأعلام 8/254.