أسئلة بيانية (27) اختلاف وصف القوم في آيتَي: (فلا تأسَ على القوم)

لماذا قال تعالى في سورة المائدة: ﴿فَلَا تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ [المائدة: 26]. وقال في السورة نفسها: ﴿فَلَا تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ [المائدة: 68].

الجواب:

إنَّ الآية الأولى قالها ربنا جل وعلا في قوم موسى عليه السلام الذين نكلوا عن قتال الجبَّارين، وقالوا: ﴿قَالُوا يَا مُوسَى إِنَّا لَنْ نَدْخُلَهَا أَبَدًا مَا دَامُوا فِيهَا فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلَا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ * قَالَ رَبِّ إِنِّي لَا أَمْلِكُ إِلَّا نَفْسِي وَأَخِي فَافْرُقْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ * قَالَ فَإِنَّهَا مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِمْ أَرْبَعِينَ سَنَةً يَتِيهُونَ فِي الْأَرْضِ فَلَا تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ [المائدة: 24-26].

وقوم موسى عليه السلام ليسوا كافرين، وإنما هم فاسقون لمخالفة أمر الله تعالى في القتال، ثم إن هذا الوصف مجانس لما وصفهم به موسى عليه السلام بقوله: ﴿فَافْرُقْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ [المائدة: 25]، فقال له ربه: ﴿فَلَا تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ [المائدة: 26].

وأما الآية الثانية فهي خطاب لرسوله محمد صلى الله عليه وآله وسلم بخصوص أهل الكتاب الذين لم يؤمنوا به، قال تعالى: ﴿قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لَسْتُمْ عَلَى شَيْءٍ حَتَّى تُقِيمُوا التَّوْرَاةَ وَالْإِنْجِيلَ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ طُغْيَانًا وَكُفْرًا فَلَا تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْكَافِرِينَ [المائدة: 68].

وهؤلاء كافرون فإنهم لم يؤمنوا برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وقد قال الله تعالى في هذه الآية: ﴿وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيرًا مِنْهُمْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ طُغْيَانًا وَكُفْرًا [المائدة: 64]، فذكر أنه يزيدهم ما أُنزل إليه طغياناً وكفراً، فقال فيهم: ﴿فَلَا تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ [المائدة: 26].

 

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين