أمانة المجاهدين في الحروب

رجال ومواقف: أمانة المجاهدين في الحروب

 

حيدر الغدير

(1)

أسامة – زيد – صوت منادي

أسامة: اللهم لك الحمد على ما أعطيتَ وأوْلَيت.. إنه لَنصرٌ عظيمٌ هذا الذي أحرزناه على الفُرس يا زيد.

زيد: أي والله يا أسامة، نصرٌ عظيمٌ، جِدُّ عظيمٍ.. يا سبحان الله! من كان يحسب أن بوسعنا هزيمة الفرس لولا هذا الإسلام الذي أكرمنا الله به؟

أسامة: لا أحد قط.. لقد كان لهؤلاء الفرس في نفوسنا هيبةٌ عظيمة يا زيد أيام جاهليتنا.

زيد: هيبةٌ وأيُّ هيبة!..

أسامة: والله إنَّ هيبتَهم لنا اليوم أضعاف هيبتنا لهم بالأمس.

زيد: وهو فضل الله علينا ورحمته.

أسامة: يا سبحان الله!.. ما كان الواحد منا يحلم أن يدخل المدائن زائراً من قبل.

زيد: وها نحن اليوم ندخلها بفضل الله فاتحين. ها هي ذي المدائن بين يدَيِ المسلمين، ليس فيها كسرى، ولا حاشية كسرى.

أسامة: إن الأرض لله يورِثها من يشاء من عباده.

زيد: والعاقبة للمتقين.

أسامة: اللهم اجعلنا من المتقين.

زيد: اللهم آمين. "صمت قصير"

صوت: "ينادي" يا معشر المسلمين!.. إن أميركم سعد بن أبي وقاص يدعوكم أن تذهبوا إلى صاحب الأقباض لتدفعوا إليه ما وقع بين أيديكم من المغانم.

زيد: "متسائلاً" سمعتَ يا أسامة؟

أسامة: أجل يا زيد.

زيد: فإني ذاهبٌ إلى صاحب الأقباض أدفع إليه دروعاً وأسيافاً غنمتها.. إني ذاهبٌ الآن إلى خيمتي من أجل ذلك.

أسامة: وإنَّ في خيمتي كذلك ما عليَّ أن أدفعه إلى صاحب الأقباض..

زيد: وما هو؟

أسامة: شيء من الذهب أصبته أول دخولنا المدائن.

زيد: على بركة الله.

أسامة: فلنسرع الآن، استجابةً لطلب الأمير سعد بن أبي وقاص. هيا بنا.

زيد: هيا بنا. "حركة وجَلَبة"

 

(2)

مجموعة من المسلمين منهم صاحب الأقباض

– أسامة – زيد – عامر بن عبد القيس

صاحب الأقباض: يا معشر المسلمين!.. ادفعوا إليَّ ما غنمتم، فقد سمعتم نداء أميرنا سعد بن أبي وقاص.

الأول: خذ، هذه سجادة وقعت بيدي. "صوت شيء يوضع"

صاحب الأقباض: بارك الله فيك وجزاك خيراً.

الثاني: يا صاحب الأقباض، إليك هذا الدرع الثمين. "صوت شيء يوضع"

صاحب الأقباض: بارك الله فيك يا أخا الإسلام وأجزلَ لك الثواب.

الثالث: وإليك هذه المجموعة من الثياب الثمينة. "شيء يوضع"

صاحب الأقباض: إنها لثيابٌ ثمينة.. جزاك الله خيراً أن أدَّيتَها يا أخا الإسلام.

الثالث: وجزاك أيضاً.. كأنك عجبتَ أن أدَّيتُ هذه الثياب الغالية.. والله الذي لا إله إلا هو لو كانت أضعاف ذلك لأديتُها بعد أن سمعتُ منادي الأمير.

صاحب الأقباض: بارك الله فيك.. "صمت قصير" يا معشر المسلمين!.. هلموا إليَّ بما غنمتم، وأسرعوا.. إن سعد بن أبي وقاص سيضع هذه المغانم حيث أمره الله.. وإن كثيراً منها مردود إليكم.. فبالله إلّا ما أسرعتم.

الثالث: يا صاحب الأقباض، إنا مؤدُّون إليك كل ما وقع بين أيدينا من مغانم بالغةً ما بَلَغَتْ، حتى ولو كنا مستيقنين أن الأمير سعد بن أبي وقاص لن يعطينا منها شيئاً.

صاحب الأقباض: بارك الله فيك يا أخا الإسلام. "خطى قادمة" وسّعوا أيها القوم فثَمَّة من يريد أن يدفع إليَّ شيئاً.

أسامة وزيد: "خطاهما تتضح" السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

المجموعة: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.

أسامة: تقدم يا زيد فادفع لصاحب الأقباض ما عندك.

زيد: هذه دروع وأسياف وقعت بيدي.. خذها إليك. "أشياء توضع"

أسامة: وهذا شيء من الذهب وقع بيدي أول دخولنا المدائن. "يوضَع"

صاحب الأقباض: إنكما رجُلان أمينان.

أسامة: نسأل الله تعالى القبول.

زيد: اللهم تقبَّل يا كريم.

      "خطى قادمة"

عامر: أوسعوا لي يا معشر المسلمين!.. يرحمكم الله.

أصوات مختلفة متداخلة: مرحباً بك يا أخا الإسلام –إنه صاحب غنيمة يريد دفعها إلى صاحب أقباضنا، وسِّعوا له يا قوم– أمَا والله إن المسلمين لَأُمناء.. لك الحمد يا رب على ما أوليت.

عامر: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

أصوات متداخلة: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.

عامر: يا صاحب الأقباض..

صاحب الأقباض: نعم يا أخي..

عامر: إليك هذا الحق، واحرص عليه فإنه نفيس.

               "صوت شيء بينهما"

صاحب الأقباض: دعني أفتحه وأنظُر.. "حركة" يا للعجب إنه جواهر نفيسة. "صمت" هل أخذتَ منه شيئاً؟

عامر: "في صوتٍ عاتب" أخذتُ شيئاً!؟ يغفر الله لك قولتك هذه. أمَا والله الذي لا إله إلا هو ربه لولا الله ما جئتكم به.

زيد: والله إن لهذا الرجلِ لَشأناً يا أسامة.

أسامة: صدقت يا زيد.. "في صوت عالٍ" بورك فيك أيها الرجل. إنَّ امرأً أدى مثل هذا الحق لَأمين. ترى من أنت؟

عامر: لا والله لا أخبركم لتحمدوني، ولا أخبر غيركم ليثنوا عليَّ، ولكني أحمد الله وأرضى بثوابه. أستودعكم الله.

      السلام عليكم. "صوت خطاه وهو ينصرف"

زيد: ترى أيعرفه أحدٌ منكم يا قوم؟

أصوات متداخلة: لا، لا نعرفه، لا يعرفه منا أحد.

الرجل الأول: فأنا أعرفه يا قوم.

زيد: "في عجلة ولهفة" ترى من هو يا أخا الإسلام؟

الرجل الأول: إنه عامر بن عبد قيس.

زيد: "في صوتٍ ذي رنين" عامر بن عبد قيس!.. عامر بن عبد قيس!.. سنفضي جميعاً إلى الموت. وسيفنى الحق وما فيه، لكن ثوابك يا عامر عند الله عز وجل عظيم جزيل.. لقد أدَّيتَ الأمانة، وحرصت ما استطعت أن تستخفي بما فعلت طلباً لمرضاة الله جل جلاله، لقد آثرت ما يبقى على ما يفنى، وإنك أنت الرابح يا عامر.

جميع المقالات المنشورة تعبِّر عن رأي كُتَّابها ولا تعبِر بالضرورة عن رأي رابطة العلماء السوريين