إلى ...قاضي عسكر

عبد الله زنجير
أول جريمة في التاريخ أخ قتل أخاه ، و آخر جريمة نراها رئيس يقتل شعبه ! لا يمكنك عد الشهداء في الحي الحلبي ( قاضي عسكر ) الأصغر مساحة و الأكبر سماحة ، لأن مجازره متوالية و السفاح لا يرتوي . في 8 / 8 / 2012 م كانت مجزرة مروعة بجانب جامع آغاجق ، وفي 16 / 8 / 2012 م حصلت مجزرة المخبز الشهيرة ، وفي 19 / 8 / 2012 م انهارت إحدى العمارات - بسبب القصف - فوق رؤوس سكانها ، و في 24 / 8 / 2012 م مجزرة ( المقبرة ) التي قتلوا الأموات فيها ثانية ، ففي ( سورية الأسد ) لا أمان للإنسان حتى في قبره
على بعد أكيال قليلة شرقي قلعة حلب و بعيد محلة قارلق ، في أرض خصبة كانت مقرا لقضاء الألوية العثمانية ، و بالوسط من أحياء جب القبة و كرم القاطرجي و الشعار و ثكنة هنانو ، يوجد حي ( قاضي عسكر ) العصي على العصا .. في بواكير عمري و برفقة إخوتي ، ذهب بنا والدي - رحمه الله - أكثر من مرة إلى سوق الجمعة ، كان موقعه هناك و بمحاذاته تقع تربة الشيخ سعود ، زرنا فيها قبر شيخه الأثير ( محمد نجيب سراج الدين ) المتوفى سنة 1954 م ، كان أبي يحبه كثيرا و يعلق صورته في غرفة الضيوف . أيضا في قاضي عسكر ولد الشيخ الداعية عبد الله ناصح علوان عام 1928 م ، و دفن في ثراها الشيخ العلامة مفتي الشافعية أسعد عبه جي سنة 1973 م
في سن السابعة تقريبا صليت الجمعة مع أبي بجامع سليمان آغا ، كان الشيخ عبد الله سراج الدين - رحمة الله عليه - خطيبا له ، يقرأ حديثا نبويا واحدا أو أكثر ثم يختم بالدعاء ، ومن شاء الاستزادة يجلس للدرس بعد الصلاة ، إنها مئنة الفقه !! مع تفجر الثورة ضد الأسد الأب في الثمانينيات ، كانوا يكدسون الشهداء الذين يقتلونهم في ( مقبرة القطانة ) على أطراف الحي ، أخبرني بذلك عدد من الناس وقتئذ . و قد ذهبت مرة مع صديقي أنس لزيارة الشهيد وليد عطار و التعرف على مثواه ، رأينا الكثير من الحفر الجاهزة أو المردومة حديثا ، و على قرب المقبرة كانت هناك مدرسة كبيرة احتلتها سرية للوحدات الخاصة ، فغادرنا مسرعين
في أخبار حلب ، أن مظاهرات قاضي عسكر كانت في الليل و النهار ، وأن شهداء هذا الحي لا حصر لهم وأنهم - بإذن ربهم - أحياء يرزقون . قرأت من أسمائهم ، الشهيدة هيفاء أكتع ، و زينب الشواح ، و توفيق لبابيدي ، و عبد القادر حمدو ، و عبد القادر جبسة ، و عبد القادر حطاب ، و يوسف قطان ، و محمد ديب ، و أحمد مح ، و موسى العمر ، و حذيفة جرادة ، و زهير جرادة ، و خالد جودة ، و رجب جبريني ، و مصطفى خلوف ، و أحمد إدلبي ، و أحمد حبو ، و محمد نحاس . قرأت من أسماء أطفالهم ، الشهيدة آلاء مغربي و شقيقها محمد ، و محمد جبريني ، و محمد زهران

إلى فضيلة ( قاضي عسكر ) الحنفي : هل تعلمون أن في عقائد زرداشت الفارسي و بوذا الهندي و كونفوشيوس الصيني و لاوتسي الياباني ، ما يبيح الذبح هكذا ؟؟ تبسم طيفه قائلا : إذا الشعب يوما أراد الحياة / فلا بد أن يستجيب القدر

<iframe width="420" height="315" src="http://www.youtube.com/embed/H5GmaZYGzHg" frameborder="0" allowfullscreen></iframe>

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين